حركت مصر أسعار الفائدة الرئيسية، بمقدار 100 نقطة أساس (واحد في المائة)، في اجتماع استثنائي أمس الاثنين، للجنة السياسة النقدية، في الوقت الذي سجل فيه الجنيه تراجعاً بنسبة 14 في المائة، ليستقر عند 17.50 جنيه للدولار الواحد، بعد أن بلغ 18.27 جنيه، وذلك منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
ولم ينتظر البنك المركزي اجتماعه العادي ليوم الخميس المقبل، ليتخذ تلك الإجراءات، وهو ما يوضح حجم التداعيات الاقتصادية التي خلفها الغزو الروسي لأوكرانيا، على مصر، إذ من شأن تلك التحركات أن تحافظ على التدفقات النقدية الأجنبية، في وقت اشتكى فيه بعض المستوردين من صعوبة فتح اعتمادات مستندية في البنوك لاستيراد خامات وسلع محددة.
وتأثر الجنيه المصري إزاء تلك الصعوبات التي يواجها المستوردون في توفير الدولار، لتتراجع العملة المحلية بنحو 14 في المائة أمس، من 15.60 إلى 17.50 جنيه للدولار الواحد، وهو ما انعكس على الفور على جاذبية الديون السيادية، بارتفاع السندات الحكومية المصرية المقومة بالدولار المستحقة السداد في عام 2040، بنحو سِنتين، وأخرى ما بين 0.4 سنت و1.7 سنت، وفق بيانات «تريد ويب».
وتقول مونيت دوس وهي محللة أولى للاقتصاد الكلي وقطاع الخدمات المالية بشركة «إتش سي»- في هذا الصدد: «نعتقد أن الجمع بين انخفاض قيمة الجنيه المصري، وارتفاع سعر الفائدة، سيؤدي إلى انتعاش تدفقات الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين الحكومي في مصر، مما يساعد في توفير احتياجات التمويل الخارجي؛ حيث نعتقد أنها قد تنتعش مع عائد 14.2 -14.5 في المائة لأذون الخزانة، أجل الـ12 شهراً، مما يؤدي إلى عائد حقيقي يبلغ حوالي 1 في المائة».
وتواجه القاهرة مخاطر متعددة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، فبينما تتحارب روسيا وأوكرانيا، يتأثر قطاع السياحة في مصر الذي يعتمد في ثلثه على السياح من هذين البلدين، وذلك بالتزامن مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية والغذاء اللذين يشكلان العناصر الأساسية في سلة التضخم المصري.
وتسارع التضخم الرئيسي في مصر إلى أعلى مستوياته منذ ما يقرب من 3 سنوات في فبراير (شباط) الماضي، مسجلاً 8.8 في المائة. وترى مونيت أن هذه القرارات من شأنها احتواء التضخم ووقف عملية الدولرة، وجذب استثمارات أجنبية لسوق الدين المصري، وتعزيز المعروض من العملات الأجنبية مما يؤثر إيجاباً على النشاط الاقتصادي، مقارنة بالكساد الذي قد يحدث بسبب نقص العملات الأجنبية.
غير أن كل هذا من شأنه أن يضغط على المالية العامة في البلاد، في ضوء اعتماد مصر التي غالباً ما تكون أكبر مستورد للقمح في العالم، بشكل كبير على واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا.
وأشار البنك المركزي المصري إلى هذه الضغوط في بيان أمس قائلاً: «على رأس تلك الضغوط الارتفاع الملحوظ في الأسعار العالمية للسلع الأساسية، واضطراب سلاسل الإمداد، وارتفاع تكاليف الشحن، بالإضافة إلى تقلبات الأسواق المالية في الدول الناشئة، مما أدى إلى ضغوط تضخمية محلية، وزيادة الضغط علي الميزان الخارجي».
وحدد البنك المركزي سعر عائد الإقراض لليلة واحدة عند 10.25 في المائة، وسعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 9.25 في المائة؛ مشيراً إلى الضغوط التضخمية العالمية التي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا.
وبالنظر إلى المخاوف العالمية من التضخم وانعكاساتها على البلاد، طرح أكبر بنكين حكوميين في مصر: «الأهلي» و«مصر»، شهادات إيداع بعائد سنوي 18 في المائة.
وأمام هذه التحركات، تزيد الضغوط الاقتصادية على المواطنين؛ خصوصاً أنها متتالية، وهو ما حرك الحكومة المصرية لاتخاذ قرارات بحزم مالية جديدة للحماية الاجتماعية وتحسين الأجور مع مرتب أبريل (نيسان)، سبقها تحديد سعر بيع الخبز الحر عند 11.5 جنيه (0.66 دولار) للخبز المعبأ، وزن كيلوغرام.
وأوضح بيان من مجلس الوزراء، أن غرامة مخالفة الأسعار المحددة تبلغ ما بين 100 ألف جنيه و5 ملايين جنيه، مع تثبيت الأسعار لمدة 3 أشهر.
ويعتمد أكثر من 30 في المائة من سكان مصر البالغ عددهم 103 ملايين نسمة على القطاع الخاص لشراء الخبز، بينما تشتري البقية الخبز المدعم مقابل سعر ثابت منذ عقود عند 0.05 جنيه للرغيف.
في الأثناء، قررت وزارة المالية تخصيص 130 مليار جنيه (7.13 مليار دولار) للتعامل مع تداعيات التحديات الاقتصادية العالمية، وتخفيف آثارها على المواطنين.
وتشمل حزمة الإجراءات تحديد الدولار الجمركي عند 16 جنيهاً للسلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج، بنهاية أبريل، وزيادة حد الإعفاء الضريبي بنسبة 25 في المائة، ليصبح 30 ألف جنيه.
وتضم الإجراءات أيضاً خصم 50 في المائة من قيمة الأرباح الرأسمالية المحققة عند الطرح الأولي بالبورصة لمدة سنتين.
وأكد محمد معيط وزير المالية، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أمس، أنه «تنفيذاً للتوجيهات الرئاسية، فقد تم إعداد حزمة من الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية بقيمة 130 مليار جنيه، للتعامل مع تداعيات التحديات الاقتصادية العالمية، وتخفيف آثارها على المواطنين».
ولفت إلى أنه «سيتم تدبير 2.7 مليار جنيه لضم 450 ألف أسرة جديدة للمستفيدين من (تكافل وكرامة)، وتخصيص 190.5 مليار جنيه للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لصرف الزيادة السنوية في قيمة المعاشات بنسبة 13 في المائة، بدءاً من أول أبريل المقبل».
في غضون ذلك، سجل مؤشر الأسهم القيادية المصري أكبر مكاسبه بالنسبة المئوية في نحو عامين أمس، وأغلق مؤشر الأسهم القيادية المصري مرتفعاً 4.5 في المائة.
مصر تحرّك الفائدة والجنيه يتراجع 14%
حزمة جديدة للحماية الاجتماعية... وشهادات بعائد 18%
مصر تحرّك الفائدة والجنيه يتراجع 14%
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة