غضب جماهير كرة القدم يعكس الصراع بين حب النادي ونظرة المالكين إليهم

هل تم تحويل مشجعي الأندية الكبرى إلى مجرد ممولين يتم استغلالهم ولم يُنظر إليهم على أنهم شركاء؟

جماهير سان جيرمان تحمل لافتة خلال مباراة بوردو تطالب ببقاء مبابي ورحيل المدير الرياضي ليوناردو (إ.ب.أ)
جماهير سان جيرمان تحمل لافتة خلال مباراة بوردو تطالب ببقاء مبابي ورحيل المدير الرياضي ليوناردو (إ.ب.أ)
TT

غضب جماهير كرة القدم يعكس الصراع بين حب النادي ونظرة المالكين إليهم

جماهير سان جيرمان تحمل لافتة خلال مباراة بوردو تطالب ببقاء مبابي ورحيل المدير الرياضي ليوناردو (إ.ب.أ)
جماهير سان جيرمان تحمل لافتة خلال مباراة بوردو تطالب ببقاء مبابي ورحيل المدير الرياضي ليوناردو (إ.ب.أ)

بينما كان باريس سان جيرمان يتلاعب ببوردو على ملعب «حديقة الأمراء»، في المباراة التي انتهت بفوز النادي الباريسي بثلاثية نظيفة بقيادة أكثر ثلاثي هجومي إبهارا في تاريخ كرة القدم، كانت جماهير باريس سان جيرمان تشعر بالغضب، كما تعرض النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي لصيحات الاستهجان من قبل العديد من نفس المشجعين الذين اصطفوا في الشوارع للاحتفال بوصوله في أغسطس (آب) الماضي. وأطلقت الجماهير صيحات الاستهجان ضد نيمار عندما سجل، واحتفلت فرحا عندما أهدر إحدى الكرات أمام المرمى. لقد كان الأمر صادما ومروعا، وربما كان هذا هو الهدف مما قامت به الجماهير. ردود فعل جماهير سان جيرمان كانت أقل غضبا وهم يشاهدون موناكو يوجه لطمة جديدة إلى فريقهم في الموسم الحالي ويتغلب عليه 3 - صفر في المرحلة التاسعة والعشرين من الدوري الفرنسي.
وكان لاعب باريس سان جيرمان، بريسنيل كيمبيمبي قال بعد مواجهة بوردو: «إننا نتفهم خيبة أمل الجماهير، ونتفهم كراهيتهم. والآن، يتعين علينا أن نمضي قدماً من أجل الفوز بالدوري الفرنسي الممتاز». من المؤكد أن هذا كان رد فعل على خروج النادي الفرنسي من دوري أبطال أوروبا بعد الخسارة أمام ريال مدريد، فلم تعد جماهير النادي الفرنسي تكتفي بأن النادي يتصدر جدول ترتيب الدوري الفرنسي الممتاز بفارق كبير من النقاط عن أقرب منافسيه، أو أنه قاب قوسين أو أدنى من الحصول على لقب الدوري للمرة الثامنة في آخر 10 مواسم، أو أنه يضم أفضل خط هجومي في كرة القدم العالمية. ومن الواضح أن جماهير النادي تحلم بتحقيق ما هو أكثر من ذلك.
لكن يمكن القول إن باريس سان جيرمان كان في حالة حرب مع نفسه منذ فترة، لأسباب أعمق بكثير من مجرد الاستسلام أمام ريال مدريد في الشوط الثاني من مباراة العودة لدور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا. فخلال الشهر الماضي، نظمت رابطة المشجعين «كوليكتيف ألتراس باريس» اعتصاماً قبل مباراة الفريق أمام رين نددت خلاله بالملاك القطريين، والمدير الرياضي ليوناردو، وحتى رئيس الاتصالات بالنادي. وكانت هناك مطالب بـ«احترام فريق السيدات»، بل وأشارت إحدى اللافتات إلى عهد الإرهاب الثوري، إذ كانت تحمل كلمات «الكثير من الرؤوس عديمة الفائدة! روبسبير، أين أنت؟» وعلاوة على ذلك، يقول الناس إن هذا النادي ليس له أي إحساس بالتاريخ.
كان ناصر الخليفي – رئيس النادي الذي أنفق منذ عام 2011 أكثر من مليار جنيه إسترليني على تدعيم صفوف الفريق، وأشرف على أنجح حقبة في تاريخ النادي الباريسي - يشاهد مباراة الفريق أمام بوردو من المدرجات. ونظراً لأن الفريق الذي قام ببنائه كان يتعرض للسخرية والانتقادات من الجماهير، كان من الممكن تخيل الحيرة التي انتابته في ذلك التوقيت، وكأنه يريد أن يقول للجماهير: مهلا، لقد اشتريت لكم ميسي ونيمار ومبابي وإبراهيموفيتش وكافاني وداني ألفيس، فما الذي تريدونه أكثر من ذلك؟
