«الوطني الحر» يخوض الانتخابات مع «الثنائي الشيعي» باستثناء جنوب لبنان

بري وباسيل في أحد لقاءاتهما السابقة (الوكالة المركزية)
بري وباسيل في أحد لقاءاتهما السابقة (الوكالة المركزية)
TT

«الوطني الحر» يخوض الانتخابات مع «الثنائي الشيعي» باستثناء جنوب لبنان

بري وباسيل في أحد لقاءاتهما السابقة (الوكالة المركزية)
بري وباسيل في أحد لقاءاتهما السابقة (الوكالة المركزية)

بعد أسابيع طويلة من النقاشات والمفاوضات وشد الحبال، حُسم التحالف انتخابياً بين «التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل، مع «الثنائي الشيعي» (حركة «أمل» و«حزب الله») في كل الدوائر في المحافظات اللبنانية، باستثناء دوائر الجنوب، وبالتحديد في دائرتي الجنوب الأولى التي تضم صيدا وجزين، والجنوب الثالثة التي تضم بنت جبيل -النبطية-ومرجعيون وحاصبيا، وهما دائرتان شهدتا منافسة بينهما في الانتخابات الماضية.
وهناك حوالي 7 مقاعد نيابية تتأثر بتحالف «الوطني الحر»- «الثنائي الشيعي»، أبرزها أحد المقاعد المسيحية في بيروت الثانية، والمقعد الشيعي في جبيل، إضافة للمقاعد المسيحية في كل من بعبدا، والبقاع الشمالي، والبقاع الغربي، وزحلة، والجنوب الثالثة.
وبعد تراشق عنيف بين «أمل»، بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، و«الوطني الحر» خلال الفترة الماضية، ارتفعت حدته كثيراً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بدا واضحاً قبل نحو شهر ونصف شهر أن هناك تعليمات حزبية واضحة من قبل الطرفين لنوابهم ومناصريهم لوقف السجال، مع انطلاق مفاوضات التحالف الانتخابي.
وحاول باسيل مؤخراً الرد على منتقدي تحالفه مع «أمل»، فأقر بأن «التحالفات تؤمن الحواصل» الانتخابية؛ لكنه استدرك: «في النهاية بالصوت التفضيلي كل ينتخب نوابه، ناسهم يأتون بنوابهم وناسنا يأتون بنوابنا». وقال: «صحيح نحن في القطار نفسه؛ لكن كلاً منا في مقصورة، وعلى الطريق لكل منا نافذته ومشهده، وعندما نصل إلى المحطة يذهب كل واحد بطريقه». ولم يقنع خطاب باسيل هذا كثيراً من مناصري «التيار» وقيادتهم الذين لطالما اتهموا «أمل» بكونها «رأس المنظومة» التي يحاربونها؛ تماماً كما لم يقتنع كثير من مناصري «أمل» بوجوب التحالف انتخابياً مع «الوطني الحر» الذي يعتبرونه «عدواً لدوداً» بالسياسة.
وأقرت مصادر قريبة من «أمل» بأن «العمل لا يزال جارياً لإقناع (القاعدة) بأهمية هذا التحالف وأسبابه الموجبة، ويتم ذلك من خلال حلقات تثقيفية وحوارية»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المشكلة الأساسية التي يواجهونها هي إقناع جمهورهم في دائرة بعبدا؛ حيث للوضع حساسية معينة بموضوع الترشيحات بخلاف بقية الدوائر».
من جهته، يرد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون، عما إذا كانت لديهم مصلحة انتخابية حصراً بالتحالف مع «الثنائي الشيعي» أم أنها مصلحة سياسية أيضاً، بالقول: «التحالف مع الثنائي لا يمكن تجزئته، بما أنهم جسم واحد في كتلتين؛ خصوصاً انتخابياً. وبالتالي، لا يمكن التعاطي معهما بالمفرق. لذلك، التحالف هو أولاً انتخابي بحكم ما يفرضه القانون من اعتبارات حواصل تستدعي وجود أكثر من فريق على اللائحة نفسها، دون أن يمنع التلاقي بملفات سياسية أخرى».
ويشدد عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «التيار لم يعد جزءاً من أي أكثرية تلقائياً، وهو سيشكّل كتلته ويتعاطى مع كل الأفرقاء في المرحلة المقبلة على القطعة». ورداً على سؤال عما إذا كانوا يجدون صعوبة في إقناع جمهورهم بالتحالف مع «أمل»، لا ينكر عون أن «السجالات السياسية والاختلافات في أكثر من محطة وملف أثّرت على جمهور التيار الوطني الحر؛ لكنه (الجمهور) تفهّم الاعتبارات الانتخابية والسياسية التي تدعو إلى هذا الخيار في لحظة استهداف التيار وعزله».
ويعتبر الخبير الانتخابي ربيع الهبر، أنه لا يمكن التعميم بأن التحالف بين «التيار الوطني الحر» و«الثنائي الشيعي» مصلحة انتخابية حصراً للأول، وإلا لماذا وافقت حركة «أمل» على التحالف، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التحالف مع «التيار» مصلحة لـ«الثنائي» لو كان قد حصل في الجنوب الأولى (صيدا- جزين) كما هو مصلحة له في جبل لبنان الأولى، وبالتحديد في جبيل، بالمقابل التحالف الانتخابي مع «الثنائي» مصلحة لـ«التيار» في بقية الدوائر؛ حيث يوجد الطرفان وخصوصاً في زحلة مثلاً؛ حيث لا يستطيع التيار تأمين مقعد من دون «الثنائي»؛ تماماً كما في بعلبك- الهرمل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.