تسريب عقاري جديد في سلوان بالقدس

مستوطنون يستولون على شقة عبر شرائها من مالكها

الاحتلال الإسرائيلي يهدم منزلاً في سلوان بالقدس يناير الماضي (وفا)
الاحتلال الإسرائيلي يهدم منزلاً في سلوان بالقدس يناير الماضي (وفا)
TT

تسريب عقاري جديد في سلوان بالقدس

الاحتلال الإسرائيلي يهدم منزلاً في سلوان بالقدس يناير الماضي (وفا)
الاحتلال الإسرائيلي يهدم منزلاً في سلوان بالقدس يناير الماضي (وفا)

نجح مستوطنون في الحصول على عقار جديد في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى بالقدس، عبر شرائه من مالكه، في عملية متواصلة، على الرغم من تكثيف كل الجهود الرسمية والشعبية من أجل القضاء عليها.
وقال مركز معلومات وادي حلوة في القدس، إن مستوطنين استولوا على عقار تعود ملكيته لأحد المقدسيين الذي سربه لهم. والعقار الجديد عبارة عن «شقة ضمن بناية سكنية» تقع في منطقة باب المغاربة ببلدة سلوان.
وأكد المركز أن المنزل سُرّب صباحاً، حيث اقتحم المستوطنون المبنى بحراسة عناصر من شرطة الاحتلال.
ويعد التسريب الجديد ضربة للفلسطينيين في المنطقة القريبة إلى المسجد الأقصى، التي يحارب الفلسطينيون فيها خططاً إسرائيلية لإخلاء منازل هناك بهدف إقامة مشاريع سياحية. ويوجد داخل الحي ما يزيد على 50 بؤرة استيطانية.
ويعاني الفلسطينيون من عمليات تسريب متكررة في القدس وباقي الضفة الغربية، وتمكن الإسرائيليون من السيطرة على مبانٍ في قلب مناطق عربية وبعضها حساس للغاية، وذلك رغم ملاحقة السلطة والفصائل للمسربين. وبدأت السلطة منذ سنوات، بملاحقة مسربين وأخضعتهم للتحقيق وأصدرت بحقهم أحكاماً في المحاكم، لكن ذلك لم يكن رادعاً بشكل كافٍ، كما لم تنه الفتاوى الدينية الأشخاص المعنيين عن القيام بعمليات تسريب من هذا النوع.
وكانت المرجعيات الدينية قد أطلقت عدة فتاوى شرعية ضد المسربين في الفترة الأخيرة، تزامناً مع ازدياد هذه العمليات.
وقد فتح تسريب العقار الجديد في القدس ملف التسريبات الأكثر حساسية في هذه المدينة، ومن بينها تسريب عقار تاريخي مطل على المسجد الأقصى قبل عامين، وكيفية مواجهة ذلك. واشتكى ناشطون من غياب ردع كافٍ بحق المسربين.
لكن يقول المسؤولون في السلطة إنهم يجدون صعوبة في ملاحقة المسربين، لأكثر من سبب؛ الأول أن الأمور تتم بسرية، وينتظر الإسرائيليون سنين طويلة بعد وفاة البائع أو هربه إلى الخارج، حتى يعلنوا أنهم اشتروا الأرض أو المنزل، والثاني، أن بعض هذه الصفقات تتم في القدس أو إسرائيل، ولا سلطة للسلطة هناك، والثالث أن بعض بائعي الأراضي يعيشون في الخارج ويبيعون من الخارج.
وعادة ما يلجأ بعض الفلسطينيين ضعاف النفوس لبيع عقاراتهم، تحت ضغط الإغراءات المالية التي يعرضها اليهود، لكن آخرين يرفضون بشكل تام.
وقال مواطنون فلسطينيون رفضوا بيع أراضيهم، إن المبالغ التي تعرض عليهم خيالية بالعادة.
وقد لا يعرف كثير من الفلسطينيين، أن أرضهم المباعة ستذهب ليهود، ويقع بعضهم ضحية عمليات خداع كبيرة. وتقيد السلطة، اليوم، عمليات البيع بشكل أكبر من قبل، خشية التسريب في الضفة، خصوصاً في المناطق المعروفة باسم «ج» وهي مناطق تسيطر عليها إسرائيل.
وعززت عمليات التسريب المتتالية وجود تنظيم سري يعمل على ذلك. وكان المحامي المختص في الشأن المقدسي، خالد زبارقة، قد أكد أن «تنظيماً سرياً مكوناً من شخصيات متنفذة يقف خلف عمليات التسريب (بيع عقارات فلسطينية للإسرائيليين)، في القدس»، مشدداً على أن «غياب المرجعية الدينية والسياسية والاجتماعية، أسهم في ترهل المجتمع وأفسح المجال للتنظيم السري لإتمام مزيد من الصفقات».



