الرمادي تستقبل العائدين إليها دون تقديم أي خدمات

بينما «داعش» لا يزال يحتل أجزاء منها ويقصف أرجاءها

عراقية من أهالي الرمادي مع أطفالها لجأت إلى مسجد في حي الشرطة ببغداد (أ.ب)
عراقية من أهالي الرمادي مع أطفالها لجأت إلى مسجد في حي الشرطة ببغداد (أ.ب)
TT

الرمادي تستقبل العائدين إليها دون تقديم أي خدمات

عراقية من أهالي الرمادي مع أطفالها لجأت إلى مسجد في حي الشرطة ببغداد (أ.ب)
عراقية من أهالي الرمادي مع أطفالها لجأت إلى مسجد في حي الشرطة ببغداد (أ.ب)

يعاني الآلاف من نازحي محافظة الأنبار العائدين إلى مناطقهم في مدينة الرمادي مركز المحافظة، من انعدام شبه تام في الخدمات الأساسية المتمثلة بمياه الشرب والطاقة الكهربائية والمراكز الصحية، والمشهد في مدينة الرمادي لأحوال النازحين كأنه صورة طبق الأصل عما كانوا يعانونه في مناطق النزوح في العاصمة بغداد حيث تحتشد العائلات العائدة من الهجرة المعاكسة، من بغداد إلى الرمادي، في المدارس والمساجد والدوائر الحكومية، فأغلب العائلات لم تتمكن من الوصول إلى مناطقها السكنية بسبب تواجد مسلحي داعش أو بسبب عزل المناطق التي أصبحت تحت مرمى نيران المسلحين وباتت ساحات للمعارك.
واعترف قائمقام قضاء الرمادي دلف الكبيسي لـ«الشرق الأوسط»» أنه «هناك نقص واضح وعجز في تقديم مساعدات تفي وحجم العائلات العائدة إلى مدينة الرمادي لأسباب كثيرة أهمها أن المعركة لم تحسم بعد في القضاء على تواجد مسلحي تنظيم داعش الذي يسيطر على المناطق المحيطة بمدينة الرمادي الأمر الذي يمنع وصول فرق مساعدات أو فرق هندسية لصيانة ما تم تدميره من مرافق ومنشآت خدمية».
وأضاف الكبيسي «هناك شحة كبيرة في إيصال مياه الشرب للكثير من الأحياء السكنية التي تتمتع الآن باستقرار أمني كبير، وذلك بسبب تكسر شبكات المياه في مناطق كثيرة نتيجة العمليات العسكرية وسقوط القذائف، فعندما نضخ المياه لمنطقة معينة وسط المدينة نلاحظ وصول كميات مياه الشرب بشكل قليل جدًا بسبب تسرب المياه في المناطق التي تعرضت للقصف، وإذا ما أردنا إصلاح تلك التكسرات نحتاج إلى فرق هندسية متخصصة بذلك والظروف الأمنية الآن لا تسمح بذلك، أما التيار الكهربائي فهو منعدم بالكامل ونحن نعتمد على المولدات الأهلية التي تعطي الطاقة الكهربائية لثماني ساعات في اليوم فقط بسبب الشحة الكبيرة في الوقود وعدم إمكانية توفرها بشكل يجعل من تشغيل المولدات الأهلية بشكل مستمر».
وعما يعانيه أهالي مدينة الرمادي العائدين والنازحين إليها بسبب شحة المستشفيات والمراكز الصحية قال الكبيسي «معظم المراكز الصحية في المدينة هي مغلقة بسبب عدم توفر الكوادر الطبية وهناك إغلاق تام للمستشفى الحكومي العام في مدينة الرمادي التي تسيطر عليها القطعات العسكرية بسبب قربه من تواجد مسلحي داعش، ولكننا قمنا بإيجاد مكان بديل لكادر المستشفى في مدينة الخالدية شرق الرمادي وهي في منتصف طريق العودة لنازحي الأنبار وقمنا بتهيئة فرق صحية لاستقبال الحالات المرضية التي يعاني منها العائدون من النزوح، إضافة إلى تهيئة ثلاث مراكز صحية داخل مدينة الرمادي لاستقبال الحالات المرضية، لكن تلك المراكز تعاني من عدم وجود كوادر طبية متخصصة».
يذكر أن مركز مدينة الرمادي استقبل أكثر من 4160 عائلة عادت من العاصمة بغداد بعد موجة النزوح الأخيرة التي شهدتها المدينة والتي سجلت رقمًا قياسيا على صعيد النزوح بتأريخ محافظة الأنبار.
مناطق حي الملعب وحي الورار ومناطق الشركة والقطانة والعزيزية في وسط مدينة الرمادي تشهد استقرارًا أمنيًا وسجلت عودة العائلات بشكل كبير إليها فأصبحت تلك المناطق بالنسبة لأهالي الأنبار مكانًا للنزوح أفضل من العيش في مدن عراقية تتطلب وجود كفيل من أجل بقاء النازحين فيها. وقال محمد سعدي النعيمي (36 عاما) وهو من النازحين العائدين من العاصمة بغداد إلى مدينة الرمادي لـ«الشرق الأوسط» بعد «أن تكفلنا أحد المسؤولين ودخلنا إلى بغداد لم نجد من يستقبلنا في مخيمات أو مكان لائق بل افترشنا الأرض مع زوجتي وأطفالي الأربعة وعانينا من البرد حيث عشنا لمدة أسبوعين في ذل ومهانة وقررت العودة إلى مدينتي بعد أن أصيبت زوجتي بضربة شمس وأولادي بأمراض جلدية»، وأضاف: «رغم أني لم أتمكن من العودة إلى منزلي في حي التأميم الذي يسيطر مسلحو تنظيم داعش عليه لحد الآن لكني أفضل البقاء بمدينتي».
وأضاف النعيمي «أنا أسكن الآن في إحدى المدارس التي خصصتها لنا حكومة الأنبار المحلية التي تقدم خدمات بسيطة لنا، ولكننا الآن نشعر بالطمأنينة هنا في الرمادي، خصوصًا بعد أن تمت عمليات خطف وقتل لنازحي الأنبار في بغداد أيام تواجدنا هناك مع الآلاف من النازحين حيث تلقينا تهديدات بالقتل من ميليشيات مسلحة طالبتنا بالرحيل من بغداد».
وفيما تستمر معاناة النازحين في مدينة الرمادي، تواصل القوات الأمنية العراقية صد هجمات مسلحي تنظيم داعش على أطراف مركز محافظة الأنبار، وقال فالح العيساوي نائب رئيس مجلس المحافظة لـ«الشرق الأوسط» بأن «اشتباكات اندلعت بين القوات الأمنية ومسلحي تنظيم داعش، في منطقة زنكورة (15كم غرب مدينة الرمادي)، وتم أثناء الاشتباكات التصدي لهجوم المسلحين ومنعهم من الاقتراب إلى مداخل مدينة الرمادي»، مضيفا أن «القوات الأمنية العراقية المشتركة تمكنت من قتل 15 من مسلحي داعش بينهم الإرهابي أبو عمر الجميلي أمير منطقة الشامية».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.