الصدر «يفعّل» خطوط التفاوض مع الجميع... إلا «الإطار التنسيقي»

TT

الصدر «يفعّل» خطوط التفاوض مع الجميع... إلا «الإطار التنسيقي»

فعّل «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر كل خطوطه التفاوضية مع الكتل الصغيرة والمستقلين في البرلمان العراقي للحاق بجلسة غد (الأربعاء)، في محاولة لضمان نصاب الثلثين الكافي لعقد الجلسة وتمرير انتخاب رئيس للجمهورية.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن مفاوضي «التيار الصدري» فتحوا قنوات حوار مع نواب لم يكونوا جزءاً من مفاوضات ما قبل جلسة السبت الماضي، بالتزامن مع حراك مماثل من قادة «الإطار التنسيقي» لإقناع الصدر بـ«حل وسط» يجنبه الثلث المعطل ويجنبهم الذهاب إلى المعارضة.
وقاطع الجلسة معارضو الصدر في «الإطار التنسيقي» الذي يضم قوى وفصائل شيعية، فضلاً عن حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي رشح مجدداً الرئيس الحالي برهم صالح لشغل منصبه لولاية ثانية.
وتقول مصادر مطلعة إن ضغطاً إيرانياً ممنهجاً يمارس على «الإطار التنسيقي» لضمان الثلث المعطل لإجبار الصدر على القبول بالتوافق في تشكيل الحكومة الجديدة.
ويبدو أن الصدر يحاول الاستفادة من كل الفرص المتاحة لإكمال نصاب 220 نائباً في جلسة غد؛ بما في ذلك الجلوس مع أطراف سياسية بعيدة منه، ما دامت خارج دائرة «الإطار التنسيقي».
وكانت وسائل إعلام محلية تداولت معلومات غير مؤكدة عن «أخطاء ارتكبها مفاوضو الصدر في التحضير لجلسة السبت الماضي، بإهمال الحوار مع كتل سياسية ونواب مستقلين».
وكان من المفترض أن يلتقي مفاوضو الأغلبية بأحزاب ناشئة في البرلمان، بشأن التحضير لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، لكنهم لم يفعلوا. وكشفت «الشرق الأوسط»، أمس (الاثنين)، عن تغيير في مسار التفاوض لدى «التيار الصدري» عبر فتح قنوات حوار مع نواب مستقلين ضمن «البيئة النجفية»، لديهم حساسيات مع «التيار الصدري».
وقال مصدر مقرب من قيادة «الكتلة الصدرية» إن المفاوضات لا تستهدف ضم قوى جديدة للحكومة، بل مساعدة المستقلين على تمكين دورهم في المعارضة، فيما أكد أن «حسم مصير جلسة الأربعاء يعتمد على نتائج المفاوضات المكثفة الجارية حالياً». واستدرك: «حتى الساعات الأخيرة قبل موعد الجلسة، كل شيء وارد إلا القبول بالتوافق مع (الإطار)».
في المقابل، تفيد المعلومات الراشحة من «الإطار التنسيقي» بأنهم «قلقون من رد فعل الصدر في حال استمر مفعول الثلث المعطل»، فيما أكدت مصادر مقربة من زعيمين في «الإطار» أنهم «اقترحوا محاولة جديدة مع الصدر لإقناعه بالتفاهم». وقال سياسي شيعي: «(الإطار) أوفد بالفعل مفاوضين عنه إلى الصدر»، لكن من الواضح أن الحديث عن نتائج ملموسة لا يزال صعب المنال حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
لكن المصادر «الإطارية» أفادت بأن قيادات «الإطار» دخلت على خط التفاوض الصدري مع المستقلين، في محاولة لقطع الطريق على أي تفاهم بين الطرفين.
وقال نواب مستقلون، في وقت سابق، إنهم يتعرضون إلى «ضغوط هائلة»؛ وصلت إلى درجة التهديد أو الابتزاز، تحذرهم من حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
ومن الصعب توقع أي سيناريو في حال فشلت جلسة الأربعاء في انتخاب رئيس للجمهورية، فيما يتبقى نحو أسبوع ليدخل العراق حالة الفراغ الدستوري في 6 أبريل (نيسان) المقبل.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».