«تعفيش المعفش»... ظاهرة جديدة في جنوب دمشق

فتيان وفتيات يأخذون ما تبقى من أثاث مناطق مدمرة

مركبة نقل تعرضت للدمار بعد قصف إسرائيلي على ريف دمشق في 7 من الشهر الحالي (أ.ب)
مركبة نقل تعرضت للدمار بعد قصف إسرائيلي على ريف دمشق في 7 من الشهر الحالي (أ.ب)
TT

«تعفيش المعفش»... ظاهرة جديدة في جنوب دمشق

مركبة نقل تعرضت للدمار بعد قصف إسرائيلي على ريف دمشق في 7 من الشهر الحالي (أ.ب)
مركبة نقل تعرضت للدمار بعد قصف إسرائيلي على ريف دمشق في 7 من الشهر الحالي (أ.ب)

ظهرت مؤخراً ظاهرة «تعفيش» (سرقة) المنازل والممتلكات «المعفشة» في مناطق جنوب دمشق التي استعادت الحكومة السورية السيطرة عليها، إذ تقوم بها مجموعات تضم أطفالاً ونساء، وذلك بغض طرف من قبل عناصر الجيش الحكومي والأجهزة الأمنية والميليشيات الموجودة هناك، حسب قول معارضين سوريين في دمشق.
واستعادت دمشق السيطرة على مناطق جنوب دمشق (مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، الحجر الأسود وحي التضامن) في صيف عام 2018 عقب سيطرة فصائل المعارضة المسلحة عليها في نهاية عام 2012، وبعدها «هيئة تحرير الشام» ومن ثم تنظيم «داعش». ويقع «مخيم اليرموك» الذي يرمز له بـ«عاصمة الشتات الفلسطيني»، على بعد أكثر من سبعة كيلومترات جنوب دمشق، وتبلغ مساحته نحو كيلومترين مربعين، وإلى الشرق منه يقع «حي التضامن»، ويتبعان إدارياً لمحافظة دمشق، فيما تقع جنوبه ناحية «الحجر الأسود» التابعة لمحافظة ريف دمشق وكان يقطنها أغلبية من نازحي هضبة الجولان.
وأدت العملية العسكرية التي قام بها الجيش النظامي وحلفاؤه في مناطق جنوب دمشق إلى دمار منازل ومحال تجارية وبنى تحتية بشكل كامل في «مخيم اليرموك» و«الحجر الأسود» و«حي التضامن»، وإلى دمار جزئي في بعضها، على حين بقي قسم آخر سليماً.
ومع مماطلة الحكومة المستمرة بإعادة تأهيل تلك المناطق وإعادة الأهالي إليها، تعرضت المنازل والمحال التجارية والمؤسسات فيها، لعمليات نهب وسرقة (تعفيش) من قبل عناصر الجيش والأمن وحلفائهم، شملت كافة الموجودات من أثاث منزلي وأبواب ونوافذ وأسلاك كهربائية وأدوات صحية ورخام وبلاط وسيراميك وحتى انتزاع القضبان الحديدية من المباني المدمرة، وهدم أسقف أبنية قائمة لسرقة الحديد، لدرجة باتت تلك المنازل والمحال التجارية والمؤسسات على «العظم» وتحتاج إلى عملية إكساء جديدة، حسب قول نشطاء.
ومنذ أكثر من شهرين وحتى الآن، تشهد «الشرق الأوسط» عدة مجموعات تضم الواحدة ما بين 10 - 15 فتى وفتاة تتراوح أعمارهم بين 10 - 13 عاماً، إضافة إلى وجود عدد قليل من الفتيات بينهم أعمارهن بين 18 - 20 عاماً، تتجه في ساعات الصباح الباكر إلى «مخيم اليرموك» وهم يحملون كميات من الأكياس الكبيرة الفارغة.
وشهدت «الشرق الأوسط» أكثر من مرة خروج بعض تلك المجموعات من «مخيم اليرموك» سيراً على الأقدام وأفرادها يحملون على ظهورهم ورؤوسهم أكياساً ممتلئة وأغلبيتها محكمة الإغلاق، على حين تشاهد وبشكل يومي في الطرقات الرئيسية القريبة من مناطق جنوب دمشق شاحنات صغيرة (سوزوكي) وهي محملة بعدد كبير من الأكياس الممتلئة ويجلس ويتمدد فوقها أفراد تلك المجموعات ووجههم مفعمة بالسرور.
ومن خلال التدقيق في بعض الأكياس غير المحكمة الإغلاق، يتبين أن ما بدخلها هو قطع أثاث خشبية صغير، وقطع حديد وألمونيوم صغيرة أيضاً، إضافة إلى أواني مطبخ بلاستيكية وحديدية وزجاجية.
ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» شهود عيان، أنهم يدخلون إلى المخيم، بشكل يومي ومنهم من يبقى فيه لساعات المساء، ومنهم من يتجه إلى الجنوب (إلى الحجر الأسود)، وآخرون شرقاً (حي التضامن)، وتضيف المصادر: «يعفشون المعفش».
وتلفت المصادر إلى أن هؤلاء يدخلون أمام أعين عناصر الأمن الموجودين على الحواجز ويخرجون أيضاً أمام أعينهم، وتضيف: «من الواضح أنهم يدفعون (المعلوم) (رشوة) لعناصر الحاجز».
وتوضح، أن عمليات «التعفيش» التي يقوم بها هؤلاء لا تقتصر على المناطق المدمرة الخالية تماماً من السكان، بل تشمل أيضاً منازل غير مأهولة في جادات عادت إليها بعض العائلات، وتقول: «وقحون. لا يخافون. المهم لديهم الحصول على شيء ما»، وتتابع: «بعض الأهالي يصادفون أكثر من مرة عمليات تفقدهم لمنازلهم مع وجود (القرباط) فيها، ونشبت مشاجرات وعمليات عراك عنيفة بالأيدي بين الجانبين».
وتذكر تقارير، أن العديد من التجمعات السكنية المعروفة في العالم باسم «الغجر» منتشرة في عدة مناطق وهم قبائل هاجر أفرادها من بلادهم الأصلية الهند، كما يقال، وتفرقوا في العالم ليعيشوا عبر الترحال الدائم، وبعضهم استقر في عدة بلدان كإسبانيا وأوروبا الشرقية ومنطقة الشرق الأوسط، من بينهم «غجر» سوريا.
و«غجر» سوريا هم عبارة عن تجمعات سكانية ولهم عدة أسماء أخرى مثل «النوَر» و«القرباط» التي تعني الغرباء، وهم مستوطنون فيها بالعديد من المدن الكبرى وفي جميع المحافظات والمناطق السورية، وكان أغلبهم يفضلون السكن في الخيام على الأبنية، ولم يكن لهم دور فعلي في الثورة نتيجة قلة عددهم والخوف من تشتتهم وتفرقة تجمعاتهم.
وكان قسم من «القرباط» قبل اندلاع الثورة السورية التي دخلت عامها الثاني عشر منتصف مارس (آذار) الحالي، يسكنون في جزء من حي القدم جنوب دمشق، وواظبوا في تلك الفترة على العمل في «التسول».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.