الخرطوم تعلن اعتقال استخبارات جوبا لعامل بسفارتها.. وتحتج للسفير

{هيومان رايتس ووتش}: الغارات التي تشنها الحكومة السودانية تهدد مصير الأطفال

الخرطوم تعلن اعتقال استخبارات جوبا لعامل بسفارتها.. وتحتج للسفير
TT

الخرطوم تعلن اعتقال استخبارات جوبا لعامل بسفارتها.. وتحتج للسفير

الخرطوم تعلن اعتقال استخبارات جوبا لعامل بسفارتها.. وتحتج للسفير

أعلنت وزارة الخارجية السودانية عن اختفاء عامل بسفارتها في عاصمة جنوب السودان في ظروف غامضة، واستدعت سفير جوبا في الخرطوم احتجاجًا على اختفاء العامل منذ مطلع الشهر الحالي، فيما حذرت الخارجية من احتمالات وقوع 10 آلاف سوداني، يبحثون عن الذهب في دولة النيجر وتشاد، في يد العصابات المتطرفة مثل بوكو حرام.
وقالت الخارجية في نشرة أمس إنها استدعت السفير ميان دوت وول، سفير جمهورية جنوب السودان في الخرطوم، على خلفية اختفاء العامل المحلي بسفارة السودان في جوبا منذ يوم الجمعة 1 مايو (أيار) الحالي. وكشفت الخارجية أنها علمت قبل استدعاء السفير، أن العامل المذكور يوجد في قبضة الاستخبارات العسكرية لدولة جنوب السودان، بيد أنها عادت لتقول إنه من المرجح إطلاق سراحه اليوم (أمس).
ونقل السفير علي الصادق، مدير العلاقات الثنائية والإقليمية، إنابة لسفير جنوب السودان، رسالة أبلغه فيها قلق حكومته من اختفاء العامل لمدة سبعة أيام لدى الأجهزة المختصة بجوبا دون إخطار السفارة، وقال إن «هذا الأمر غير مقبول، وغير مبرر ولا يمكن السكوت عليه»، وطلب من سفير جوبا الإيعاز للأجهزة المختصة بجنوب السودان بإطلاق سراحه فورًا.
من جهته، أكد السفير دوت أنه بذل مساعي كثيرة مع الأجهزة المختصة في بلاده للوقوف على مكان وملابسات الاحتجاز، ووفقًا للمعلومات التي أتيحت له والاتصالات التي أجراها أوضح أنه «سيتم إطلاق سراح العامل المحلي في غضون الساعات القليلة المقبلة».
من جهة أخرى، كشف قنصل السودان بمدينة أبشي التشادية، عن إجلاء آلاف المعدنين السودانيين من النيجر وتشاد، وحذر بشدة من تزايد ظاهرة التعدين خارج السودان، وعدها «قنبلة» موقوتة تهدد علاقات الجوار، ولم يستبعد استغلال عصابات أو أطراف خارجية لأولئك المعدنين.
وحذر عمر الفاروق محمد السنوسي، قنصل السودان في أبشي، من خطورة وجود السودانيين في تلك الدول، مشيرا إلى أنهم ولجوا مجال التعدين في مواقع ما بعد النيجر، وأن «معظم تلك الدول التي يتحرك فيها المعدنون السودانيون تشهد صراعات وتوترات أمنية، مثل نشاط جماعة بوكو حرام في النيجر، فضلاً عن التوترات في غرب تشاد».
ودعا الفاروق الأجهزة المختصة إلى الإسراع في السيطرة على هذه الظاهرة، لافتًا إلى وجود عصابات منظمة تقوم بتوفير الدعم اللوجيستي من عربات الدفع الرباعي والحماية والمؤن، وقال إنه «لا يعقل أن يقطع هؤلاء السودانيون مسافة تقدر بنحو 5 آلاف كيلومتر، دون غطاء وتنسيق بين أطراف في الداخل وأخرى في تلك الدول التي يمر بها المعدنون».
من جهة ثانية، قالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أمس إن الغارات الجوية التي تشنها الحكومة السودانية بصورة مستمرة على مناطق جبال النوبة بولاية جنوب كردفان، باتت تهدد بانتهاء مصير الأطفال في هذه المناطق إلى الموت بصورة عنيفة.
وأضافت أن الحظر المفروض على دخول منظمات العون الإنساني تسبب في أزمة صحية وتعليمية في المناطق المتأثرة بالنزاع.
وقال دانيال بيكيلي، رئيس قسم أفريقيا في المنظمة، في بيان نشر أمس إن «حمم القنابل مزقت الأطفال إلى أشلاء بالفعل وأحرقتهم أحياء مع أشقائهم وشقيقاتهم»، مضيفا أن «هؤلاء الأطفال عاجزون عن الحصول على غذاء كاف ورعاية صحية أو تعليم، والوضع يزداد سوءا».
ودعت المنظمة إلى التحقيق في «الهجمات المخالفة للقانون على المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية». كما دعت مجلس الأمن الدولي إلى التحقيق بشأن ما يحدث على الأرض، وأن يفرض حظرًا على السلاح في منطقة النزاع، وفرض حظر على سفر الأفراد الأكثر مسؤولية في طرفي النزاع المسؤولين عن عرقلة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتجميد أرصدتهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.