الرهائن ورقة «حماس» الأقوى… هل تخلت إسرائيل عنها؟

TT

الرهائن ورقة «حماس» الأقوى… هل تخلت إسرائيل عنها؟

مسلحون فلسطينيون يحملون تابوتاً خلال عملية تسليم سابقة لجثث 4 رهائن إسرائيليين في خان يونس (أ.ف.ب)
مسلحون فلسطينيون يحملون تابوتاً خلال عملية تسليم سابقة لجثث 4 رهائن إسرائيليين في خان يونس (أ.ف.ب)

مثَّل الرهائن الذين اختطفتهم «حماس» من إسرائيل، في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الورقة الأساسية التي مكنتها من التفاوض على قدم المساواة مع إسرائيل والتوصل إلى وقف لإطلاق النار... ولكن هل ما زالت إسرائيل تتمسك بهذه الورقة بعد استئنافها الحرب بشراسة فجر الثلاثاء؟

ويؤكد خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن الطبيعة العسكرية للرهائن المتبقين تجعلهم يشكلون ورقة ضغط كبيرة على الحكومة الإسرائيلية.

وتؤكد مصادر من «حماس» أن الرهائن المتبقين هم من الجنود، وأن بعضهم ضباط، أُسروا من مواقع عسكرية في غلاف غزة بهجوم «7 أكتوبر». وسبق أن قالت «حماس» وفصائل فلسطينية أسرت إسرائيليين إن بعض المحتجزين المفرَج عنهم هم من الجنود ومن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إلا إن هذا كان يُقابَل بالنفي الدائم من الجانب الإسرائيلي.

ووفقاً لما هو معلن من أرقام، فقد اختطفت «حماس» نحو 250 شخصاً من إسرائيل في «7 أكتوبر 2023». وقُتل من بين هؤلاء 34 شخصاً على الأقل، وفقاً للحكومة الإسرائيلية، رغم أنه من المتوقع أن يكون العدد الحقيقي أعلى.

ووفق الأرقام والتقارير الإسرائيلية، فقد أُطلق سراح 109 محتجزين خلال الحرب، فضلاً عن 8 أنقذهم الجيش الإسرائيلي، بينما عُثر على 37 رهينة وقد فارقوا الحياة، كما هرب 3 رهائن لكنهم قُتلوا بقصف إسرائيلي.

وحتى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي كان يتبقى نحو 94 رهينة في حوزة «حماس»، وأفادت تقارير بأن 60 منهم كانوا أحياء حتى ذلك التاريخ، بينما قُتل الآخرون في القصف الإسرائيلي.

شيري بيباس التي اختُطفت وأُحضرت إلى غزة برفقة طفليها (أ.ب)

وتضمنت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، التي انتهت في 1 مارس (آذار) الحالي، الإفراج، على دفعات، عن نحو ألف أسير فلسطيني في سجون إسرائيل، مقابل 33 من الرهائن لدى «حماس»، منهم 25 أحياء، والباقون جثث.

وصرَّح مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» بأن «حماس» لا يزال لديها نحو 61 رهينة، بينهم 35 على الأقل أحياء.

ويبرز السؤال بشأن مصير هؤلاء بعدما استأنفت إسرائيل الحرب فجر الثلاثاء، وسط اتهامات من عائلات الرهائن للحكومة بالتخلي عنهم.

