السودان: انتخاب أول لجنة تمهيدية لنقابة الصحافيين منذ 30 عاماً

TT

السودان: انتخاب أول لجنة تمهيدية لنقابة الصحافيين منذ 30 عاماً

في أجواء وصفها جل الحاضرين بأنها «ديموقراطية»، انتخب الصحفيون السودانيون أول لجنة تأسيسية تمهد لقيام نقابة الصحفيين، وذلك بعد أكثر من 30 عاما من حل آخر نقابة شرعية في البلاد، بعد استيلاء الرئيس المعزول عمر البشير على السلطة بانقلاب عسكري في يونيو (حزيران) 1989، وفي غضون ذلك حاول أشخاص مجهولو الهوية تخريب فعاليات الجمعية العمومية.
وعقدت الجمعية العمومية بالخرطوم اجتماعها أمس، بمشاركة أكثر من 600 صحافي من العاملين في الصحافة الورقية والقنوات التلفزيونية العالمية والمحلية والإذاعات، إلى جانب الوكالات الرسمية والمصورين.
وتتكون اللجنة المنتخبة من 15 عضواً، تمكنوا من إحراز غالبية الأصوات في العملية الانتخابية التي جرت بسلاسة، وشارك بالترشح والتصويت غالبية الحضور من الصحافيين، فيما شارك في الرقابة على الجمعية العمومية خبراء نقابيون، وممثلون من اللجان التمهيدية للأطباء والمحامين والمهندسين.
وعقب انتصار ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019، انقسم الوسط الصحفي إلى ثلاثة أجسام، قبل أن يتقدم صحافيون بمبادرة لتوحيد الكيانات، عبر عقد جمعية تتيح المشاركة لكل الصحفيين السودانيين بالداخل والخارج.
في غضون ذلك، تهجم شخص مجهول الهوية، يرجح صلته بالنظام المعزول، على الصحفيين في المنصة وهو يحمل سكينا، وحاول الاعتداء على الحاضرين، لكن تم التصدي له بقوة من قبل الصحفيين فلاذ بالفرار.
وسبق انعقاد الجمعية العمومية إجراءات حصر وتسجيل الصحفيين بداخل وخارج البلاد، استمرت أكثر من أسبوعين لضمان مشاركة أكبر عدد منهم، وتأسيس نقابة تمثل الجميع.
وشارك في الجمعية العمومية لتأسيس النقابة صحافيون وصحافيات، يمثلون أجيالا وأعمارا مختلفة في كل الوسائط الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة، من بينهم أعضاء في النقابة السابقة.
وقال عضو اللجنة التمهيدية المنتخب، الصحافي عبد الحميد عوض، إن انعقاد الجمعية العمومية للصحافيين السودانيين «هو يوم تاريخي للصحافة السودانية، لأن أكثر من 80 في المائة من المشاركين فيها حرموا من هذه التجربة، بعد التغييب المتعمد للنقابة في ظل النظام المعزول». مبرزا أن هذه «أول مرة أرشح فيها وأنتخب، وذلك بعد أكثر من 20 عاما من عملي في الصحافة»، واعتبر انتخاب اللجنة «خطوة كبيرة تمهد لاكتمال قيام أول نقابة للصحفيين في الشهور المقبلة».
ويتطلع عوض إلى أن تعمل اللجنة على تأسيس نقابة مهنية مستقلة مع بقية النقابات الأخرى في جميع القطاعات المهنية، تقف على مسافة واحدة من كل المنظومات السياسية والاجتماعية في البلاد، على أن تكون اللجنة التمهيدية منحازة لرغبات الشعب السوداني في تعزيز الحكم الراشد، وتصطف في الدفاع عن أي انتهاكات لحقوق الإنسان وحرية التعبير، وأن تكون نقابة الصحفيين جزءا من معركة لاسترداد ودعم التحول الديموقراطي والتداول السلمي للسلطة في البلاد، والقيام بدورها كسلطة رابعة في الرقابة على السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية.
من جهته، قال عضو اللجنة المنتخبة، أحمد خليل، إن انعقاد الجمعية العمومية للصحفيين «تم في وقت تمر فيها البلاد بأزمة سياسية، صاحبها كبت للحريات وتضييق على الصحافيين أثناء ممارسة عملهم، وانتخاب لجنة تمثل كل الصحفيين في هذا الوقت يمثل خط دفاع عن المهنة». مضيفا أن مهمة اللجنة المنتخبة تتمثل في التحضير لإجازة النظام الأساسي، وميثاق الشرف الصحفي، وحصر وتسجيل العضوية، والإشراف على عقد المؤتمر العام لانتخاب النقابة خلال فترة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر. موضحا أن اللجنة المشتركة التي تكونت من الأجسام الثلاثة وأشرفت على عقد الجمعية العمومية «استطاعت أن تقوم بعمل كبير بجمع غالبية الصحفيين العاملين في أجهزة الإعلام المختلفة للمشاركة في حقهم لتكوين النقابة».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».