مصادر لـ(«الشرق الأوسط»): تأسيس لواء «عسكري ـ شعبي» موالٍ للشرعية في حضرموت

مسلحو «القاعدة» يسيطرون على ميناء الشحر السمكي

أحد عناصر المقاومة الموالية للرئيس هادي في حالة تأهب في تعز أمس (إ.ب.أ)
أحد عناصر المقاومة الموالية للرئيس هادي في حالة تأهب في تعز أمس (إ.ب.أ)
TT

مصادر لـ(«الشرق الأوسط»): تأسيس لواء «عسكري ـ شعبي» موالٍ للشرعية في حضرموت

أحد عناصر المقاومة الموالية للرئيس هادي في حالة تأهب في تعز أمس (إ.ب.أ)
أحد عناصر المقاومة الموالية للرئيس هادي في حالة تأهب في تعز أمس (إ.ب.أ)

قالت مصادر محلية في محافظة حضرموت، لـ«الشرق الأوسط»، إن الطائرات الأميركية من دون طيار (الدرون) كثفت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية تحليقها على عدد من مدن المحافظة، حيث سبق أن استهدفت هذه الطائرات عددا من المطلوبين من عناصر تنظيم القاعدة. وفي هذه الأثناء، سيطر مسلحو تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، خلال اليومين الماضيين، على ميناء مدينة الشحر السمكي، شرق مدينة المكلا، في محافظة حضرموت، بصورة تثير الكثير من التساؤلات، كما هو الحال مع سيطرة التنظيم على مدينة المكلا، عاصمة المحافظة، مطلع الشهر الماضي. وجرت عملية السيطرة على الميناء بالتزامن مع عملية تسليم المؤسسات الحكومية في المكلا إلى المجلس الأهلي الحضرمي، في حين تستمر المساعي في حضرموت من أجل إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه.
وقالت مصادر محلية في الشحر، لـ«الشرق الأوسط»، إن 3 أطقم ومدرعة عسكرية يستقلها مسلحو تنظيم «أنصار الله» التابع لـ«القاعدة»، اقتحموا الميناء، أول من أمس، وسيطروا على مبناه الإداري ورصيفه. وبرر المسلحون الاستيلاء على الميناء بأن عددا من أهالي مدينة الشحر طلبوا منهم ذلك، بحجة أن الميناء «بات أكبر منافذ تهريب للمخدرات إلى المحافظة»، حسب تبريرهم. وكان الميناء، قبل سيطرة مسلحي «القاعدة»، يقع تحت سيطرة حلف قبائل حضرموت منذ انسحاب قوات الكتيبة الثالثة التابعة لـ«اللواء 27 ميكا»، وتسليم قائدها، مزهر بايعشوت، الميناء لحلف القبائل الذي كان يتولى إدارة الميناء خلال الأشهر الخمسة الماضية.
وقالت مصادر «الشرق الأوسط» إن عناصر «القاعدة» اجتمعوا بممثلي الجمعيات السمكية الأربع في المدينة، وطلبوا من كل جمعية تسمية شخصين للمشاركة في لجنة تتولى إدارة شؤون الميناء، فيما يتولى مقاتلو التنظيم الجانب الأمني. وتشير المعلومات إلى لقاء جمع المهندس عمر بن الشكل رئيس المجلس الأهلي بالمكلا، بالمجلس الأهلي في الشحر، سبق عملية سيطرة المتشددين على الميناء الذي تتخبط عملية إدارته من جهة إلى أخرى منذ بضعة أشهر، حيث أدى ذلك لعدد من المشكلات مع الصيادين، إضافة إلى أن عملية التسليم تمت عقب حملة إعلامية شرسة شنها عناصر تنظيم القاعدة عبر خطباء المساجد، على حلف قبائل حضرموت.
وبحسب مصدر محلي موثوق في المكلا لـ«الشرق الأوسط»، فإن «هناك شكوكا حول دور المجلس الأهلي بالمكلا في الفترة الراهنة، وسعيه الحثيث لعدم تسلم حلف قبائل حضرموت لزمام الأمور، ومحاولة تصويره الأمور بأنها على خير ما يرام». وأضاف المصدر أن «معظم من يديرون شؤون المجلس هم ممن ارتضاهم عناصر (القاعدة)، أو من يسمون أنفسهم (أبناء حضرموت)»، وذلك في إشارة إلى تنسيق بين المجلس وتلك الجماعة، غير أن المجلس الأهلي يؤكد أنه يسعى إلى إيجاد حل للأزمة الراهنة في المكلا، كي لا تتعرض المدينة والمحافظة للانهيار.
