المعارضة السودانية تنفي وجود اتصالات مع العسكريين

تزامناً مع مظاهرات في محيط القصر الجمهوري

صورة لمظاهرات سابقة وسط الخرطوم ضد الحكم الحالي (رويترز)
صورة لمظاهرات سابقة وسط الخرطوم ضد الحكم الحالي (رويترز)
TT

المعارضة السودانية تنفي وجود اتصالات مع العسكريين

صورة لمظاهرات سابقة وسط الخرطوم ضد الحكم الحالي (رويترز)
صورة لمظاهرات سابقة وسط الخرطوم ضد الحكم الحالي (رويترز)

أكد تحالف المعارضة السودانية، «قوى الحرية والتغيير»، أمس، عدم وجود أي اتصالات مع العسكريين الحاكمين لمعالجة الأزمة في البلاد، محذراً في الوقت ذاته من انحدار سريع وكبير للأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد. وفي غضون ذلك فرقت قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع مظاهرات في محيط القصر الجمهوري وسط الخرطوم.
وقال عضو المكتب التنفيذي لقوى التغيير، جعفر حسن، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس إنه «لا يوجد أي تواصل بين قوى الحرية والتغيير مع المكون العسكري نهائياً». مضيفاً أنه «لا عودة للشراكة مع المكون العسكري، وليست هنالك أي فرصة لذلك، وقد تجاوزنا تلك المرحلة». وأكد أن تجربة الشراكة بين المدنيين والعسكريين، التي تمت وفقاً للوثيقة الدستورية بعد عزل النظام المعزول «فشلت، ولن نعود لها مرة أخرى».
وتابع حسن موضحاً أن الشعب السوداني «كان يأمل أن تؤدي مبادرة البعثة الأممية في البلاد إلى ممارسة ضغوط أكبر على العسكريين لإلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين». واتهم قادة الجيش بإعادة أعداد كبيرة من منسوبي النظام المعزول من «الإسلاميين» إلى الخدمة المدنية، وعُيِّن بعض منهم في مناصب حكام بعض الولايات. مشيراً إلى أن وحدة قوى الثورة لا يجب أن تكون بالضرورة تحت قيادة قوى الحرية والتغيير، ومؤكداً أنه لا سبيل لإنهاء الانقلاب العسكري إلا بوجود مركز مدني موحد يضم كل قوى الثورة.
في سياق ذلك، وجه حسن رسالة لدول الجوار بعدم التدخل ودعم السلطة الحالية، واتخاذ مواقف مساندة للشعب السوداني.
من جهتها، قالت عضوة المكتب التنفيذي للحرية والتغيير، سلمى النور، إن الأجهزة الأمنية ارتكبت تجاوزات خطيرة لحقوق الإنسان في مواجهة المتظاهرين السلميين، منذ الإجراءات التي أعلنها الجيش في 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأشارت إلى سقوط 91 قتيلاً بالرصاص الحي، وأكثر من 3000 مصاب، و13 حالة اعتداء جنسي موثقة، إضافة إلى استهداف ممنهج للصحافيين ومكاتب القنوات الفضائية.
كما أوضحت النور أن الخدمة المدنية شهدت إعادة كل كوادر حزب المؤتمر الوطني «المنحل»، الذين تم فصلهم بواسطة لجنة التفكيك، كما أبطلت كل القرارات الإدارية والقضائية، التي اتخذتها اللجنة في مواجهة النظام المعزول.
بدوره، قال القيادي بالتغيير، صديق الصادق المهدي، إن البلاد «فقدت كل المكاسب والإنجازات الاقتصادية، التي حققتها الحكومة الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء المستقيل، عبد الله حمدوك، بعد عودة السودان للتعاون الدولي». مضيفاً: «خسرنا 4 مليارات دولار عبارة عن مساعدات ودعم من الدول والمؤسسات المالية الدولية، ونحن في طريقنا إلى خسارة إعفاء ديون البلاد إذا لم يعد مسار الانتقال نحو الحكم المدني بحلول يوليو (تموز) المقبل».
وتابع المهدي موضحاً أن البلاد «تنحدر بشدة نحو الانهيار الاقتصادي والأمني والاجتماعي بسبب إجراءات الجيش»، مشيراً في هذا السياق إلى أن موازنة العام الحالي «غير قابلة للتحقق في ظل تدهور الأوضاع الحالية، وفقدانها الدعم الدولي، وستتجه البلاد إلى مصير أسوأ من الأوضاع الحالية».
في غضون ذلك، خرجت مظاهرات حاشدة في الخرطوم ومدن البلاد الأخرى، تضامناً مع الاعتداءات على المعلمين، وللمطالبة بعودة الجيش للثكنات وتسليم السلطة للمدنيين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».