معارك عنيفة بين الجيش العراقي و{داعش} في مصفاة بيجي

عضو مجلس محافظة «صلاح الدين» يعلن وصول قوات إضافية للقضاء

سحب الدخان ترتفع من داخل مصفى بيجي بسبب القصف الجوي على مقاتلي داعش امس «أ ف ب)
سحب الدخان ترتفع من داخل مصفى بيجي بسبب القصف الجوي على مقاتلي داعش امس «أ ف ب)
TT

معارك عنيفة بين الجيش العراقي و{داعش} في مصفاة بيجي

سحب الدخان ترتفع من داخل مصفى بيجي بسبب القصف الجوي على مقاتلي داعش امس «أ ف ب)
سحب الدخان ترتفع من داخل مصفى بيجي بسبب القصف الجوي على مقاتلي داعش امس «أ ف ب)

دارت معارك عنيفة، أمس، في مصفاة بيجي، كبرى مصافي النفط العراقية، بين القوات الأمنية وتنظيم داعش الذي شن هجوما متجددا في المصفاة التي يسيطر على أجزاء منها، بحسب مصادر عسكرية. وتأتي المعارك غداة تحذير الولايات المتحدة التي تقود تحالفا دوليا يشن ضربات جوية ضد التنظيم، من أن المصفاة تتعرض لتهديد متزايد من مقاتلي «داعش» الذين يسيطرون على مساحات واسعة في العراق منذ أشهر.
أعلن عضو مجلس محافظة صلاح الدين خزعل حماد عن تحقيق القوات الأمنية العراقية التماس مع القطعات العسكرية الموجودة داخل مصفى بيجي 40 كم شمال تكريت مركز محافظة صلاح الدين شمال العراق.
وقال حماد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «التعزيزات العسكرية التي وصلت قبل يومين إلى قضاء بيجي وبدأت بعملية كبيرة لإعادة التماس مع القوات الأمنية الموجودة داخل المصفى وتقديم الدعم والإسناد، تمكنت اليوم (أمس) من تحقيق تواصل مع القطاعات العسكرية داخل المصفى»، مشيرا إلى أن «هذه القوات، وتحت غطاء جوي، ألحقت خسائر كبيرة في صفوف (داعش) في منطقة تل أبو جراد، التي كانت تعد إشكالاً كبيرا في تقدم القوات الأمنية».
وأضاف حماد أن «القوات الأمنية أكملت السيطرة على مناطق حي السكك والهونداي وتل أبو جراد التي كانت تحت سيطرة القوات الأمنية، ولكنها تتعرض لهجمات عنيفة من قبل (داعش)، الآن أصبحت مؤمنة بالكامل، وحسب المعلومات الواردة إلينا أن القطاعات العسكرية تمكنت من الوصول إلى مصفى بيجي لتعزيز القطاعات الموجودة وطرد عصابات (داعش) من المصفى».
وأوضح حماد أن «قضاء بيجي يشهد معالجة الأهداف بصواريخ الطائرات والمدافع ولا يوجد تقدم للقوات الأمنية داخل قضاء بيجي ونحن بانتظار تأمين المصفى بشكل جيد وبعدها يتم تطهير قضاء بيجي بالكامل». وأفاد ضابط في الجيش العراقي برتبة لواء وكالة الصحافة الفرنسية عن «اندلاع اشتباكات عنيفة بين القوات الأمنية وعناصر (داعش) في مصفاة بيجي اليوم (أمس)».
وأوضح أن مقاتلي (داعش) «شنوا هجوما عنيفا فجر اليوم (أمس) على القطعات العسكرية» الموجودة في المصفاة، التي حاصرها التنظيم لأشهر منذ سيطرته على هجومه الكاسح في شمال العراق وغربه في يونيو (حزيران). وأضاف أن معركة المصفاة «اختبار حقيقي للقوات العراقية، بل هي من أعقد المعارك».
ونجحت القوات العراقية في نوفمبر (تشرين الثاني) من فك الحصار عن المصفاة الواقعة على مسافة نحو 200 كلم شمال بغداد. إلا أن التنظيم عاود هجماته في أبريل (نيسان) وسيطر على أجزاء من المصفاة، بحسب مصادر أمنية. وعلى رغم إعلان التحالف الدولي في 19 أبريل أن القوات الأمنية، مدعومة بضربات جوية من طيرانه، استعادت السيطرة على المصفاة، فإن التنظيم اقتحمها مجددا، معتمدا بشكل أساسي على الهجمات الانتحارية.
وأعلن التنظيم المتطرف في نشرة «إذاعة البيان» التابعة له أمس، عن تنفيذ مقاتليه عمليتين انتحاريتين، أول من أمس، إحداهما داخل المصفاة وأخرى إلى الجنوب الغربي منها.
وقال اللواء في الجيش العراقي: «الإرهابيون الذين اقتحموا (المصفاة) منذ ثلاثة أسابيع يتحصنون في أبنية المصفى، وهم انتحاريون لا يغادرونها إلا جثثا»، مشيرا إلى أن القوات العراقية تواجه «صعوبة في ملاحقتهم، فهم ينتشرون في الأبنية وقرب الأنابيب ويشعلون الخزانات».
وأشار الضابط إلى وجود قوات من الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب وفصائل شيعية مسلحة موالية للحكومة، داخل المصفاة ذات المساحة الشاسعة.
وبحسب بيانات القيادة المشتركة للتحالف، نفذت مقاتلاته 22 غارة جوية منذ مطلع مايو (أيار) في بيجي ومحيطها. وحذرت واشنطن، أول من أمس، من الخطر الذي يتهدد المصفاة.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركي، ستيفين وارن للصحافيين، إن «العدو دخل إلى مصفاة بيجي، ويسيطر على أجزاء منها». وأضاف: «من الصعب القول كيف ستتطور الأمور» ووصف القتال بأنه (شرس)». وتقع بيجي على الطريق بين بغداد والموصل، كبرى مدن شمال البلاد وأولى المناطق التي سقطت في يد تنظيم داعش في هجوم يونيو. ويرى المسؤولون الأميركيون أن المعارك في بيجي ومحيطها، مرتبطة بشكل كبير بأي عملية مستقبلية لاستعادة الموصل.
وقال وارن: «بيجي هي طريق للوصول إلى الموصل، ولذلك فسيكون من الصعب السيطرة على الموصل من دون بيجي، بل إنه مستحيل».
وكانت المصفاة تنتج في السابق نحو 300 ألف برميل يوميا من المشتقات النفطية، ما كان يلبي نحو نصف حاجة العراق، إلا أنها توقفت عن العمل منذ أشهر، وتعرض الكثير من منشآتها للدمار بسبب المعارك والقصف.
وقال فوزي محسن، وهو مقاتل في أحد الفصائل الشيعية المشاركة في المعارك قرب بيجي، لمصور وكالة الصحافة الفرنسية، أول من أمس، في المكان «(داعش) حرقوا مصفاة بيجي»، التي يمكن رؤية دخان أسود كثيفا يتصاعد منها. وأضاف: «قطعاتنا تقدمت، وحاليا كل يوم نتقدم بين 700 و800 متر».
وأشار المصدر العسكري إلى أن القوات الموجودة داخل المصفاة تحقق بعض التقدم خلال النهار، بدعم من ضربات التحالف وطيران الجيش العراقي، لتعود الأفضلية إلى «داعش» خلال الليل ومطلع الفجر.
وأوضح اللواء أن نحو 250 عنصرا من القوات العراقية والفصائل الموالية لها يوجدون داخل المصفاة، ويتلقون يوميا مساعدات من الجو تقدر بنحو أربعة أطنان من الطعام والمياه والذخائر. في المقابل، قدر عدد مقاتلي «داعش» داخل المصفاة بنحو 230 عنصرا.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.