ستكون الأنظار شاخصة اليوم نحو العملاقين الإيطالي والبرتغالي عندما يواجهان مقدونيا الشمالية وتركيا على التوالي في الدور نصف النهائي للمسار الثالث للملحق الأوروبي المؤهل لمونديال 2022 لكرة القدم.
وفي نصف نهائي المسار الأول يستضيف منتخب ويلز نظيره النمساوي في كارديف، بينما تأجلت المواجهة الأخرى بين أسكوتلندا وأوكرانيا، وفي المسار الثاني تلعب السويد مع تشيكيا، بينما تأهلت بولندا مباشرة إلى النهائي بعد إقصاء روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.
وللمرة الثانية على التوالي، يجد المنتخب الإيطالي نفسه بحاجة إلى خوض الملحق الفاصل، وتشعر جماهير «الأزوري» بالرعب بعد الذي اختبروه في تصفيات النسخة الماضية، حيث فشلوا في التأهل إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى منذ 60 عاماً، بعدما سقطوا ذهاباً على أرض السويد وتعادلوا إياباً بين جماهيرهم.
لكن خلافاً للنظام القديم، لن يقام الملحق بمواجهات مباشرة من مباراتي ذهاب وإياب، بل قُسِمت المنتخبات الـ12 على ثلاثة مسارات حددت بموجب القرعة، وسيتنافس في كل منها أربعة منتخبات بنظام نصف نهائي ومباراة نهائية، ويتأهل الفائز فيها إلى المونديال (ثلاثة مسارات يتأهل واحد من كل منها إلى النهائيات).
غاريث بيل، قائد منتخب ويلز، خلال التدريبات على أمل تحقيق حلم التأهل بعد غياب منذ عام 1958 (أ.ف.ب)
وبوجود إيطاليا بطلة أوروبا والبرتغال بطلة أوروبا 2016 على نفس المسار، تأكد غياب منتخب كبير عن مونديال قطر 2022 لأن تأهل بطلي النسختين الأخيرتين من كأس أوروبا معاً أصبح خارج الحسابات.
لكن قبل التفكير بنهائي المسار المقرر الثلاثاء المقبل، على إيطاليا والبرتغال التركيز أولاً على مباراتي نصف النهائي اليوم الخميس في باليرمو ضد مقدونيا الشمالية وفي بورتو ضد تركيا توالياً.
وبدا مدرب البرتغال فرناندو سانتوس بعد القرعة واثقاً من بلوغ النهائيات لأن مباراتي نصف النهائي والنهائي سيقام في بلاده، وقال: «يجب أولاً التركيز على الفوز على تركيا... إنها المباراة الهامة التي ستخوّلنا أن نكون بعدها في النهائي والفوز به. مساندة الجمهور وتفادي التنقل. أمر هام. تركيا تملك لاعبين جيدين. لعبها الجماعي يأتي أحياناً بنتائج، إنه فريق يسبب الكثير من المتاعب... لكني واثق تماماً بأننا سنتأهل إلى المونديال».
ووضع المنتخبان الإيطالي والبرتغالي نفسيهما في هذا الموقف بعد فشلهما في حجز بطاقة التأهل المباشر في دور المجموعات بحلولهما في المركز الثاني خلف سويسرا وصربيا توالياً.
وقال مدرب المنتخب الإيطالي روبرتو مانشيني: «مقدونيا الشمالية منتخب جيدٌ جداً وإذا فزنا عليهم يتوجب علينا اللعب خارج أرضنا (في نهائي المسار الثالث)».
وحجزت عشرة منتخبات بطاقاتها المباشرة عن القارة العجوز وتبقى ثلاث بطاقات ستحسم عن طريق الملحق بمشاركة 11 منتخباً (بعد إقصاء روسيا)، بينها اثنان قادمان من دوري الأمم الأوروبية هما تشيكيا والنمسا.
وتقام مباريات نصف النهائي على أرض منتخبات المستوى الأول، مما يعطي الأفضلية بطبيعة الحال لإيطاليا والبرتغال، وبالتالي هناك إمكانية كبيرة أن يتواجه المنتخبان في نهائي هذا المسار لتحديد أي منهما سيبلغ النهائيات، مما يعني أن إيطاليا مهددة بالغياب عن النهائيات للمرة الثانية توالياً والبرتغال للمرة الأولى منذ 1998.
ووضع المنتخب الإيطالي نفسه في هذا الموقف بعد اكتفائه في الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة الثالثة بالتعادل السلبي على أرض آيرلندا الشمالية، مما سمح لسويسرا بخطف البطاقة بفوزها على بلغاريا 4 - صفر.
وبعد الثقة التي اكتسبها جراء مشاركته في كأس أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، يمني منتخب مقدونيا الشمالية النفس بصنع المفاجأة على حساب إيطاليا في باليرمو.
وبمبدأ «لا شيء نخسره»، تهدّد مقدونيا الشمالية الطليان بحرمانهم من المشاركة في النهائيات للمرة الثانية توالياً، بعدما لعبت دوراً حاسماً في حرمان الإيطاليين من التأهل المباشر إلى مونديال 2018. واعتقد المنتخب الإيطالي أنه سيكون في مهمة سهلة خلال استضافته لمقدونيا الشمالية في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 في الملعب الأولمبي في تورينو ضمن الجولة التاسعة من تصفيات مونديال روسيا 2018، لا سيما بعد فوزه ذهاباً خارج قواعده 3 - 2. وتقدمه إيابا حتى الدقيقة 77 بهدف جورجيو كيليني، لكن ألكسندر ترايكوفسكي خطف التعادل لبلاده وحرم «الأزوري» من نقطتين في هذه الجولة قبل الأخيرة، مما ساهم في إنهائه التصفيات خلف إسبانيا.
