التضخم معضلة عالمية ستفرز 5 أزمات ضخمة

ضرب جميع الدول وسيتبعه بالضرورة رفع أسعار الفائدة

توفير السلع الأساسية ضمن أبرز المشاكل التي يخلفها التضخم العالمي (أ.ب)
توفير السلع الأساسية ضمن أبرز المشاكل التي يخلفها التضخم العالمي (أ.ب)
TT
20

التضخم معضلة عالمية ستفرز 5 أزمات ضخمة

توفير السلع الأساسية ضمن أبرز المشاكل التي يخلفها التضخم العالمي (أ.ب)
توفير السلع الأساسية ضمن أبرز المشاكل التي يخلفها التضخم العالمي (أ.ب)

إذا كان دخلك 1000 دولار شهريا، وخططك ومستهدفاتك المستقبلية مبنية على هذا المبلغ، وارتفعت الأسعار نتيجة متغيرات خارجة عن إرادتك، مثل جائحة أو حروب، ترتب عليهما استمرار ارتفاع معدلات تضخم قياسية، فمن المؤكد أنه بعد تغيير سلوكك الاستهلاكي والشرائي، لن يكون في مقدورك العيش دون الاستدانة، مع استبعاد محاولات بيع أصول تمتلكها، نظرا لكثافة الضبابية التي تحيط بالاقتصاد الكلي.
هذا ما يحدث بالفعل مع الأسواق الناشئة، التي وجدت نفسها في معاناة شهرية لتوفير النفقات المالية الدولارية لشراء وارداتها الأساسية، والتي تختلف من دولة إلى أخرى، حسب حجم اكتفائها الذاتي من السلع والمنتجات والخدمات.
ضرب التضخم جميع دول العالم، والذي استتبعه بالضرورة رفع أسعار الفائدة، وأثر على قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي لجميع الدول، ليضرب اقتصادات دول ناشئة في مقتل، والتي عادة ما تكون مخزوناتها من الدولار ليست كبيرة، وتعتمد على الاستيراد في أغلبية وارداتها.
لذلك، ليس أمام هذه الدول سوى اللجوء إلى الدول التي تمتلك احتياطيات نقدية كبيرة، والتي تأثرت هي الأخرى بتداعيات التضخم، غير أن ما تمتلكه من عملة دولية مطلوبة مثل الدولار أو اليورو، يحميها في أوقات الأزمات، مثلما الحال مع الدول الكبرى.
ووفق خبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإنه وبالنظر إلى المعطيات الحالية لدى كثير من الدول الناشئة حول العالم، نجد أن هناك 5 أزمات ضخمة تنتج عن التضخم، طال بعض منها بعض الدول، كان آخرها مصر، ألا وهي: نقص الدولار وصعوبة توفيره، معضلة المحافظة على النمو وعدم الذهاب إلى الانكماش (من خلال محاولات معالجة التضخم عبر رفع الفائدة في الوقت الذي تجذب فيه استثمارات مباشرة)، إدارة الموارد المالية بشكل يضمن استمرار تدفق السلع والمنتجات، حتى في أحلك الظروف، وذلك عبر توسيع رقعة الإنتاج المحلي، وزيادة نسب الاكتفاء الذاتي في السلع الأساسية، بالتوازي مع عقود الاستيراد طويلة الآمد. أما الأزمة الرابعة فتتمثل في الحفاظ على معدلات التوظيف، والخامسة حجم الديون نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وفي الوقت الذي لم يكن فيه أحدا مستعدا لتداعيات التضخم العالمي، على صعيد الدول والأفراد، يرى الدكتور شريف هنري خبير الاقتصاد الكلي، أن «التضخم أحد الآليات التي تستخدمها بعض الدول لتصدير الأزمات».
يقول هنري لـ«الشرق الأوسط»: «نحن الآن في زمن تصدير الأزمات، للاستفادة منها على الصعيد الجيوسياسي والاقتصادي»، موضحا: «أصبحت الأزمات مثل كرة الثلج منذ يناير 2020».
وعن الأزمة الأكبر التي يراها تلوح في الأفق نتيجة تلك السياسات التضخمية الناتجة عن طباعة الأموال وقت جائحة كورونا، قال: «تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى الدول ومدى قدرة هذه الدول على توفير العملة الصعبة للحفاظ على تدفق السلع لأسواقها... ببساطة: الأزمة المقبلة هي الحصول على العملة الصعبة». وأشار هنا إلى العلاقة بين الاحتياطي النقدي والتضخم: «كان بيكفي كم شهر والآن يكفي كم شهر». مشيرا إلى أن الدول الخليجية لن تعاني من هذه الأزمات، لأن لديها احتياطيا كبيرا، «التأثيرات عليها ستكون ضئيلة».
من جانبه يرى أحمد معطي، كبير الاقتصاديين والمدير التنفيذي لشركة «في آي ماركتس» في مصر، أن «الأزمة الجديدة: هي التوظيف»، موضحا أن تغييرا في سلوك الموظفين حدث بطريقة ملحوظة، حتى إن الرئيس الأميركي جو بايدن أشار إلى ذلك: «اتعودوا على القعدة والسلوك من البيت... وبالتالي المصانع لم تجد موظفين فرفعوا الأجور... وهذه الزيادة تنعكس على التضخم أيضًا...».
وأشار معطي إلى تغيير نهج البنوك المركزية الكبرى في الحديث عن التضخم مؤخرا: من «لا داعي للخوف من التضخم لأنه مؤقت..» إلى: «تضخم كبير ومخيف». لكنه يرى أنه «تضخم طويل الأجل وليس مستمرا... لأن العالم كله متضرر... فالدول تستورد التضخم مع المنتجات المستوردة».
أما أحمد شكري رشاد، الأستاذ الجامعي والمستشار الاقتصادي، فيرى أنه من المرجح أن يظل التضخم مرتفعا في عام 2022 على مستوى الدول المتقدمة والنامية، على أن ينحسر في 2023 في ظل السياسات النقدية الانكماشية وحدوث انفراجة في أزمة سلاسل التوريد، وارتفاع الطلب على الخدمات مرة أخرى، وتخفيف الضغط على السلع بالإضافة إلي تأثيرات سنة الأساس في حسابات التضخم.
وأوضح شكري: «للأسف فإن التضخم يزيد من لا مساواة الاقتصادية داخل المجتمعات، ويضر بالعدالة الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، مع التضخم ارتفعت قيمة الأصول الثابتة مثل الوحدات العقارية التي يمتلكها الأفراد الأكثر ثراء. لكن من جهة أخرى، تضغط معدلات التضخم على أسعار الغذاء والوقود والتي تتأثر بها الأسر الأكثر فقرا».



