«نيرفانا كاوست» اختبار فريد لكشف ورصد فيروس «كورونا»

ثبتت صحة التقنية الجديدة بعد التعاون مع مستشفياتٍ في مكة والمدينة وجدة

جهاز صغير محمول يتمكن من تشخيص الحالات، وتعقّب المتحورات، والكشف عن العدوى المصاحبة في وقت واحد.
جهاز صغير محمول يتمكن من تشخيص الحالات، وتعقّب المتحورات، والكشف عن العدوى المصاحبة في وقت واحد.
TT

«نيرفانا كاوست» اختبار فريد لكشف ورصد فيروس «كورونا»

جهاز صغير محمول يتمكن من تشخيص الحالات، وتعقّب المتحورات، والكشف عن العدوى المصاحبة في وقت واحد.
جهاز صغير محمول يتمكن من تشخيص الحالات، وتعقّب المتحورات، والكشف عن العدوى المصاحبة في وقت واحد.

رغم تعدد استراتيجبات اختبار فيروس كورونا، فإن ثَمَّة نوع جديد بإمكانه المساهَمة في تبسيط عملية تحديد ورصد الحالات، وتتبع المتحولات، واكتشاف الفيروسات المصاحبة.
يشهد الوقت الراهن إجراء فحوصات منفصلة وتعقيداً في سير العمل في كل من هذه الإجراءات التشخيصية الثلاثة، كما أن التحاليل عادة ما تُجرَى في مرافق عالية التخصص. وهو ما دفع باحثي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) مع زملاء لهم في المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وإسبانيا إلى دمج جميع الأنواع الثلاثة من الاختبارات في اختبار واحد يحمل اسم «نيرفانا» من شأنه السماح بتتبع نقاط الرعاية الخاصة بفيروس كورونا والعديد من المتحورات الناشئة من سلالة الفيروسات التاجية (سارس - كوف - 2) (SARS - CoV - 2).
يقول الدكتور مو لي، أستاذ العلوم البيولوجية المساعد والاختصاصي في أحياء الخلايا الجذعية بـ«كاوست»: «يوفر اختبارنا - الكل في واحد - حلاً متكاملاً وواعداً للمسح الميداني السريع القابل للانتشار، ولمراقبة تطور طفرات الفيروسات الوبائية».
أما الاختبار فهو عبارة عن جهاز صغير محمول بحجم حقيبة اليد يتفادى جميع الأساليب البطيئة وباهظة التكلفة، والتي تعتبر الطريقة الشائعة لفحص ورصد فيروس كورونا مثل اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR). أما الاختبار الجديد فيستفيد من طريقة جينية حديثة تسمى (تضخيم البوليميراز للأحماض النووية) Recombinase Polymerase Amplification - RPA، والجيل المقبل من جهاز التسلسل المتنقل للكشف السريع عن وجود تسلسلات فيروسية والإبلاغ عن النتائج الإيجابية والسلبية لعينات من 96 مريضاً في المرة الواحدة.
وبالتعاون مع الباحثين الآخرين، قام فريق لي بتصميم الاختبار ليضطلع بمهمة فك شفرة (5) خمس شرائح من جينوم (سارس - كوف - 2). وقد وقع الاختيار على كل منها للمساعدة في توجيه تتبع المتحور، إلى جانب تضمين فحوصات لثلاثة فيروسات تنفسية شائعة أخرى، من الممكن أن تسبب أعراضاً مشابهة لفيروس كورونا.
وقد أثمر التعاون مع عدد من الباحثين الإكلينيكيين من مستشفياتٍ في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة، عن التحقق من صحة هذه التقنية باستخدام مسحات الأنف والحنجرة من الأشخاص المشتبه في إصابتهم بعدوى السارس.
وعلاوة على ذلك، قام الباحثون باختبار عينات من مياه الصرف، تم جمعها من مياه المجاري البلدية في الجامعة لإظهار الكيفية التي بها تتمكن هذه الطريقة من رصد فيروسات (سارس - كوف - 2) والفيروسات الأخرى على مستوى السكان.
ويوضح تشونجوي بي، طالب الدكتوراه في مختبر الدكتور لي «إن بإمكان تقنية نيرفانا NIRVANA التشخيص السريع للعدوى الفيروسية المتعددة بطريقة تتميز بإنتاجية مرتفعة». وأردف قائلاً: «كما يمكنها رصد (سارس - كوف - 2) في نفس الوقت والإبلاغ عن متحوراته».
وبفضل الدعم الذي يقدمه فريق الاستجابة البحثية السريعة (جزء من مبادرة الصحة الذكية بالجامعة)، يواصل دكتور لي وفريقه المعملي تحسين منصة «نيرفانا» لنشرها على نطاق واسع.
أما ما يجعل منه اختباراً محدوداً هو حقيقة أنه لا يمكنه الكشف عن طفرات (سارس - كوف - 2) إلا في مناطق جينومية محددة، ومع استمرار ظهور المتحورات الجديدة التي تبعث على القلق في جميع أنحاء العالم، فقد تحتاج هذه المناطق إلى التحديث؛ لتعكس الطبيعة المتطورة للفيروس.
يقول لي: «وفي نفس الوقت نسعى للتعاون مع المستشفيات؛ لاختبار تقنية نيرفانا NIRVANA في العيادات». 



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً