الرئاسة اللبنانية تتحدث عن تقدم مع «النقد الدولي»

عون مترئساً اجتماعاً مع وفد صندوق النقد الدولي في بعبدا أمس (الوكالة الوطنية)
عون مترئساً اجتماعاً مع وفد صندوق النقد الدولي في بعبدا أمس (الوكالة الوطنية)
TT

الرئاسة اللبنانية تتحدث عن تقدم مع «النقد الدولي»

عون مترئساً اجتماعاً مع وفد صندوق النقد الدولي في بعبدا أمس (الوكالة الوطنية)
عون مترئساً اجتماعاً مع وفد صندوق النقد الدولي في بعبدا أمس (الوكالة الوطنية)

بدأ وفد من «صندوق النقد الدولي» في بيروت أمس، جولة جديدة من المباحثات مع المسؤولين اللبنانيين تمتد لأسبوعين، في مسعى لبلورة اتفاق على خطة تعاف مالية واقتصادية، بعد شهر على زيارة وفد مصغر قام بتقييم العمل المنجز حتى الآن.
واستهل الوفد الذي يترأسه أرنستو راميريز مهمته في بيروت بلقاء الرئيس اللبناني ميشال عون، وفق ما أعلنت الرئاسة اللبنانية، مشيرة إلى أنه «جرى عرض المراحل التي قطعتها المفاوضات مع الحكومة اللبنانية، والرؤية التي يملكها الصندوق من أجل المساهمة في تخطي لبنان الأزمة التي يعاني منها». وأضافت: «اطلع الرئيس عون من السيد راميريز على نتائج الاتصالات القائمة مع الحكومة اللبنانية في موضوع خطة التعافي المالي والاقتصادي. ولاحظ الوفد تقدما في مسار المفاوضات من شأنه أن يؤدي إلى توقيع أولي على مذكرة تفاهم قبل التوقيع على العقد النهائي».
وتابع بيان الرئاسة: «طلب الوفد التزاماً من رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي ومجلس الوزراء، بالسير نحو إنجاز الإصلاحات المطلوبة للخطة كاملة، لا سيما منها إقرار (الكابيتال كونترول) وإدخال تعديلات على قانون السرية المصرفية، وإعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي بما في ذلك مصرف لبنان، ليكون على مستوى معايير الحوكمة».
وقال نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، الذي يترأس المفاوضات من الجانب اللبناني، لوكالة الصحافة الفرنسية أمس: «نأمل في التوصّل إلى اتفاق أولي في غضون أسبوعين من النقاشات».
وأعلن الصندوق في 11 فبراير (شباط) الماضي عن خريطة طريق عرضها على لبنان، مشدداً على أن «حجم الخسائر غير المسبوق في القطاع المالي يجب أن يعالج بطريقة شفافة (...) مع حماية صغار المودعين». وزار موفد مصغر من الوفد بيروت مطلع مارس (آذار) الحالي لمدة يومين، استطلع خلالها موقف المسؤولين اللبنانيين، وهدفت الزيارة إلى «تقييم العمل المنجز حتى الآن وتحديد الخطوات التالية الواجب اتخاذها للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج مع صندوق النقد الدولي».
وبدأت البعثة الافتراضية لصندوق النقد الدولي بالتواصل مع الجانب اللبناني منذ 24 يناير (كانون الثاني) وحتى 11 فبراير (شباط)، وقال المسؤولون اللبنانيون إن التواصل الافتراضي أحرز تقدماً جيداً في المحادثات.
ويكرّر صندوق النقد التأكيد على أنه لن يقدم أي دعم مالي طالما لم توافق الحكومة اللبنانية على مباشرة إصلاحات طموحة ضرورية لإخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية، على رأسها تصحيح الموازنة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإصلاح المؤسسات العامة والتصدي بحزم للفساد المستشري.
واتفق فريق صندوق النقد الدولي والفريق اللبناني المفاوض على «ضرورة إجراء إصلاحات في الاقتصاد الكلي تشمل إصلاح المالية العامة في المدى المتوسط، وإصلاح القطاع المالي، وتوحيد سعر الصرف، فضلا عن الإصلاحات الهيكلية، بما في ذلك الإصلاحات المتعلقة بتخفيف حدة الفقر، والحوكمة، والكهرباء». كما اتفق الجانبان في وقت سابق على تقدير حجم الخسائر المالية بـ69 مليار دولار، من دون التوافق بعد على كيفية توزيعها.
ويحول الانقسام السياسي والخلاف في وجهات النظر دون المضي قدماً في تطبيق الإصلاحات المطلوبة، خصوصاً إقرار اقتراح قانون لتقييد الودائع أو ما يُعرف بـ«الكابيتال كونترول».
ويقول فريق الصندوق إن هناك «حاجة إلى بعض التشريعات المطلوبة قبل رفع البرنامج إلى مجلس إدارة الصندوق للموافقة النهائية عليه». واتفق الطرفان في وقت سابق على أن أي تأخير في إجراء الإصلاحات والتشريعات اللازمة سيؤدي إلى رفع كلفة التصحيح الاقتصادي في المستقبل. وأوضح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عقب خروجه من جلسة تشريعية للبرلمان الثلاثاء أنّ الحكومة أضافت ملاحظات صندوق النقد على اقتراح قانون مطروح أمام البرلمان منذ شهرين. لكن البرلمان طلب مجدداً إحالته كمشروع قانون لدرسه. ورأى الخبير المالي مايك عازار أنّ هذا التباين بين البرلمان والحكومة قد يشكل «مؤشراً عما قد تؤول إليه الأمور لاحقاً»، بعدما أطاحت تباينات مماثلة بمفاوضات أجرتها الحكومة السابقة مع الصندوق.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.