ارتفاع طفيف للنحاس في لندن بدعم من تراجع الدولار

عامل في مصهر كوديلكو فينتاناس للنحاس بتشيلي (رويترز)
عامل في مصهر كوديلكو فينتاناس للنحاس بتشيلي (رويترز)
TT
20

ارتفاع طفيف للنحاس في لندن بدعم من تراجع الدولار

عامل في مصهر كوديلكو فينتاناس للنحاس بتشيلي (رويترز)
عامل في مصهر كوديلكو فينتاناس للنحاس بتشيلي (رويترز)

تعافى النحاس في بورصة لندن للمعادن يوم الثلاثاء من خسائره المبكرة، مسجلاً ارتفاعاً طفيفاً بدعم من تراجع الدولار، إلا أن المخاوف المستمرة بشأن سياسات الرسوم الجمركية الأميركية والتوترات التجارية العالمية حدّت من مكاسبه.

وارتفعت عقود النحاس القياسية لثلاثة أشهر في بورصة لندن بنسبة 0.2 في المائة لتصل إلى 9.548 دولار للطن المتري بحلول الساعة 07:04 (بتوقيت غرينتش). في المقابل، تراجع عقد النحاس الأكثر تداولاً في بورصة شنغهاي بنسبة 0.5 في المائة إلى 78.030 يوان (نحو 10. 772.12 دولار) للطن، وفق «رويترز».

وفي أسواق العملات، برز الين الياباني بوصفه ملاذاً آمناً مفضلاً للمستثمرين، حيث لامس أعلى مستوياته في خمسة أشهر وسط تصاعد المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي نتيجة السياسات الجمركية، مما أدى إلى تراجع الدولار وهبوط مؤشرات الأسهم الأميركية. ويُسهم ضعف الدولار في جعل السلع الأساسية المقومة به، مثل النحاس، أكثر جاذبية للمشترين من حاملي العملات الأخرى.

وفي سياق متصل، تجنّب الرئيس الأميركي دونالد ترمب التعليق على ردود الفعل السلبية للأسواق تجاه سياساته الجمركية المتقلبة، وسط تزايد المخاوف من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى زعزعة استقرار الاقتصاد الأميركي المترهل ودفعه نحو الركود.

من جانبها، حذّرت ناتالي سكوت غراي، كبيرة محللي المعادن في «ستون إكس»، قائلة: «على المدى الطويل، قد تؤدي التغيرات في طرق التجارة وأي ردود فعل انتقامية على الرسوم الجمركية إلى صدمات اقتصادية وعدم يقين في الاستثمارات، ما يشكل رياحاً معاكسة لأسواق المعادن، لا سيما إذا تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين».

وأضافت: «الوضع الاقتصادي في الصين اليوم أكثر غموضاً مقارنة بفترة الرسوم الجمركية السابقة».

تجدر الإشارة إلى أن الصين تستهلك نحو نصف الإمدادات العالمية من النحاس سنوياً، مما يجعلها لاعباً رئيسياً في سوق المعادن.

أداء المعادن الأخرى

شهدت أسواق المعادن الأساسية تبايناً في الأداء بين بورصتي لندن وشنغهاي، حيث تراجع الألمنيوم في بورصة لندن للمعادن 0.02 في المائة إلى 2693.5 دولار للطن، بينما انخفض في بورصة شنغهاي للعقود الآجلة 0.1 في المائة إلى 20845 يواناً.

في المقابل، ارتفع الزنك 0.3 في المائة في بورصة لندن إلى 2866 دولاراً للطن، في حين خسر 0.08 في المائة في شنغهاي ليستقر عند 23840 يواناً.

أما النيكل، فقد حقق مكاسب وارتفع بنسبة 0.2 في المائة في لندن إلى 16580 دولاراً، في حين ارتفع بنسبة واحد في المائة في شنغهاي إلى 132990 يواناً. وانخفض الرصاص بنسبة 0.2 في المائة في لندن إلى 2044 دولاراً، وبنسبة 0.09 في المائة في شنغهاي إلى 17400 يوان.

وفيما يتعلق بالقصدير، فقد ارتفع في لندن بنسبة 0.2 في المائة إلى 32720 دولاراً، وارتفع قليلاً بنسبة 0.1 في المائة في شنغهاي إلى 263030 يواناً.