«مقعدٌ فارغٌ أرهقَهُ الضوء» لرشا أحمد

«مقعدٌ فارغٌ أرهقَهُ الضوء» لرشا أحمد
TT

«مقعدٌ فارغٌ أرهقَهُ الضوء» لرشا أحمد

«مقعدٌ فارغٌ أرهقَهُ الضوء» لرشا أحمد

صدر للزميلة رشا أحمد ديوان شعري جديد بعنوان «مقعدٌ فارغٌ أرهقَهُ الضَّوء» عن دار «ميريت» للنشر بالقاهرة، وهو الديوان الخامس لها بعد: «في ذات العشق» دار فضاءات الأردنية 2013. «ضجر الخسارات» دار الغشام العمانية 2014. «لم يكن إلا ماء قلبي» دار الغشام العمانية، «بضوء أكثر شحوباً» دار الفراشة الكويتية 2019.
يقع الديوان الجديد في 115 صفحة من القطع المتوسط، ويضم سبع قصائد طويلة تشكل مداخل شعرية لأجواء الديوان وهي: على بعد خطوة منك، ما زلت ممسكة بيدك، الخجولة من حبّة مطر، ضع نقطة في كف العراء، ثمة يد خفيفة للمطر، الجغرافيا في الأرجوحة، على بعد خطوتين من قلقي.
تدفع رشا أحمد بذاتها القلقة في الديوان إلى مواجهة شعرية تشكل حوارية خفية، ما بين ما قد مضى، وما هو راهن، وما سوف يأتي، وذلك في خطٍ موازٍ، يتضافر فيه الغياب والحضور ويتبادلان الأدوار والأقنعة، خاصة في أقصى اللحظات العاطفية، حيث مراودة الحب، هي نفسها مساءلة لمعنى الفقد، والحضور والغياب معاً.
لا تتسلح هذه الذات القلقة بشيء سوى الرغبة في معرفة الحقيقة والشعور بالأمان، لذلك تبحث عن نقطة التقاء تلتصق فيها بنفسها وموضوعها، وتظل تراوح في المسافة الخطرة، ما بين السفر والترحال داخل الذات والعالم، والشغف بالوصول إلى هذه النقطة المفتقدة، المسكونة بهواجس الحرية والحلم بالطمأنينة والملاذ المشمس، فيما تتراءى مناخات الطفولة واللعب تحت مظلة العائلة، واستعادة صورة الأم والأب، من جعبة الحياة الأخرى، وتبدو هذه المناخات أكثر دفئاً وحميمية كلما انفتحت عليها القصائد، وعايشتها كركيزة أساسية ومحور ارتكاز في محاولة الإمساك بهذه النقطة ومواصلة مغامرة الشعر والحياة.
ويكشف الديوان عن لغة سلسة، تعي إيقاع قصيدة النثر في بناء الصورة، والتعامل مع المعنى المتخفي وراء العلامات والرموز. أيضاً يبرز تضفير السؤال في نسيج الصورة، ليس كشفرة دلالية محددة، إنما كمعول للنفي والإثبات، يمنح اللغة اتساعاً وحيوية في بناء المشهد الشعري وتشكيله بصرياً في النصوص.
درست رشا أحمد الأدب الإنجليزي، وتخرجت في جامعة المنصورة بمصر، كما شاركت في أنطولوجيا شعرية بعنوان «سحر الشرق» صدرت عن دار الدراويش ببلغاريا مترجمة لكل من الإنجليزية والألمانية والهولندية، كما شاركت في أنطولوجيا شعرية بعنوان «شعراء البحر المتوسط» ضمن سلسلة «طريق الحرير».
من أجواء الديوان:
«لا بأس أن نتبادل القناعَ
في هذه اللحظة بالضبط
المسرحُ خاوٍ
والجوقة لا تجيدُ النطقَ
باللغة القديمة
هل تحب الآيس كريم
هل تتناوله ساخناً أحياناً
هل قلتُ لكَ:
الحروفُ مصيدتُنَا الأليفة
جرحنا المنتصبُ دوماً للأعلى
ابتسمْ...
لا شيءَ... إنه مائي
يطمئنُّ على دموعنا
هل لا تزال شهيَّة في فم المطر».
***
لا شيءَ...
لا جديدَ في غربال النّوم
ربما عاصفة من هذيانٍ
ربما مطرٌ موسميٌّ
ربما الحبُّ يسرق مني
اللغة والصورة
ربما ما زلتُ طفلة
تتهتهُ فوق سطح الكلام!