وتوجه معظم القوى السياسية والاجتماعية في محافظة حضرموت أصابع الاتهام إلى الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بالتورط في تسليم مدينة المكلا، ومناطق أخرى، إلى تنظيم القاعدة، وذلك من خلال أمر القوات الموالية له بالانسحاب من المحافظة إبان انطلاق عملية «عاصفة الحزم»، أواخر مارس (آذار) الماضي. وتناولت «الشرق الأوسط» بشكل مفصل، في تقارير سابقة، تطورات الأوضاع في حضرموت وكيف أسهم انسحاب القوات الموالية لصالح في السماح للمتشددين بالسيطرة على عاصمة المحافظة والاستيلاء على أكثر من 3 مليارات ريال يمني وملايين الدولارات، إضافة إلى كميات كبيرة وضخمة من الأسلحة.
إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة في وادي حضرموت أنه يجري، هذه الأيام، تأسيس لواء عسكري شعبي موال للشرعية الدستورية في منطقة الوادي. وقالت المصادر إن اللواء العسكري بدأ في استقبال المتطوعين من أبناء وادي حضرموت، إضافة إلى استقباله للعسكريين القدامى، سواء من المسرحين من أعمالهم قسرا أو من المتقاعدين دون السن القانونية. وذكرت المصادر أن اللواء العسكري الشعبي يشرف على تأسيسه اللواء عبد الرحيم عتيق، والعميد سالم عمر بالليل، بالتنسيق مع وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء. وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن اللواء العسكري الشعبي سوف تكون له مهام متعددة، منها ما يتعلق بمحاربة عناصر تنظيم القاعدة وانتشارهم في وادي حضرموت، أو في ما يتعلق بالمشاركة، في المناطق القريبة من مكان وجوده، في إسناد القوات الموالية للشرعية، ضد الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح، دون أن تتطرق إلى مزيد من التفاصيل حول خطة عمل اللواء المستقبلية وكيفية تحركه ومتى سيكون جاهزا.
على صعيد آخر، قال المجلس الأهلي بحضرموت إنه تسلم كمية الأسلحة من أجل المساهمة في حفظ الأمن في مدينة المكلا، عاصمة حضرموت، قبل تسلمها من عناصر تنظيم القاعدة. وأشار بيان صحافي، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إلى أن الأسلحة هي عبارة عن 60 سلاحا آليا (كلاشنيكوف). وقال مصدر في اللجنة الأمنية بالمجلس الأهلي «إن الأسلحة تم تسلمها من قبائل بالعبيد بمحافظة شبوة، بعد أن أنزلتها قوات التحالف الدولي بمنطقة شعبات آل هميم بالعبيد التابعة للقبيلة، وتم جمعها مع الذخائر التي أرسلت معها، ورأت القبيلة مشكورة تسليمها للمجلس الأهلي للاستعانة بها على حفظ المنشآت الحيوية بمدينة المكلا». وكان المجلس تسلم ممن يطلقون على أنفسهم تسمية «أبناء حضرموت» مبلغ مليار ريال يمني من أجل صرف المرتبات الضرورية للموظفين، وذلك بعد أن كان مسلحو التنظيم المتشدد أنكروا أن بحوزتهم الأموال التي نهبوها من البنوك، وقالوا أنها أحرقت في الغارات الجوية التي نفذها الطيران الأميركي على معاقلهم عقب سيطرتهم على المكلا، مطلع الشهر الماضي.
ويثير استمرار سيطرة عناصر «القاعدة» على مدينة المكلا وأجزاء من محافظة حضرموت حفيظة السكان، حيث خرجت، قبل عدة ليال، مظاهرة شبابية عفوية وسط مدينة المكلا ضد هذا الوجود غير الشرعي، خاصة أن المتشددين حاولوا فرض نظام أشبه بـ«الإمارة الإسلامية» التي يعتقدونها ويزعمونها على سكان مدينة المكلا، التي تعد ثاني مدن جنوب اليمن، والتي تدهورت فيها الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية جراء هذه السيطرة غير المتوقعة، بعد رحيل قوات صالح، وقيامهم بتأسيس هيئة حسبة شرعية، وإلغاء كل ما يتصل بالدولة وعمل مؤسساتها.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.