لبنان يبحث إنشاء نظام تأمين ضد البطالة... من دون أموال

دراسات تؤكد أن نسبة العاطلين عن العمل لامست الـ50 %

TT

لبنان يبحث إنشاء نظام تأمين ضد البطالة... من دون أموال

تبحث اللجان النيابية في البرلمان اللبناني اقتراح قانون يقضي بإنشاء نظام تأمين ضد البطالة يؤمن دخلاً للعائلات التي توقف دخلها نتيجة فقدان معيلها لعمله، كما يؤمن استمرار العناية الطبية لأفراد العائلات لفترة محددة أو لحين تأمين عمل جديد وذلك بعدما بلغت نسب البطالة أرقاماً قياسية نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية العاصفة بالبلد منذ عام 2019.
وفي وقت تحدث أعضاء في لجنة الصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية التي أقرت الاقتراح الذي تقدم به النائبان بلال عبد الله وطوني فرنجية بعدما كانت عملت عليه وزيرة العمل السابقة لميا يمين، عن عدم وجود أرقام رسمية لعدد العاطلين عن العمل ونسبة البطالة، يرجح معنيون بالملف أن تكون هذه النسبة لامست الـ50 في المائة. وبحسب تصريحات سابقة لمسؤول دائرة المعلوماتية في وزارة العمل الباحث الاقتصادي زهير فياض فإنه وانطلاقاً من إحصاءات قامت بها دائرة الإحصاء المركزي ودراسات أعدتها مؤسسات خاصة، تم التوصل إلى رقم وسطي للبطالة بين منتصف العام الماضي والرّبع الأول من العام الجاري، تراوح بين 40 و50 في المائة من حجم القوى العاملة.
وقال رئيس اللجنة النيابية التي أقرت الاقتراح يوم الثلاثاء النائب عاصم عراجي إن «كل الموظفين الذين تركوا عملهم سيستفيدون من خلال هذا القانون من راتب وضمان صحي بحسب مدة عملهم»، موضحاً أنه «قبل أن يطرح على التصويت في الهيئة العامة لمجلس النواب سيمر في لجنتي الإدارة والعدل والمال والموازنة». ويقر عراجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «صعوبة الوضع المالي في المرحلة الحالية قد يجعل من الصعب تطبيقه بشكل فوري باعتبارنا سنحتاج لمساعدات دولية، لكن واجبنا كنواب بالنهاية أن نقر قوانين طويلة المدى وليس حصراً للمرحلة الراهنة».
من جهته، أوضح مقدم الاقتراح النائب بلال عبد الله أن «نظام التأمين ضد البطالة سيكون بمثابة نظام جديد من أنظمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يدعم صمود من يترك العمل لمرحلة معينة، تم وضعه بطريقة علمية ومدروسة بالتنسيق مع منظمة العمل الدولية» لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «يندرج بإطار السعي لتأمين الحد الأدنى من دولة الرعاية الاجتماعية في ظل الظروف الصعبة». أما عن التمويل، فقال عبد الله: «يتم تمويله كما كل الصناديق من اشتراكات العامل وصاحب العمل بضمانة الدولة».
وكان عبد الله وصف إقرار القانون بـ«الإنجاز الوطني الذي تم درسه بدقة لتأمين التوازن المالي» مؤكداً أنه «لا يؤدي إلى أي عبء إضافي على الصندوق ليستمر».
وبحسب نص القانون الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، يُعطى كل مضمون عاطل عن العمل تعويض بطالة يعادل نسبة من متوسط كسبه الشهري كالتالي: 70 في المائة خلال الشهر الأول، و50 في المائة خلال الشهر الثاني و40 في المائة خلال الأشهر المتبقية.
كما يُعطى التعويض لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وستة أشهر ضمن حد أقصى يعادل خمسة أضعاف الحد الأدنى الرسمي للأجور أو 8 أضعاف.
ويشكو الكثير من العمال مؤخراً من فرص عمل غير لائقة، تقوم على رواتب غير كافية ودوامات طويلة وانعدام التقديمات الصحية والتربوية. وبحسب الشركة «الدولية للمعلومات» أكثر من 95 في المائة من العاملين في لبنان يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية التي فقدت قيمتها مع تخطي سعر صرف الدولار الواحد عتبة الـ23 ألف ليرة لبنانية.
وبات كثير من اللبنانيين الذين كانوا يترددون في ممارسة أعمال معينة قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية والمالية عام 2019، لا يمانعون العمل مثلا في السوبرماركات الكبيرة بتعبئة الأكياس وحملها إلى سيارات الزبائن كما على محطات الوقود أو حتى في أعمال التنظيف داخل المنازل وتقديم خدمات التوصيل، وهي أعمال كانت حتى الأمس القريب حكراً على عمال أجانب سواء من بنغلاديش أو إثيوبيا أو سريلانكا وسوريا وغيرها من البلدان.
ويقول محمد سلام، وهو شاب لبناني ثلاثيني صُرف من عمله في إحدى شركات الملابس التي انعكس عليها سلبا الوضع الاقتصادي ما اضطرها للاستغناء عن الكثير من الموظفين، إنه بقي أشهراً طويلة من دون عمل بغياب أي مساعدة اجتماعية، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الخيار أمامي بعدما نفدت كل الأموال التي كانت بحوزتي، كان بين العمل في سوبرماركات في مساعدة الناس بحمل أغراضهم وبين اللجوء إلى الهجرة غير الشرعية إلى إحدى الدول الأوروبية حيث على الأرجح سأعمل في الوظيفة نفسها أو في جلي الصحون لذلك اخترت البقاء في وطني إلى جانب عائلتي».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.