الرئاسة المصرية تصادق على أحكام بإعدام «15 إرهابيا»

انقسامات داخل «تمرد» بعد ترشح صباحي

الرئاسة المصرية تصادق على أحكام بإعدام «15 إرهابيا»
TT

الرئاسة المصرية تصادق على أحكام بإعدام «15 إرهابيا»

الرئاسة المصرية تصادق على أحكام بإعدام «15 إرهابيا»

قالت مصادر قضائية إن الرئاسة المصرية صدقت أمس على أحكام نهائية بإعدام 15 متهما أدانتهم محاكم مدنية في وقت سابق في «قضايا إرهابية» بسيناء والصعيد، أدت إلى مقتل خمسة من رجال الشرطة واثنين من المواطنين. ويأتي هذا الإجراء بالتزامن مع تأكيد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، أمس على ضرورة وقف أي عنف في مصر، وكذا وقف الهجمات التي قالت إن الاتحاد الأوروبي يعدها «إرهابية». وتعاني مصر منذ سنوات من الهجمات الإرهابية، لكنها ازدادت حدة عقب الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين والرئيس السابق محمد مرسي.
من جانبها، أضافت المصادر القضائية أن 14 من المحكومين، وجرى التصديق على أحكام إعدامهم أمس، ينتمون لتنظيم «التوحيد والجهاد»، أحد التنظيمات المكونة لجماعة «أنصار بيت المقدس» التي تبنت في الأشهر الأخيرة عدة تفجيرات ضد مواقع أمنية، وأن الشخص الخامس عشر المقضي بإعدامه أدين بتهمة إطلاق النار داخل قطار على خط الصعيد.
وتابعت المصادر أن هذه «الحوادث الإرهابية» تعود لعام 2011.
وبالتصديق عليها، لم يعد يحق للمدانين الطعن على الأحكام الصادرة ضدهم بأي طريقة من طرق التقاضي. وقال الدكتور شوقي السيد، الخبير القانوني والدستوري، لـ«الشرق الأوسط» إن سبب تصديق الرئاسة المصرية (أو الحاكم العسكري) على الأحكام المشار إليها، «والتي أصبحت أحكاما نهائية»، يرجع إلى كونها صدرت أثناء فرض حالة الطوارئ في البلاد، وأن الجرائم وقعت خلال تطبيق قانون الطوارئ في ذلك الوقت.
وكانت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ أصدرت العام قبل الماضي أحكاما بالإعدام شنقا ضد 14 متهما (ستة من بينهم حضوريا وثمانية غيابيا)، وبالسجن المؤبد على اثنين حضوريا واثنين غيابيا والبراءة لستة، وانقضاء الدعوي بالوفاة لمتهم آخر، وهم من أعضاء تنظيم «التوحيد والجهاد»، عقب إدانتهم بقتل ثلاثة ضباط ومجندين اثنين ومواطن أعزل، في هجوم مسلح نفذه التنظيم في صيف عام 2011 ضد قسم شرطة ثان بمدينة العريش و«بنك الإسكندرية» في المدينة الواقعة في شبه جزيرة سيناء.
واتهمت النيابة العامة وقتها أعضاء تنظيم «التوحيد والجهاد» بإنشاء وإدارة جماعة تدعو لتكفير الحاكم والخروج عليه والاعتداء على الشرطة والقوات المسلحة وتخريب مبان وأملاك عامة وقتل ثلاثة ضباط بينهم اثنان من الشرطة وآخر بالقوات المسلحة إضافة لثلاثة مجندين ومواطن أعزل والشروع في قتل آخرين، والهجوم على قوة الشرطة المكلفة بحراسة «بنك الإسكندرية» فرع العريش، والاستيلاء على أسلحتهم النارية.
وشملت الأحكام المصدق عليها بالإعدام شنقا، مدانا باقتحام قطار على خط «سمالوط» بالصعيد (جنوبا)، كان متجها للقاهرة، وإطلاق النار على بعض المواطنين، مما تسبب في مقتل أحدهم وإصابة خمسة آخرين مطلع يناير (كانون الثاني) عام 2011.
وأضافت المصادر القضائية أن مكتب شؤون أمن الدولة برئاسة الجمهورية، وبعد الانتهاء من فحص كل التظلمات، صدق على الأحكام الصادرة من محاكم جنايات أمن الدولة العليا طوارئ في عدة قضايا تتعلق بـ«الإرهاب»، منها قضايا تخص عمليات وقعت في عام 2005 أيضا، والمعروفة باسم «تفجيرات الأزهر وعبد المنعم رياض ومنطقة السيدة عائشة» بالقاهرة، وتضم تسعة مدانين، حكم على أربعة منهم بالسجن المؤبد، واثنين بالسجن عشر سنوات، وواحد بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، والحبس مع الشغل لمدة عام واحد لمتهمين اثنين آخرين.
وواجه المدانون في تفجيرات 2005 التي وقعت في القاهرة تهما بتكوين جماعة سرية عنقودية على نهج تنظيم القاعدة، واعتنقوا أفكارا تكفيرية متطرفة قوامها تكفير الحاكم وإباحة الخروج عليه وعلى أعوانه، ومقاومتهم بالقوة والعنف، وقتال العدو البعيد وهم الأجانب الموجودون بالبلاد، والقيام بعمليات انتحارية تستهدف قتلهم.
ويعد «مكتب شؤون أمن الدولة» برئاسة الجمهورية مكتبا ذا تشكيل قضائي خالص، يتولى قضاته مراجعة الأحكام الصادرة عن محاكم جنايات أمن الدولة العليا طوارئ، وفحص التظلمات المقدمة من المحكوم عليهم فيها، وإقرار الأحكام والتصديق عليها لتنفيذها أو إقرار إعادة المحاكمات.
وقال الدكتور شوقي السيد إن إجراء التصديق على مثل هذه الأحكام إجراء متبع في حال وقوع الجرائم أثناء فرض حالة الطوارئ في البلاد.
من جانبها، أكدت آشتون، على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس، على ضرورة وقف الهجمات «الإرهابية» بشكل فوري في مصر. وأوضح بيان أصدرته بعثة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، أن آشتون قالت: «إننا في الاتحاد الأوروبي، كنا واضحين جدا بالنسبة للأوضاع في مصر بضرورة وقف أي عنف، أو الهجمات التي نعدها إرهابية بشكل فوري». وتابعت: «نعرف أيضا أن هناك احتياجا لحوار سياسي شامل. وبينما نسير في اتجاه إجراء انتخابات، فإن هناك احتياجا لشعور حقيقي لدى المواطنين في مصر بإمكانية المشاركة بشكل كامل»، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يدعم «بشكل كبير» الشعب المصري. وأضافت: «إننا في الاتحاد الأوروبي أصدقاء جيدون، ولكننا أيضا أصدقاء ناقدون».

