بلينكن من الجزائر: «آلام» الحرب في أوكرانيا امتدت للمنطقة العربية

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمره الصحافي في الجزائر (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمره الصحافي في الجزائر (رويترز)
TT

بلينكن من الجزائر: «آلام» الحرب في أوكرانيا امتدت للمنطقة العربية

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمره الصحافي في الجزائر (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمره الصحافي في الجزائر (رويترز)

أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في ختام زيارته للجزائر، اليوم (الأربعاء)، أن «آلام» الغزو الروسي لأوكرانيا امتدت إلى العالم العربي بارتفاع أسعار القمح، داعياً دول المنطقة إلى الوقوف مع «الضحية والمبادئ».
وقال، في مؤتمر صحافي: «في حالة أوكرانيا خصوصاً، المعتدي واضح والضحية واضحة، من المهم الوقوف إلى جانب الضحية والوقوف إلى جانب المبادئ التي تم انتهاكها أيضاً». وأضاف بعد إنهائه جولة في الشرق الأوسط التقى فيها العديد من المسؤولين العرب والإسرائيليين: «على جميع البلدان في جميع أنحاء العالم أن تهتم بالمبادئ المتعلقة بالسيادة والاستقلال، وأعلم أن هذا شيء يشعر به الجزائريون بقوة في تاريخهم. وأعتقد أن دولاً في المنطقة قد شهدت أيضاً الآثار المدمرة للحملات العسكرية الروسية من قبل في سوريا وليبيا».
وأنهى بلينكن زيارة للجزائر، حليفة موسكو وأحد أكبر منتجي الغاز، التقى خلالها وزير الخارجية رمطان لعمامرة، ثم استقبله الرئيس عبد المجيد تبون، بحضور وزراء الطاقة محمد عرقاب والزراعة عبد الحفيظ هني والبيئة سامية موالفي. وألقى الرئيس الجزائري خطاباً استمر نحو 20 دقيقة في حضور وزير الخارجية الأميركي ومرافقيه. واعتبر أنه حتى إن كان النزاع في أوكرانيا «يبدو بعيداً عن المنطقة» فإنه «يؤثر في حياة الناس في الوقت الحالي، ولا سيما فيما يتعلق بارتفاع أسعار المواد الغذائية، خاصة القمح. لذا فإن إحساسي بعد التحدث إلى الكثير من الزملاء خلال الأيام الماضية هو أن الكثير من آلامه محسوسة بشدة في هذه المنطقة».
وكان وزير الخارجية الأميركي وصل إلى الجزائر، صباح الأربعاء، آتياً من الجار المغرب، بينما العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مقطوعة بسبب إقامة الرباط علاقات مع إسرائيل مقابل اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء الغربية. وبسبب هذا الاعتراف أيضاً توترت العلاقات بين الولايات المتحدة والجزائر، خصوصاً في نهاية ولاية الرئيس السابق دونالد ترمب.
وبخصوص هذا الملف، قال بلينكن: «نحن نركز بشدة على الدبلوماسية وعلى تقديم حل من خلالها»، مؤكداً دعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل للنزاع. ومن تداعيات قطع العلاقات بين الجزائر والرباط، عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي الذي كانت تستخدمه الجزائر لتصدير الغاز إلى إسبانيا والبرتغال عبر المغرب.
وجدد بلينكن، في أثناء وجوده في المغرب، الثلاثاء، دعم المقترح المغربي لحل النزاع من خلال منح الإقليم حكماً ذاتياً تحت سيادة الرباط، معتبراً ذلك حلاً «واقعياً وجاداً وذا مصداقية». وهذه أول زيارة يقوم بها بلينكن إلى الجزائر بصفته وزيراً للخارجية. ووصل إليها بعد محطة في إسرائيل، حيث انضم إلى قمة جمعت وزراء خارجية دول عربية قامت بتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية.
وقبل الهبوط في مطار الجزائر، قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يائيل لمبرت، إن بلينكن ونظيره الجزائري «سيناقشان الأمن والاستقرار الإقليميين والتعاون التجاري ودعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية». ورغم أن الجزائر من أشد المؤيدين للفلسطينيين وتعارض بشدة التطبيع مع إسرائيل، صرّح بلينكن من الجزائر بأن واشنطن تدعم هذا التطبيع و«تعتزم تشجيع الدول الأخرى على الانضمام إليه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».