الاتحاد الأوروبي يتريَّث في حظر الطاقة الروسية خشية «تصدُّع وحدته»

مؤتمر دولي للمانحين لإنشاء صندوق دعم أوكرانيا

جانب من مسيرة داعمة لأوكرانيا في باريس الجمعة (أ.ف.ب)
جانب من مسيرة داعمة لأوكرانيا في باريس الجمعة (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يتريَّث في حظر الطاقة الروسية خشية «تصدُّع وحدته»

جانب من مسيرة داعمة لأوكرانيا في باريس الجمعة (أ.ف.ب)
جانب من مسيرة داعمة لأوكرانيا في باريس الجمعة (أ.ف.ب)

بينما يستعدّ الاتحاد الأوروبي للإعلان عن دفعة جديدة من العقوبات ضد روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، تخشى مصادر دبلوماسية مطلعة في بروكسل، أن يؤدي تسارع هذه العقوبات غير المسبوقة إلى تصدّع الوحدة الأوروبية في وجه الكرملين؛ خصوصاً إذا تقرر أن تشمل قطاع الطاقة الذي ما زالت تتضارب حوله الآراء داخل الاتحاد.
وكان الاجتماع الذي عقده المندوبون الدائمون للدول الأعضاء حتى ساعة متأخرة من ليل الجمعة، تحضيراً لمجلس وزراء الخارجية، غداً الاثنين، قد أظهر أن موضوع الحظر الأوروبي الشامل على النفط والغاز من روسيا الذي تطالب به دول مثل بولندا، ما زال يواجه معارضة من بعض الدول الوازنة، مثل ألمانيا وإيطاليا اللتين لا تعترضان عليه من حيث المبدأ؛ لكن تعتبرانه السلاح الأخير في ترسانة العقوبات على الكرملين، وتفضلان التريّث في استخدامه أو انتظار تحوّل كبير في مسار المعارك الحربية يحتّم اللجوء إلى مثل هذا القرار الحاسم على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
ويقول مصدر دبلوماسي أوروبي: «علينا أن نكون مستعدين لجميع الخيارات، مع الحفاظ دائماً على وحدة الصف، كما فعلنا خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة؛ حيث تصرّفنا بسرعة وحزم، واتخذنا جميع القرارات بالإجماع أو بالتوافق».
وإلى جانب العقوبات ضد موسكو، يستعد الأوروبيون لخطوة غير مسبوقة لمساعدة أوكرانيا؛ حيث أبلغ رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن الاتحاد يدرس خطة لإنشاء صندوق من أجل تمويل المجهود الحربي والاحتياجات الأساسية للسكان وأجهزة الدولة، وأيضاً لإعمار أوكرانيا بعد الحرب، وربطها بالغرب كما قال ناطق باسم ميشال، موضحاً أن الصندوق سيتمّ تمويله في مؤتمر دولي للمانحين.
وينصَبّ الاهتمام الأوروبي حالياً على معاقبة موسكو، بعد اتخاذ 3 دفعات متعاقبة من التدابير كانت آخرها تلك التي تقررت في قمة فرساي، وشملت تجميد أصول البنك المركزي الروسي في أوروبا، ومنع قنوات التلفزيون الروسية من البث في بلدان الاتحاد، وتوسيع القائمة السوداء التي صارت تضمّ 877 من المسؤولين أو المقرّبين من الكرملين الذين يمنع دخولهم إلى الاتحاد الأوروبي؛ حيث جُمّدت أصولهم، إضافة إلى 62 مؤسسة رسمية خاصة.
لكن الموافقة النهائية على الحزمة الثالثة من العقوبات، أظهرت بعض التباين في صفوف الشركاء الأوروبيين، على الأقلّ من حيث وتيرة القرارات؛ إذ طلبت ألمانيا عدم الاستعجال، ومواكبة التطورات الميدانية، وتأمين التدابير التي تساعد على احتواء تداعيات هذه العقوبات على الاقتصادات الأوروبية. وتقول مصادر مطلعة إن الحزمة الرابعة التي من المنتظر أن تصدر عن مجلس وزراء الخارجية غداً الاثنين، لن تشهد النور قبل قمة الخميس المقبل التي سيشارك فيها الرئيس الأميركي جو بايدن.
وتفيد المصادر بأن مضمون هذه الحزمة الجديدة بات جاهزاً؛ حيث من المؤكد إضافة عشرات الأسماء إلى القائمة السوداء؛ لكن من المستبعد وقف استيراد المحروقات من روسيا، وتأجيل هذا القرار، على أن تكون الخطوة الأولى فيه وقف استيراد النفط الذي يسهل استبداله من مصادر أخرى.
وإذ تعترف الدول المؤيدة للحظر التام على المحروقات الروسية بأن هذا القرار ليس ناضجاً بعد في الاتحاد، تدعو الدول الأخرى إلى مزيد من التدرّج في العقوبات، وكسب الوقت حتى نهاية الفصل البارد الذي يرتفع خلاله استهلاك الغاز، والاحتفاظ بأوراق في حال قرّرت روسيا تصعيد العمليات العسكرية. وبين هذه المجموعة الأخيرة من الدول، ثمّة بلدان مستعدّة لجميع الخيارات وفقاً لتطورات الوضع الميداني، مثل فرنسا وهولندا وإسبانيا، وأخرى تتردد في اتخاذ هذا القرار، مثل ألمانيا وإيطاليا، بسبب اعتمادهما الكبير على الغاز الروسي والأضرار الاقتصادية التي تلحق بهما في حال قطع إمداداته.
وتعترف المصادر الأوروبية بأن الأضرار التي تُلحقها العقوبات الأوروبية المتخذة حتى الآن تحتاج أشهراً أو سنوات لإضعاف الاتحاد الروسي، في الوقت الذي تسقط فيه القذائف الروسية كل يوم على أوكرانيا. «ولا أحد يضمن أنها لن تسقط غداً على بلدان أعضاء في الاتحاد الأوروبي».
وتقول هذه المصادر، إن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي حتى الآن بلغت من الشدة بحيث لم تترك مجالاً لمضاعفتها من غير إدراج قطاع الطاقة، الذي بلغت إيراداته لروسيا 17 مليار دولار منذ بداية الحرب إلى اليوم، وفقاً لبيانات المركز الأوروبي لبحوث الطاقة.


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.