ورقة الضغط الأشد قوة

يقول المصدر المطلع: «رغم أن الرهائن هم ورقة الضغط الأقوى التي تملكها (حماس) في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، فإنها كانت ملتزمة بالاستمرار في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار والدخول في المرحلة الثانية منه، التي تتضمن تسليم مزيد من الرهائن الأحياء والجثث، مقابل الانسحاب الإسرائيلي من غزة والوقف الدائم لإطلاق النار».

وعرقلت إسرائيل الدخول في المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة، ورفضت الانسحاب من غزة؛ بحجة عدم وجود ضمان لتسليم «حماس» بقية الرهائن بعد الانسحاب، وطالبت بتسليمهم دفعة واحدة، وهو ما رفضته «الحركة» دون وجود ضمان يقضي بانسحاب القوات الإسرائيلية والوقف الكامل والدائم للحرب والتوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية.

فلسطينيات فوق عربة للانتقال بعيداً عن أماكن أمر الجيش الإسرائيلي بإخلائها مع استئنافه قصف غزة الثلاثاء (رويترز)

وكان المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، قد اقترح أن تُسلِّم «حماس» 11 رهينة أحياء وبعض الجثث في يوم واحد، قبل تعديل المقترح إلى 5 أحياء وبعض الجثث خلال 10 أيام، مقابل تمديد وقف إطلاق النار لمدة 50 يوماً، ثم إطلاق المتبقين مقابل تمديد للمدة نفسها.

لكن «الحركة» ردت بأنها مستعدة لتسليم محتجز واحد على قيد الحياة، هو إسرائيلي يحمل الجنسية الأميركية، ونحو 4 جثث لأميركيين، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، وتمديد وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات، والتفاوض على الانسحاب الإسرائيلي، والتوصل لوقف دائم للحرب.

هل تخلت إسرائيل عن الرهائن «الأهم»؟

يرى الخبير الاستراتيجي المصري سمير فرج، أن الرهائن المتبقين لدى «حماس»؛ سواء أكانوا أحياءً أم أمواتاً، يمثلون «ورقة ضغط كبيرة».

وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أكبر ضغط يواجهه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، منذ هجوم (حماس)، هو الضغط واللوم الموجَّه إليه من أهالي الرهائن، ومن ثم؛ فهناك حرص كبير لدى إسرائيل على استعادة الرهائن».

اتفق معه الخبير الاستراتيجي المصري سمير راغب، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن عدد الرهائن المتبقين لدى «حماس» يبدو صغيراً «ولكن هم الأهم بين جميع الرهائن؛ لأن المعلومات تفيد أن بينهم قيادات عسكرية إسرائيلية».

لكن بعدما استأنفت إسرائيل ضرباتها المكثفة على القطاع فجر الثلاثاء، فإن كثيرين من عائلات المحتجزين يتساءلون عن مصير ذويهم، ويكيلون الاتهامات لحكومة نتنياهو بالتخلي عنهم.

واتهم بيان من «منتدى عائلات الرهائن والمفقودين» الحكومة الإسرائيلية بـ«اختيار التضحية بحياة الرهائن»، وفقاً لما نشرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

وأضاف البيان: «لقد تحقق أعظم مخاوف العائلات والرهائن والمواطنين الإسرائيليين. نشعر بالرعب، والغضب، والخوف، من التحطيم المتعمد لعملية إعادة أحبائنا».

وصرح مصدر مسؤول في حركة «حماس» بأن أحد الأسرى الإسرائيليين في القطاع قد قُتل، وبإصابة آخرَين، فجر الثلاثاء. ونقلت وكالة «معاً» الفلسطينية عن المصدر قوله إن الحادثة وقعت نتيجة الغارات الإسرائيلية على القطاع.

من جانبها، اتّهمت «حماس» رئيس الوزراء الإسرائيلي باستخدام الحرب في غزة «قاربَ نجاة له» من أزماته السياسية الداخلية، حتى إن كان هذا الأمر يعني «التضحية» بالرهائن.

وتجاوز عدد قتلى الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة الثلاثاء 400 قتيل على الأقل، بينهم كثير من الأطفال، بينما أصيب المئات، وفقاً لما أعلنته وزارة الصحة في غزة.