وفي نفس السياق، في محاولة لتهيئة الأجواء للانتخابات الرئاسية المقبلة، ورأب الصدع بين صفوف الشباب من الثوار، التقى أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي للرئيس، أمس، في مقر الرئاسة مع نحو 30 من شباب ثورتي 25 يناير و30 يونيو. وأشار المسلماني في كلمة له في بداية الاجتماع إلى أن اللقاء، الذي جرى بتوجيه من الرئيس عدلي منصور، يأتي في ذكرى تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، معربا عن تمنياته أن يكون «بداية لتنحي الماضي بأكمله»، مؤكدا أن «هذه الدعوة لا ترتب حقا لأحد، ولا تمنع حقا عن أحد.. ومن حق الذين خرجوا في الثورتين أن ينضموا للمستقبل».
في غضون ذلك، دعا التحالف الوطني لدعم الشرعية، المناصر للرئيس السابق محمد مرسي، لمظاهرات جديدة اليوم (الثلاثاء) في الذكرى الثالثة لتنحي مبارك. وقال بيان للتحالف إن المظاهرات سيكون مركزها القاهرة وأمام السفارات والقنصليات، مضيفا لأنصاره: «لتصنعوا المفاجآت، والقرار الميداني لكم بما يحقق الأهداف». وكان التحالف دعا مؤيديه إلى الاحتشاد بدءا من يوم الجمعة الماضي وطوال أيام الأسبوع الحالي في إطار ما سماه أسبوع «الشعب يكمل ثورته». وشهد الجمعة الماضي مقتل ثلاثة أشخاص في أحداث عنف بمحافظات الجيزة والفيوم والمنيا.
ويحاكم الرئيس الأسبق مبارك ونجلاه علاء وجمال، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعدوه الستة، في قضية اتهامهم بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وإشاعة الفوضى في البلاد وإحداث فراغ أمني فيها. كما يحاكم مبارك ونجلاه ورجل الأعمال حسين سالم، بشأن جرائم تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ الرئاسي في التربح والإضرار بالمال العام وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعها عالميا. واستمعت المحكمة خلال جلسة أمس إلى أقوال العميد أيمن فهيم قائد الحرس الجمهوري السابق. وأجلت نظر القضية إلى جلسة 8 مارس (آذار) المقبل.
وقال المسلماني، في لقائه بشباب الثورة، إن «مؤسسة الرئاسة لا توزع صكوك الثورة على أحد»، معربا عن أسفه لخروج البعض عبر وسائل الإعلام «للحديث حول أشياء لا وجود لها، والإعلان عن اعتذارات (عن حضور الحوار) لا أساس لها». موضحا أن معظم ما شاهده في الفضائيات هي اعتذارات «وهمية»، وأنه لم توجه الدعوة لهؤلاء الأشخاص. مضيفا أنه لا توجد أي اعتذارات لأسباب «سياسية» وإنما هي «شخصية».
وطرح المستشار الإعلامي للرئيس تساؤلات لتحديد ما العمل الذي يتوجب القيام به بشأن هذا الوطن، وما الطريق الذي يجب سلوكه. موضحا «إننا نتحدث عن وطن وخريطة فكرية واجتماعية وثقافية للمستقبل. وبناء الوطن هو الخارطة التي تقع على عاتقنا، ويجب التفكير في المستقبل»، مشيرا إلى أنه تلقى ثلاثة آلاف طلب للمشاركة في هذا الحوار.
وعلى صعيد آخر، أرجأت محكمة جنح مستأنف عابدين في جلستها أمس، نظر الطعن بالاستئناف المقدم من ثلاثة نشطاء بارزين، هم أحمد ماهر وأحمد دومة ومحمد عادل، إلى جلسة 10 مارس المقبل لبدء الاستماع إلى مرافعة الدفاع عن النشطاء الثلاثة، وذلك على الحكم الصادر من محكمة أول درجة، والقاضي بمعاقبتهم بالحبس لمدة ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ لكل منهم وتغريمهم - كل على حدة - مبلغ 50 ألف جنيه (نحو 8 آلاف دولار)، على أثر إدانتهم بالاعتداء على قوات الشرطة المكلفة بتأمين محكمة عابدين.
واستمعت المحكمة إلى قائد قوات حرس محكمة عابدين الرائد منصور الجمال، بوصفه شاهد إثبات للتهم ضد المتهمين الثلاثة، والذي أكد واقعة اعتداء النشطاء الثلاثة على قوات الأمن بتحريض من أنصارهم.
ويطالب النشطاء الثلاثة المدانون، في الاستئناف المقدم منهم، بإلغاء حكم محكمة أول درجة، والقضاء ببراءتهم مما هو منسوب إليهم من اتهامات، نافين ارتكابهم لوقائع الاعتداءات المسندة إليهم.
وأصدرت محكمة جنح عابدين «أول درجة» في 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حكمها بالحبس بحق المتهمين الثلاثة، متضمنا وضعهم تحت المراقبة الشرطية لمدة مساوية لمدة الحكم، وذلك عقب انتهاء فترة العقوبة.
يشار إلى أن النيابة العامة كانت أحالت النشطاء الثلاثة إلى المحاكمة الجنائية العاجلة أمام محكمة الجنح، بعدما أسندت إليهم ارتكابهم لجرائم الاشتراك في تنظيم مظاهرة دون إخطار السلطات المختصة بذلك مسبقا، بالمخالفة لما يوجبه قانون تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية، والمعروف باسم «قانون التظاهر الجديد»، والاشتراك في مظاهرة، واستعمال القوة والعنف والتعدي بالضرب على موظفين عموميين، وهم قوات الأمن المكلفة بتأمين مقر محكمة عابدين وإحداث إصابات بهم، والتجمهر، وتعطيل المواصلات، والبلطجة، وإتلاف منقولات مملوكة لمقهى مجاور للمحكمة.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.