الجزائر: بدء محاكمة وزيرة سابقة بـ«تهم فساد»

خليدة تومي (الشرق الأوسط)
خليدة تومي (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: بدء محاكمة وزيرة سابقة بـ«تهم فساد»

خليدة تومي (الشرق الأوسط)
خليدة تومي (الشرق الأوسط)

تبدأ محكمة الجنح في العاصمة الجزائرية، اليوم، سماع 53 شاهداً في محاكمة وزيرة الثقافة السابقة، خليدة تومي، المتهمة بـ«إهدار المال العام» خلال تنظيم تظاهرات ثقافية، والإنفاق على مشروعات سينمائية خلال 12 سنة من توليها المسؤولية، في عهد الرئيس السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019).
وينتمي غالبية الشهود لقطاع الثقافة والفنون، بينهم مسؤولو الدوائر المكلفون تنفيذ برامج التظاهرات، والمسؤولون المحليون والآمرون بالصرف، وآخرون موظفون في المحافظات التي شهدت الأحداث التاريخية التي التهمت -حسب النيابة- مئات المليارات «تم صرفها دون حسيب ولا رقيب».
وتتمثل هذه الأحداث في أنشطة «الجزائر عاصمة الثقافة العربية» عام 2007، و«المهرجان الأفريقي» عام 2009، و«تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية» في سنة 2011، إضافة إلى مشروع فيلم حول «الأمير عبد القادر»، قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي في القرن الـ19 الذي أوقف تصويره.
وجرت تحقيقات أمنية بخصوص موازنات هذه المشروعات الكبيرة، أثبتت -حسب النيابة- أن أموالاً ضخمة تم التلاعب بها واختلاس جزء منها. واتُّهمت تومي بأنها المسؤولة الأولى عن «إهدار المال العام».
ووُجِّهت للوزيرة سابقاً، ولمتهمين آخرين، هما مدير الثقافة بتلمسان ومدير الإدارة والوسائل بالوزارة، تهم ثقيلة تتعلق بـ«سوء استغلال الوظيفة، وتبديد المال العام، ومنح امتيازات غير مستحقة»، وهي أفعال يعاقب عليها «قانون مكافحة الفساد والوقاية منه».
وانطلقت المحاكمة الخميس بعد عدة تأجيلات، وتميزت بمرافعة طويلة لـ«الوزيرة الشقراء» عن نفسها؛ حيث أكدت أنها كانت تنفذ فقط أوامر رئيس الجمهورية بوتفليقة، وأنها كانت تسير دون التدخل في صندوق التسيير المركزي: «إذ لم تربطني أي علاقة بالأموال التي كانت تصرف في إطار التظاهرات والمهرجانات الثقافية. وبالمختصر سيدي القاضي، كنت وزيرة ولست مُسيِّرة تنفيذية».
وأفادت خليدة بأنها «كانت ضحية حملات إعلامية مهدت لاعتقالي وسجني، يقف وراءها أشخاص يتصرفون بناء على أوامر (لم تحدد أصحابها)... أشخاص يعادون المرأة بدافع مواقف وأفكار ومشروع ظلامي»؛ مبرزة أنها تملك أدلة على «مخطط استهدفني، تم إعداده من أطراف في السلطة»، من دون ذكر من هي هذه «الأطراف»، كما لم يطلب منها القاضي الكشف عنهم.
وأضافت الوزيرة الستينية أنها «ضحية أشخاص وضعوني نصب أعينهم منذ إطلاق مبادرة الشخصيات الـ19»، في إشارة إلى رسالة وقَّعها سياسيون عام 2015 رفعوها إلى الرئيس، يناشدونه فيها الخروج إلى العلن، لتأكيد ما إذا كان هو من يحكم في البلاد وهو من يتخذ القرارات. وكانت تومي من الموقعين عليها؛ علماً بأن بوتفليقة كان في تلك الفترة مريضاً مقعداً، وعاجزاً عن التحكم في أغلب حواسه بسبب إصابته بجلطة دماغية.
وأكدت تومي أنها وافقت على عرض بوتفليقة الانضمام إلى الحكومة عام 2002: «فقط بدافع تغيير النظام من الداخل، فقد كنت من قبل معارضة للنظام، وعندما أصبحت وزيرة بات هدفي المساعدة على إصلاح النظام من داخله، وتطوير قطاع الثقافة؛ لكني طلبت إعفائي من المسؤولية منذ 2014، عندما اتضح لي أن الرئيس غائب، وأن السلطة الشرعية انتقلت إلى سلطة موازية غامضة وخفية».
وصرح بوجمعة غشير، محامي الوزيرة، للصحافة، بأن «ملف خليدة تومي لا توجد به أي تهمة تتعلق بالاختلاس أو السرقة، أو تحويل أموال للخارج، أو التربح، أو محاباة الأقارب والأصدقاء بأي طريقة كانت، ولم يسبق لها أن أبرمت صفقة مع أي كان».
يشار إلى أن وزيرتين أخريين موجودتان في السجن منذ عامين، هما: جميلة تامزريت التي تولت حقيبة الصناعة، ودانها القضاء بالسجن 5 سنوات مع التنفيذ، وهدى فرعون وزيرة البريد سابقاً التي دانتها المحكمة بالسجن 3 سنوات مع التنفيذ. وكلتاهما ينتظرها محاكمات أخرى.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.