«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي
TT

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

«الأقلمة» و«العبور»... كتابان جديدان لنادية هناوي

عن مؤسسة أبجد للنشر والترجمة والتوزيع صدر حديثاً كتاب «أقلمة سرد الحيوان» للدكتورة نادية هناوي ويأتي استكمالاً لمشروعها في «الأقلمة السردية»، وكانت قد بدأته بكتابها «أقلمة المرويات التراثية» وأتبعته بكتابين هما «الأقلمة السردية من العصور الوسطى حتى القرن التاسع عشر» و«الأقلمة السردية: مخابرها الغربية - مناشئها الشرقية».

ويدور كتاب «أقلمة سرد الحيوان» في إطار النظرية السردية وما يجري في العالم من تطور في مجال دراسات الأقلمة، بغية الإفادة منها في دراسة تراث السرد العربي بكل ما فيه من نظم وتقاليد وأساليب وتقنيات، ترسيخاً لدوره التأصيلي في السرد الحديث والمعاصر، وتدليلاً على عالميته التي ترى المؤلفة أنها قد «حجبت بستر التبعية، بكل ما في الاتباع من تقريع الذات ودفن قابلياتها والتشكيك في قدراتها».

ويدخل هذا النوع من الدراسات في إطار نزعة ما بعد الإنسان التي ساهم بعض المفكرين والنقاد في تعزيزها. وممن تناولهم الكتاب بالدراسة الفيلسوف جاك دريدا بمقالته «الحيوان الذي أكون» وفيها رأى أن الحيوان يملك وجوداً متجانساً ومتناغماً مثلنا، وأن الملايين من الكائنات الأخرى تتطلب منا أن نبدأ في التعامل معها بجدية. واستعاد دريدا ما قاله ميشال دي مونتيني (1533 - 1592) حين كتب اعتذاراً إلى ريموند سيبوند، متسائلاً عن علاقته بقطته. فالقطة كيان حقيقي وتحديقها فيه تأمل وله معنى. أما جان فرنسوا ليوتار فطرح أسئلة كثيرة حول علم الأجناس وما هو غير إنساني وتساءل: «ماذا لو كان البشر بذاك الإدراك الحسي الإنساني في عملية إكراهية لتحويلهم إلى غير البشر؟ ماذا لو كان ما نعرف أنه مناسب للبشر قد أصبح ملائماً لغير البشر؟». ومن جهته افترض فرانسيس فوكوياما في كتابه «مستقبلنا ما بعد البشري» أن الإنسان في أصل تكوينه حيوان ثقافي، ومن المستحيل أن نتحدث عن حقوق الإنسان، وبالتالي عن العدالة والسياسة والفضيلة بصورة أكثر عمومية من دون أن يكون لدينا مفهوم ما عن ماهية البشر كنوع حي. فالبشر أحرار في صوغ سلوكياتهم الخاصة لأنهم حيوانات ثقافية قادرة على تعديل الذات، ومثلما أن الحيوانات تتصارع من أجل البقاء والاعتراف بالغلبة فكذلك البشر يتصارعون.

وتؤكد المؤلفة أن تبني المدرسة الأنجلوأميركية لنزعة ما بعد الإنسان، هو الذي وسّع مدارات علوم السرد ما بعد الكلاسيكية باتجاهات بشرية وغير بشرية، ويعد علم سرد الحيوان واحداً من تلك العلوم المستجدة وميداناً بحثياً يُختبر فيه كل ما هو نظري وإجرائي له صلة بعلاقة الإنسان بالحيوان من جهة ويتقارب أو يتداخل من جهة أخرى مع ميادين علمية أخرى، لعل أهمها علم البيئة من ناحية ما للإنسان من دور رئيس في دمار الطبيعة وتهديد نظامها الإحيائي النباتي والحيواني. ويساهم في ذلك كله ظهور جمعيات ومنظمات تدافع عن البيئة وتدعو إلى الرفق بالحيوان.

في السياق نفسه، صدر حديثاً عن المؤسسة نفسها كتاب آخر للدكتورة نادية هناوي بعنوان «العبور الأجناسي: الأشكال - الأنواع - القضايا»، ويعد الكتاب السادس فيما بحثته المؤلفة في هذه النظرية من قضايا وتفريعات بعد كتبها «نحو نظرية عابرة للأجناس» 2019 و«الطائر المكدود في البحث عن اليقين المفقود لعبد الرحمن طهمازي» 2021 و«غاليانو صياد الكلام والعبور الأجناسي» 2022 و«قصيدة النثر العابرة في مطولات الشاعر منصف الوهايبي» 2024 و«السونيت في شعر حسب الشيخ جعفر» 2023.