بالطبع، قال مشجعو باريس للخليفي ما يريدونه بالضبط، فقد أصدرت رابطة المشجعين «كوليكتيف ألتراس باريس» بيانا سألت فيه الخليفي: «كيف يمكنك تغيير كل شيء لجمهور باريس بينما تتم مشاهدتك في أسبوع الموضة أكثر مما تجتمع مع جمهور ناديك؟» وطالبوا باستقالته «من أجل المصلحة الأكبر للنادي، الذي لا يعد مجرد علامة تجارية أو منتجاً تسويقياً، لكنه نادينا!».
ربما ادعى كيمبيمبي أنه يتفهم غضب الجماهير، لكن تعليقه بشأن ضرورة العمل على الفوز بلقب الدوري الفرنسي الممتاز يعني بما لا يدع مجالا للشك أنه لم يفهم السبب الحقيقي لغضب تلك الجماهير. يتصدر باريس سان جيرمان جدول ترتيب الدوري بفارق كبير من النقاط، ولا توجد أي مشكلة في قدرة الفريق على الفوز باللقب. ولم يتطرق بيان الألتراس إلى دوري أبطال أوروبا على الإطلاق، لكن صافرات الاستهجان ضد نيمار وميسي تبدو وكأنها تعبير عن حاجة جوهرية بشكل أكبر: رغبة لا يمكن تحقيقها من خلال التعاقد مع أي عدد من ألمع النجوم في عالم كرة القدم.
وإذا كان الخليفي يعتقد أن الفوز بدوري أبطال أوروبا سوف يرضي جماهير النادي التي تشعر بالقلق، فيتعين عليه أن ينظر إلى الفريقين اللذين فازا بآخر نسختين من البطولة. يتجه بايرن ميونيخ للاحتفاظ بلقب الدوري الألماني الممتاز للمرة العاشرة على التوالي، لكن في آخر اجتماع عام سنوي لمجلس الإدارة، انقلب المشجعون الغاضبون على رئيس النادي، هربرت هاينر، والرئيس التنفيذي، أوليفر كان، لرفض مناقشة صفقة رعاية النادي مع قطر. وصرخ الأعضاء في وجه مسؤولي النادي قائلين: «نحن بايرن ميونيخ! لكنكم لستم كذلك!»، ورد المسؤولون بشكل غريب، حيث طالبوهم بمتابعة شكواهم في المحكمة!
في غضون ذلك، أُجبر مشجعو تشيلسي على مشاهدة ناديهم وهو ينهار، وسط قليل من التعاطف معهم. من الواضح أن البعض يرون أنفسهم ضحايا حقيقيين للحرب الروسية ضد أوكرانيا، ويستمرون في التغني باسم رئيس النادي، الروسي رومان أبراموفيتش. لكن بالنسبة للأغلبية الصامتة والأقلية الحمقاء على حد سواء، فإن الموضوع المشترك هو العجز الأساسي، والشعور بأن الشيء الذي يهتمون به هو مجرد قطعة في لعبة لشخص ما. يمكنكم أيضاً تحويل التركيز إلى مانشستر يونايتد أو توتنهام، أو إلى ليفربول حيث يخفي الحب غير المشروط للفريق شكوكاً كامنة بشأن ملكية النادي، حيث يبدو أن قاعدة المشجعين في حالة حرب دائمة وتركز بشكل دائم على الإهانات والأعداء. هؤلاء هم مشجعو أكبر الأندية في العالم، والتي تضم أفضل اللاعبين في العالم، فلماذا لا يشعر أحد بالسعادة؟
ربما تكمن الإجابة في الإدراك المشترك، الذي دعمته الاحتجاجات ضد بطولة دوري السوبر الأوروبي المقترحة والأحداث اللاحقة، بأن الانتصارات والتعاقدات الجديدة ليست بديلاً حقيقياً عن ركيزة أساسية. فعلى مدار عقود طويلة من الزمان، تم تحويل جميع المشجعين، وخاصة مشجعي الأندية الكبيرة، إلى مجرد سلعة ولم يُنظر إليهم على أنهم شركاء، بل ينظر إليهم على أنهم مجرد ممولين يتم استغلالهم. تطالب روابط المشجعين بمكان لها في مجالس إدارات الأندية وبحصة في المستقبل. وفي المقابل، ترد الأندية على ذلك برفع أسعار تذاكر حضور المباريات!
لقد أكدت رابطة ألتراس باريس على كلمة «نادينا»، لكن يبدو أن الأمر ليس كذلك، والخليفي لديه الوثائق التي تثبت ذلك! في الحقيقة، تبدو هذه الاحتجاجات وكأنها نقطة نهاية طبيعية: اعتراف متأخر بأن هذه الأندية لم تعد أنديتنا وأن هذه اللعبة لم تعد لعبتنا. ويمكن تلخيص كل هذا في جملة واحدة: لا يمكنك إسقاط مكان التعبد، لكن هناك نقطة قد تبتعد فيها فترة عن الإيمان!



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».