مقتدى الصدر يغلق باب التفاوض بـ«شجاعة» المستقلين

(تحليل إخباري)

TT

مقتدى الصدر يغلق باب التفاوض بـ«شجاعة» المستقلين

ثمة عبارة واضحة تقفز من بين سطور التغريدة المطولة لزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، وتكشف عن كواليس التفاوض بين الفعاليات السياسية العراقية؛ وهي أن أبواب الحوار أغلقت، وكل فريق يستعد للمبارزة في جلسة يوم السبت المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية.
من الواضح أن الصدر يريد كسب المعركة من خلال كسب مقاعد المستقلين، الذين باتوا اليوم أكبر قوة سياسية فاعلة ومؤثرة في التحالفات القائمة، لكنه في الوقت نفسه يغلق الباب بشكل تام أمام سيناريو التوافقية... «لقد جربنا هذا ولم ننجح (...) يجب أن نذهب إلى حكومة الأغلبية»، هذه الرسالة لم توجه إلى «الإطار التنسيقي» وحده؛ بل إنها على الأغلب ستغير كثيراً من القواعد؛ إن وجدت، مع الفاعل الإيراني في البلاد.
وحافظ الصدر على جوهر حملته الانتخابية الذي روج له قبل الانتخابات، بضرورة تشكيل حكومة تضم فريقاً سياسياً يواجه معارضة قوية في البرلمان، فيما بدت المخاطبة المباشرة للنواب المستقلين جزءاً من هذا السياق «الذي يتطلب منهم الشجاعة أمام الترهيب»، بمعنى أن دعم حكومة الأغلبية ومرشحَيها لرئاستَي الحكومة والجمهورية سيضمن لهم فرصة «إدارة البلاد» بوصفهم معارضة داخل مجلس النواب.
وبقدر ما بدت تغريدة الصدر دعوة إلى المستقلين لترجيح كفة تحالف الأغلبية بالتصويت لمشروعهم، فإنها قد تعني أيضاً أن التفاهم بين الطرفين أُنجز قبل ذلك، فالصدر لا يغامر بدعوة من دون ضمانات الاستجابة لها.
كما أن حضور الصدريين جلسة انتخاب الرئيس من دون الحد الأدنى من حسابات الفوز لن يكون من «عادة» التيار؛ إذ لم تشهد المنازلات النيابية خسارة صدرية في أي منها، خلال السنوات الماضية.
لكن الأزمة لا تقتصر على حسابات الصدر لجلسة واحدة؛ فالطرف الآخر في النزاع، «الإطار التنسيقي»، كشف ضمنياً عن «سكوت المفاوضين» وإغلاق باب الحوار بالتلويح بـ«الاقتتال الداخلي»، والمواجهة الحتمية بين المعسكرين.
ثمة «إعلانات» متواترة ليس عن فشل الحوار؛ بل عن استعداد سياسي لاختراق ميداني بين الفاعلين، وهو ما عبر عنه قبل أيام القيادي في «تيار الحكمة»، رحيم العبودي، بأن توقف الحوار سيقود الجميع إلى «الاقتتال الداخلي».
وليس من السهل توقع «نقلة» الإطار التالية على الرقعة، ومن غير المرجح ألا تحتفظ أحزابه الرئيسية بحركة أخيرة، لكن المسار المتوقع يحتمل إلى جانب فوز الصدر بـ«الكتلة الكبرى» بعيداً من خصومه بالتحالف مع الكرد والسنة والمستقلين، انسحابه مجدداً إلى المعارضة، أو اللجوء إلى انتخابات جديدة خلال أشهر.
وتطرح هذه الخيارات المعقدة احتمالية جديدة بأن ينسجم الخلاف المحتدم بين الصدر و«الإطار» مع نسق الهجمات العابرة للحدود، فمنذ قصف أربيل بصواريخ باليستية عجزت المنظومة السياسية العراقية عن تصنيفه «اعتداءً» خارجياً، مما يسمح لهذا النوع من الهجمات بأن يكون جزءاً «اعتيادياً» من التوتر الداخلي، في مقاربة يراها كثيرون من صناع القرار في بغداد نهاية عملية لتجربة ما بعد 2003.
طرف واحد مقبول من «الإطار التنسيقي» يكفي بانضمامه لحكومة الأغلبية سيكون كافياً لوقع هذه المسارات المخيفة، على أن يتمكن هذا الطرف - على الأرجح سيكون «كتلة بدر» - من تصفية شراكته مع الآخرين في «الإطار»؛ أبرزهم نوري المالكي، لكن محاولة سحب هذا الفصيل الذي يقوده هادي العامري سبق أن فشلت وسقطت في فخاخ نصبها الإيرانيون في غرف المفاوضات، بمساعدة من أطراف من «الإطار التنسيقي».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.