صحيح أن التعادل لم يكن سبباً في اكتفاء إيطاليا بالوصافة بما أنهت منافسات المجموعة السابعة بفارق 5 نقاط خلف إسبانيا، لكنه حدد مصيرها قبل حتى الوصول إلى الجولة الختامية.
ويعود ترايكوفسكي إلى ملعب يعرفه جيداً كونه دافع عن ألوان باليرمو طيلة أربعة مواسم حتى عام 2019. ويمني النفس بالاعتماد على معرفته بالملعب لكي يصعق إيطاليا مجدداً ويحرمها حتى من بلوغ نهائي المسار الثالث المقرر الثلاثاء في أرض البرتغال أو تركيا.
ويتذكر ابن الـ29 عاماً الذي يدافع حالياً عن ألوان الفيحاء السعودي، الهدف الذي سجله ضد إيطاليا في ذلك التعادل، قائلاً: «آمل تكرار هذا الأمر، وأن يكون الهدف من أجل الفوز وليس التعادل». وتابع: «كنت سعيداً جداً عندما علمت بأن المباراة ستقام في باليرمو لأني سأعود إلى المدينة التي أمضيت فيها أربعة أعوام. يجب أن نكون متحفزين إلى أقصى درجة لتحقيق نتيجة إيجابية».
أما بالنسبة لكريستيانو رونالدو ورفاقه البرتغاليين، فقد صعقهم الصرب في معقلهم حين تغلبوا عليهم في الجولة الأخيرة 2 - 1 بهدف في الوقت القاتل، مما جعل بطاقة التأهل المباشر لصالح الضيوف بعدما كان التعادل يكفي البرتغال لبلوغ النهائيات.
ويتحتم الآن على رونالدو المرور أولاً بالاختبار التركي الشاق ثم بإيطاليا على الأرجح لكي ينضم إلى النادي المغلق للاعبين الذين خاضوا خمس نهائيات لكأس العالم أمثال الحارس الإيطالي جانلويجي بوفون والألماني لوثار ماتيوس.
ويعول البرتغاليون على خبرتهم في الملحق، إذ حجزوا بطاقتهم إلى نهائيات عامي 2010 في جنوب أفريقيا و2014 في البرازيل بعدما مروا به في المناسبتين. ولن يكون المسار الثالث الوحيد الذي سيطيح منتخباً كبيراً أو نجماً كبيراً، إذ سيغيب عن النهائيات بشكل مؤكد السويدي زلاتان إبراهيموفيتش أو البولندي روبرت ليفاندوفسكي بعدما وضعتهما القرعة في المسار الثاني.
وبعد قرار استبعاد روسيا، بلغ منتخب بولندا نهائي المسار مباشرة، فيما سيكون على السويد دون نجمها إبراهيموفيتش الموقوف، القتال لعبور تشيكيا، مع الأمل بأن يحصل القائد الخبير على فرصة مساعدتها الثلاثاء في النهائي في حال تخطت نصف النهائي. وتعرض منتخب تشيكيا لضربة لإصابة مهاجمه الأبرز باتريك شيك نجم باير ليفركوزن الألماني لإصابة في ربلة الساق.
ورأى مدرب تشيكيا ياروسلاف شيلهافي أن غياب شيك «خسارة كبيرة»، لكنه أشار إلى إمكانية التحاقه بالنهائي في حال تأهل المنتخب.
وفي حال فشلت السويد في الاستفادة من عاملي الأرض والجمهور ضد تشيكيا، ستكون المباراة التي خسرتها أمام إسبانيا صفر - 1 في الجولة الأخيرة من التصفيات، المشاركة الأخيرة لإبراهيموفيتش بقميص بلاده لأن مهاجم ميلان الإيطالي يبلغ من العمر 40 عاماً ومن المستبعد جداً أن يواصل مشواره الدولي بعد ذلك.
ونتيجة الغزو الذي تتعرّض له من روسيا، اتخذ القرار بتأجيل مباراة أوكرانيا ومضيفتها أسكوتلندا في نصف نهائي المسار الأول إلى يونيو (حزيران)، مما يعني أن على الفائز بين ويلز والنمسا الانتظار لمعرفة من سيكون خصم النهائي.
ورغم مرور أساطير مثل إيان راش ومارك هيوز وريان غيغز، عجزت ويلز عن بلوغ النهائيات منذ مشاركتها الوحيدة عام 1958 (وصلت لربع النهائي)، وتأمل أن يستعيد غاريث بيل عافيته للبناء على النجاح القاري (وصلت إلى نصف نهائي كأس أوروبا 2016 وثمن نهائي 2020) من أجل فك العقدة.
ومعولة على سجلها على أرضها حيث لم تخسر لـ16 مباراة متتالية، تأمل ويلز تخطي عقبة النمسا لمنح بيل ورفاقه فرصة المنافسة على بطاقة النهائيات. ويقول بيل مهاجم ريال مدريد الإسباني: «كان الأمر الأهم أن نلعب في بطولة كبرى. وقد نجحنا في تحقيق ذلك بكأس أوروبا. الآن، لكي نقول إننا حققنا كل ما وضعناه هدفاً لأنفسنا، يجب التأهل لكأس العالم. إنه أمر هائل بالنسبة لنا يحلم به جميع اللاعبين». لكن النمسا ستكون بنفس العزم أيضاً، لا سيما أنها لم تصل إلى النهائيات منذ 1998.