مصر: إطلاق أول مهرجان لمراقبة وتصوير الطيور ببورسعيد

أحد أنواع الطيور الآكلة للسمك (الشرق الأوسط)
أحد أنواع الطيور الآكلة للسمك (الشرق الأوسط)
TT
20

مصر: إطلاق أول مهرجان لمراقبة وتصوير الطيور ببورسعيد

أحد أنواع الطيور الآكلة للسمك (الشرق الأوسط)
أحد أنواع الطيور الآكلة للسمك (الشرق الأوسط)

نظّمت وزارة السياحة والآثار المصرية، أول مهرجان لهواة مراقبة الطيور وتصويرها بمحافظة بورسعيد، تحت عنوان «مهرجان بورسعيد التجريبي الأول لتصوير ومراقبة الطيور» بالتنسيق مع إدارة المكاتب الداخلية بقطاع المكاتب السياحية بالهيئة ومكتب هيئة تنشيط السياحة الرئيسي ببورسعيد، وبالتعاون مع محافظة بورسعيد وإدارة محمية أشتوم الجميل بوزارة البيئة ومجلس مدينة بورفؤاد.
وقالت وزارة السياحة والآثار، في بيان لها اليوم، إن «تنظيم هذا المهرجان يأتي في إطار حرص الوزارة على دعم الترويج السياحي لمقاصد مصر السياحية المختلفة، عبر استغلال وإضافة أنماط سياحية جديدة للمنتج السياحي المصري المتنوع، ووفقاً لخطة الدولة المصرية التي تستهدف مزيد من التنمية السياحية في جميع محافظات مصر».

واعتبر ماجد أبو سديرة، رئيس الإدارة المركزية للمكاتب السياحية، أن تدشين هذا المهرجان بمحافظة بورسعيد لأول مرة، خطوة نحو الترويج لهذا النمط من السياحة (Bird Watching Tourism)، التي تستهدف هواة مراقبة الطيور وتصويرها من جميع أنحاء العالم، وكذلك هواة السياحة البيئية، حيث تتميز بورسعيد بوجود بحيرة الملاحات شرق مدينة بورفؤاد وكذلك منطقة بحيرة المنزلة المتاخمة لمحمية أشتوم الجميل والتي تحتوي على أكثر من 30 نوعاً من الطيور المهاجرة من أشهرها الفلامنجو والبجع والطيور الخواضات والزرزور وغيرها من الأنواع الأخرى، والتي تكثر أعدادها وتمتاز بألوانها الزاهية وأشكالها المميزة.
وأكد أبو سديرة، أن المهرجان حظي بمشاركة عدد كبير من السائحين والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي من بينهم أحمد ضياء الصدر، ونحو 15 مصوراً من المصورين الهواة والمحترفين وعدد من المهتمين بمراقبة أسراب الطيور، الذين أعربوا عن سعادتهم بتجربتهم الأولى في هذا المهرجان، والتي أتاحت لهم الفرصة للاستمتاع بالطبيعة الخلابة بمحافظة بورسعيد ومراقبة الطيور.
وتستقبل بعض محميات مصر الطبيعية أنواعاً مختلفة من الطيور المهاجرة، خلال رحلتها بين قارتي أفريقيا وأوروبا مرتين في العام، المرة الأولى في فصل الربيع، (موسم عبور الطيور في اتجاه أوروبا)، والأخرى في الخريف (موسم العودة إلى أفريقيا).

ووفق خبراء البيئة فإن موسم هجرة الطيور في مصر يشهد زخماً بيئياً وشعبياً وتجارياً، نظراً لاهتمام فئات عدة به، إذ تعد مصر من أهم محطات عبور الطيور المهاجرة في العالم.
وتعد محميات جنوب سيناء، وخليج السويس من أبرز المحميات الطبيعية في استقبال الطيور المهاجرة، إلى جانب محافظة الفيوم التي يستقر فيها طويلاً طائر الفلامنجو في فصل الشتاء.
ويشير الناشط البيئي المصري أحمد فتحي، إلى أن محمية الزرانيق في محافظة شمال سيناء تعد من أهم وأولى محطات هجرة الطيور في رحلتها من أوروبا إلى أفريقيا. وأُعلنت الزرانيق كمحمية طبيعية ضمن اتفاقية رامسار الدولية لحماية الأراضي الرطبة المهمة للطيور المائية... كما أدرجتها منظمة «حياة الطيور العالمية» كإحدى المناطق المهمة للطيور في العالم... حيث يتم حماية أنواع كثيرة من الطيور المهددة بخطر الانقراض، وأيضاً كمنطقة من المناطق ذات الحماية الخاصة تحت طائلة اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط والمناطق ذات الحماية الخاصة.

ويمر بالزرانيق نحو 300 نوع من الطيور المهاجرة، منها (البجع، والبشاروش، والبلشون، واللقلق، والصقر، والسمان، والقنبرة المتوجة، والمكاء، والنكات، وأبو الرؤوس السكندري، والحجوالة، والنوارس، والكروان، والبط، والطيطوي الخواض، وطيور أبو مغيزل).
وشهد غاليري «بيكاسو» بالقاهرة في نهاية عام 2020 أول نسخة من معرض طيور مصر النادرة، والذي شارك فيه نحو 55 مصوراً من مصر وسوريا والمغرب.
وأسهم المعرض في تسليط الضوء على أنواع مختلفة من الطيور عبر مجموعة كبيرة من الصور، من بينها صور لطائر «بلشون الليل» و«طائر البومة طويلة الأذن»، و«العقاب النساري»، وهو من الطيور المهاجرة، إلى جانب طائر «عصفور الفراولة».



مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».