«الذئب الأزرق»: على كل جندي إسرائيلي جمع تفاصيل عن 50 فلسطينياً

جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع الفلسطينيين في مدينة الخليل بالضفة السبت الماضي (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع الفلسطينيين في مدينة الخليل بالضفة السبت الماضي (إ.ب.أ)
TT

«الذئب الأزرق»: على كل جندي إسرائيلي جمع تفاصيل عن 50 فلسطينياً

جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع الفلسطينيين في مدينة الخليل بالضفة السبت الماضي (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع الفلسطينيين في مدينة الخليل بالضفة السبت الماضي (إ.ب.أ)

أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر جديدة لجنوده العاملين في الضفة الغربية المحتلة، يطالب فيها كل واحد منهم بجمع تفاصيل وصور عن 50 مواطناً فلسطينياً، يومياً، وشحنها في مخزون إلكتروني أطلق عليه اسم «زئيف كحول» (ذئب أزرق) وُزّع عليهم قبل سنتين ونصف السنة.
وبحسب هذه التعليمات، فإن الجندي الذي لا يزود الجيش بهذه التفاصيل، لا يُسرَّح في نهاية ورديته، وسيكون ملزماً باستكمال المدة المطلوبة منه. وحسب تقرير صحيفة «هآرتس»، التي كشفت عن هذه الأوامر في عددها، أمس (الخميس)، فإن الجيش يستخدم منظومة «ذئب أزرق»، منذ سنتين ونصف السنة. وبموجبه، يتم خزن معلومات عن الفلسطينيين لكي تسهل مراقبتهم ومتابعة تحركاتهم. والمعلومات المطلوب من الجنود جمعها تشمل: رقم الهاتف، ورقم بطاقة الهوية، وتاريخ الولادة، والجنس، وعنوان السكن، ورقم السيارة، وعلاقات مع أشخاص آخرين، ومكان العمل في إسرائيل، وتقريراً حول «انطباع سيئ» لتصرف فلسطيني أثناء لقائه الجندي المعني بتزويد تفاصيله.
وأصدر الجيش الإسرائيلي شريطاً إرشادياً مصوَّراً، يشرح لجنوده، خلال دقيقة، كيف يتم الربط بين وجوه الفلسطينيين ولوحات أرقام سياراتهم، خلال أقل من ثانية، حتى عندما يضع الفلسطينيون الكمامات الواقية من فيروس «كورونا»، من خلال استخدام تطبيق «ذئب أزرق» في هواتف ذكية يحملها الجنود. وجاء في بداية شريط الإرشاد لاستخدام التطبيق الإلكتروني، أنه «بالإمكان التعرف على إنسان بواسطة ثلاث طرق: كتابة رقم الهوية، التعرف على الوجه، وتصوير بطاقة الهوية».
ويضيف تقرير «هآرتس» أن الكشف عن هذه الظاهرة تم بعد أن قام مجموعة من الجنود الذين نُقلوا إلى الضفة الغربية، مؤخراً، بالاحتجاج أمام الضباط المسؤولين عنهم، بأن عدد الفلسطينيين المطلوب جمع تفاصيلهم يومياً، كبير جداً. ونقل عن أحدهم قوله إن «هذه التعليمات جعلت مهمة جمع المعلومات أساسية للجنود، لكن تنفيذها جاء على حساب الحفاظ على الأمن». وأضاف الجندي أن عدداً من الجنود يشعرون بأن هذا النشاط، خصوصاً عندما يجري مع فلسطينيين لا توجد معلومات تربطهم بأنشطة معادية، يدخلهم في تناقض مع ضمائرهم. وبعد توجه الجنود بالشكوى، رد الضباط ببلاغ توضيحي لجميع الجنود، بالتراجع عن التعليمات الأصلية التي تقضي بالعقوبة على مَن لا يصل إلى «الكوتا» المطلوبة.
وقال جنود إن هذه التعليمات تسببت في تأجيج المنافسة الجارية في قيادة المنطقة الوسطى للجيش، بين الألوية والوحدات العاملة في الضفة الغربية، حول مَن يجمع أعلى عدد من التفاصيل. من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي على إصدار هذه التعليمات، وزعم المتحدث باسم الجيش، أنها تأتي «في إطار مكافحة الإرهاب، والجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات أمنية واستخباراتية ميدانية».
وكان الفلسطينيون في الخليل، قد شكوا من منظومات يستخدمها الجيش الإسرائيلي بشكل واسع النطاق في مدينتهم، بواسطة أنظمة تعرُّف على الوجوه من خلال شبكة واسعة من الكاميرات وهواتف ذكية بحوزة جنوده. ووصلت هذه الشكوى إلى صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، فنشرت تقريراً عنها في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اعتبر الأمر مساساً بالخصوصية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».