تركيا لإقامة «منطقة عسكرية» شمال شرقي سوريا

آلاف السوريين مهددون بالترحيل لوقف بطاقات «الحماية المؤقتة»

TT

تركيا لإقامة «منطقة عسكرية» شمال شرقي سوريا

تستعد القوات التركية والفصائل السورية الموالية لأنقرة لإقامة منطقة عسكرية في ريف مدينة رأس العين الواقعة ضمن ما يعرف بمنطقة «نبع السلام» في شمال شرقي سوريا.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس (الخميس) بأن عناصر من فرقة الحمزة قامت، بإشراف من المخابرات التركية بتجريف مساحات واسعة تشمل منازل وأراضي زراعية في قرية عين الحصان بريف رأس العين الجنوبي، بهدف تحويلها إلى منطقة عسكرية.
وأضاف المرصد أن عناصر فرقة الحمزة دمروا 12 منزلا ضمن مزرعة «أبو مظلوم» التي تقدر مساحتها بـ30 دونما، وتضم أشجارا مثمرة، باستخدام الجرافات الثقيلة وشاحنات نقل دخلت من تركيا، بهدف تحويلها لمنطقة عسكرية، وإنشاء قاعدة مشتركة للجيش التركي والفرقة، وأن هذه المنازل تعود ملكيتها إلى أبناء عائلة واحدة.
وأشار المرصد إلى أن تلك الخطوة تشكل استمرارا لمسلسل الانتهاكات التي تمارس بحق المدنيين وممتلكاتهم في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها.
في غضون ذلك، وقعت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة، والفصائل الموالية لتركيا من جهة أخرى، في قرية معلق صيدا في ريف عين عيسى شمال الرقة.
كما أصيب طفلان، أمس، جراء قصف صاروخي نفذته القوات التركية، على قرية خربة البيضة بريف عين عيسى الشرقي.
في شأن آخر، بعثت مديرية شؤون الهجرة في تركيا رسائل إلى آلاف السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة تبلغهم فيها بإلغائها، ما تسبب في قلقهم ومخاوفهم من ترحيلهم إلى سوريا. وتلقى نحو 10 آلاف سوري، ليل الأربعاء - الخميس، يقيمون في ولايات تركية مختلفة، رسالة موحدة من مديرية شؤون الهجرة مفادها أنه تم إلغاء بطاقات الحماية المؤقة (الكيملك) الخاصة بهم، والتي تمنحهم الإقامة وحرية التنقل داخل تركيا.
وجاء في الرسالة أنه «تم إلغاء الحماية المؤقتة الخاصة بك لأن العنوان الذي أعلنته لمديرية الهجرة ليس محدثا أو لم تكن في المنزل أثناء زيارة الشرطة للتحقق من وجودك في العنوان».
ومنحت السلطات التركية منذ الشهر الماضي مهلة للسوريين لتحديث بياناتهم وتقيم «وثيقة النفوس» التي تثبت العناوين التي يقيمون فيها بالفعل. وبحسب سوريين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» فإن هناك رسائل وصلت إلى كثير من السوريين الذين قاموا بتحديث بياناتها في مديريات الهجرة وشعب الأجانب في الولايات المختلفة واستوفوا جميع الإجراءات الإدارية المترتبة عليها.
وأكد هؤلاء أنهم يعيشون حالة من القلق والخوف من القبض عليهم وترحيلهم. لكن مصادر في شعبة الأجانب في إسطنبول أكدت أن أيا ممن وصلتهم الرسائل لم تصدر أوامر بتوقيفهم أو ترحيلهم وأنه قد يتم تحديد مهلة أخرى لهم لتحديث بياناتهم.
وعادة، ترحل السلطات التركية أي سوري لا يحمل بطاقة الحماية المؤقتة أو لم يقم بتحديث بياناته وتثبيت محل إقامته الفعلي، وقامت مؤخرا بترحيل أكثر من 150 منهم إلى مناطق في شمال حلب وإدلب، وسط حالة من الجدل والانقسام المتصاعد في الشارع التركي بشأن استمرار وجود السوريين في بلادهم، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعانيها حاليا واقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في صيف العام المقبل، حيث تستخدم بعض الأحزاب القومية واليسارية ورقة اللاجئين في الضغط على حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».