إسرائيل تغير سياستها إزاء «داعش»... وتجند 15 ألفاً لمواجهة الخطر

بعد عملية الخضيرة العاشرة خلال شهر

TT

إسرائيل تغير سياستها إزاء «داعش»... وتجند 15 ألفاً لمواجهة الخطر

أصدر رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بنيت، تعليماته لتغيير التعامل مع العناصر التي تنتمي إلى تنظيم «داعش»، وإنزال عقوبات شديدة على نشاطهم ومراقبة سلوكهم وحساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي، في أعقاب التيقن من أن أحد منفذي عملية إطلاق النار في الخضيرة ينتمي إلى التنظيم.
وتضمن ذلك أنه في حال عدم التمكن من كشفهم، أمر باللجوء إلى إصدار أوامر الاعتقال الإداري بحقهم. جاء ذلك إضافة إلى سلسلة قرارات أمنية بينها تجنيد 15 ألف عنصر للشرطة وحرس الحدود، لمواجهة خطر عمليات إضافية خلال شهر رمضان المبارك.
وقال بنيت، في ختام جلسة المشاورات لتقييم الأوضاع الأمنية التي عقدت الاثنين بمشاركة قادة مختلف الأجهزة الأمنية، إن «الوضع الراهن صار وضعاً جديداً يستلزم الاستعداد وتأقلم الأجهزة الأمنية مع الظروف الناشئة؛ حيث عناصر متطرفة من المجتمع العربي في إسرائيل يتم توجيهها خلال آيديولوجيا إسلاموية متطرفة، تنفذ عمليات إرهابية تودي بحياة البشر».
وكان شابان من مواطني إسرائيل العرب، سكان مدينة أم الفحم، أيمن وإبراهيم إغبارية، قد هاجما ركاب حافلة مدنية في مدينة الخضيرة الساحلية، في ساعة متأخرة من مساء الأحد، بإطلاق النار من 3 مسدسات كانا يحملانها، ثم قتلا شرطيين من حرس الحدود: الشابة شيرئيل أبو قراط، والشاب يزن فلاح، وهو عربي من الجليل، وخطفا سلاح أحدهما وواصلا إطلاق النار، فأصيب 8 أشخاص بينهم 3 جنود، قبل أن يتمكن رجال الشرطة الذين هرعوا إلى المكان من تصفيتهما.
وتبين أن أحد المهاجمين كان قد خطط للسفر إلى سوريا والانضمام إلى «داعش»؛ لكن أقرباءه أخبروا عنه فاعتُقل وحكم عليه بالسجن 18 شهراً. وأعرب عن ندمه، وتعهد أمام المحكمة بالابتعاد عن طريق «داعش».
وكانت هذه العملية الثانية التي ينفذها شاب داعشي من فلسطينيي 48، بعد عملية بئر السبع التي نفذت قبل 5 أيام، وقتل فيها 4 مواطنين إسرائيليين، وهي عاشر عملية تنفذ ضد إسرائيل في الشهر الأخير، بعدما نفذت 8 عمليات أخرى في القدس الشرقية والضفة الغربية.
وتبنى تنظيم «داعش» قبيل فجر أمس، الاثنين، عملية إطلاق النار. وجاء في بيان نشرته وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم: «قُتل عنصران من الشرطة اليهودية على الأقل، وأصيب آخرون بجروح، بهجوم انغماسي مزدوج لمقاتلي (الدولة الإسلامية)».
وقد حضر جلسة المشاورات لتقييم الأوضاع الأمنية التي عقدها بنيت، أمس، كل من وزير الدفاع، بيني غانتس، ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش، آفيف كوخافي، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، والمفتش العام للشرطة، كوبي شبتاي، ونائب المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية. واستعرض بنيت في بيان أبرز التوجيهات الصادرة للأجهزة الأمنية؛ حيث تمحورت حول مواصلة الجهود العملية، خلال القيام بعدة إجراءات منها القضائية والاقتصادية والاستخباراتية. وتقرر القيام بتحقيقات علنية وأخرى سرية، هدفها الحيلولة دون حدوث مزيد من الأحداث، والملاحقة القانونية للأشخاص الذين ساعدوا في تنفيذ العمليات. كما تقرر تعزيز انتشار قوات الأجهزة الأمنية، مع التركيز على مناطق الاحتكاك، بشكل فوري ولمدة شهرين. وأصدروا تعليمات بحمل السلاح لجميع جنود الجيش الإسرائيلي في الخدمة النظامية والاحتياطية.
وأمر بنيت باستخدام أوامر التقييد والاعتقالات الإدارية بحق العناصر التي وصفها رئيس الحكومة الإسرائيلية بـ«الإرهابية»؛ حيث سيتم توفير غطاء قضائي لإجراءات الاعتقال الإداري والتحقيقات السرية، إلى جانب تكثيف المراقبة على شبكات التواصل الاجتماعي، وملاحقة الجهات التي تقوم بالتحريض من وجهة النظر الإسرائيلية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقتها.
وقال بنيت إنه قرر في الوقت ذاته: «الحفاظ على لغة الحوار وتقويته مع قيادات جماهيرية وصناع رأي لدى الجمهور العربي، بهدف الحفاظ على الاستقرار»، بالإضافة «للاستمرار وتوسيع حملات مصادرة الأسلحة».
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية، أمس، عن الشروع في تجنيد 6 كتائب احتياط من قوات حرس الحدود، وذلك على خلفية تدهور الأوضاع الأمنية مؤخراً. كما يجري فحص الإمكانية القانونية والقضائية التي تجيز تجنيد 500 متطوع للعمل في سلك الشرطة، على خلفية التدهور الأخير للأوضاع الأمنية.
وسبق إعلان الشرطة قرار رئيس الأركان، كوخافي، تعزيز قوات الجيش على طول حدود الرابع من يونيو (حزيران) والخط الفاصل بين أراضي الـ48 والضفة الغربية، بعدة كتائب عسكرية، وذلك سعياً للسيطرة على الأوضاع ومنع تدهورها عشية شهر رمضان.
ومن جهة ثانية، أعلن الوزير غانتس تأجيل زيارته إلى الهند التي كانت مقررة اليوم، الثلاثاء، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد.
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد داهمت مدينة أم الفحم، واعتقلت 5 أشخاص، بينهم شقيق أحد منفذي عملية إطلاق النار في الخضيرة، بشبهة الضلوع في العملية. وادعت أنها ضبطت مسدساً وسلاحاً أوتوماتيكياً، وهواتف جوالة، ومستندات، وحواسيب، وخواتم، وكتباً لها علاقة بتنظيم «داعش». وقالت إنها تجري التحقيق فيما إذا كان المشتبه بهم ينتمون إلى تنظيم «داعش» الذي أعلن تبنيه للعملية.
الجدير ذكره أن عناصر اليمين المتطرف باشرت استغلال هذه العملية لتعزيز شعبيتها بين المواطنين. فأقامت مظاهرة كبيرة في الخضيرة أمس. وحضر عضو «الكنيست»، يتمار بن غفير إلى المدينة، واشتبك مع وزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، متهماً إياه بالتراخي مع المتطرفين. ودعا نواب إلى تسليح المواطنين. وقالت الشرطة إن عدد الذين تقدموا مؤخراً بطلبات حصول على ترخيص لحمل السلاح زاد بنسبة 700 في المائة.
وفي الضفة الغربية قامت ميليشيات المستوطنين المسلحة بعدة عمليات انتقامية ضد الفلسطينيين، في قضاء رام الله وفي نابلس. فأحرقوا سيارات وحطموا زجاج نوافذ.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.