حميدتي: مستعدون للعودة إلى الثكنات بعد انتخاب حكومة وطنية

الميرغني يطرح مبادرة لحل الأزمة في البلاد

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) يخاطب حشداً في ولاية البحر الأحمر أول من أمس (سونا)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) يخاطب حشداً في ولاية البحر الأحمر أول من أمس (سونا)
TT

حميدتي: مستعدون للعودة إلى الثكنات بعد انتخاب حكومة وطنية

الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) يخاطب حشداً في ولاية البحر الأحمر أول من أمس (سونا)
الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) يخاطب حشداً في ولاية البحر الأحمر أول من أمس (سونا)

أكد نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، استعداد المكون العسكري إلى العودة للثكنات بعد مجيء حكومة منتخبة.
وبحسب بيان صادر عن مجلس السيادة الانتقالي أمس، أكد «حميدتي» التزامهم بتسليم السلطة لوطنيين بعد الوفاق الوطني الذي يفضي إلى الانتخابات.
وقال «حميدتي» لدى مخاطبته تجمعاً قبلياً بمدينة بورتسودان شرقي البلاد، أول من أمس: «سنعود للثكنات بعد مجيء حكومة منتخبة عبر صناديق الانتخابات، وغير ذلك لن نسلمها لمن يتلقون مرتباتهم من السفارات». وأضاف: «مستعدون للذهاب إلى منازلنا ناهيك عن الثكنات»، وفق البيان.
وندد بالسياسة التي انتهجتها الحكومة المقالة، وقال إنها اتخذت أساليب غير قانونية ما أدى إلى تدمير البلاد وتوقف المنحة السعودية - الإماراتية. كما اتهم بعض السياسيين بعرقلة مسيرة البلاد عبر افتعال أساليب رخيصة من أجل العودة مجدداً إلى كراسي السلطة، مشيراً إلى أن هؤلاء وقفوا ضد مصالح الشعب بإيقاف المنحة الإماراتية - السعودية لدعم الفترة الانتقالية وعادوا مجدداً وأوقفوا الدعم الخارجي.
ويتزعم «حميدتي» قوات الدعم السريع، التي يطالب المحتجون في الشارع بحلها ودمجها في الجيش.
ومن جهة ثانية، قال زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» محمد عثمان الميرغني، إن السودان يمر بمرحلة تاريخية دقيقة تستلزم من الجميع التوجه نحو الوفاق الوطني الشامل لتجنيبه المخاطر والمهددات. وكشف الميرغني، مرشد طائفة «الختمية» كبرى الطوائف الدينية، عن تقدمه بمبادرة وطنية مع بعض القوى السياسية لجمع القواسم المشتركة لكل المبادرات المطروحة، داعياً القوى السياسية للوقوف خلفها.
وناشد زعيم الاتحاديين، رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وكل مكونات الشعب لحوار سوداني – سوداني جامع من دون إقصاء لجهة لتحقيق أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) مع التمثيل الإيجابي للمرأة والشباب. وأكد الميرغني تحقيق مبدأ العدالة وعدم الإفلات من العقاب وفاء لأرواح الشهداء، مطالباً بإعلان نتائج التحقيق في جريمة فض الاعتصام في يونيو (حزيران) عام 2019 التي راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات الجرحى والمفقودين. وقال: «حرصاً منا على مواصلة إسهامنا في العمل الوطني والحزبي، أعلن عن قرب عودتي إلى أرض الوطن».
وكلف الميرغني نجله، جعفر الصادق، بالعودة إلى السودان ومتابعة إنفاذ الوحدة الاتحادية، داعياً جميع الاتحاديين إلى مبادرة العمل التنسيقي المشترك كمرحلة أولى للوحدة الاتحادية والإسهام في كل القضايا الوطنية لتحقيق آمال وتطلعات الشعب السوداني نحو العدالة والسلام والحرية. وفي موازاة ذلك، أعلنت لجان المقاومة (تنظيمات شعبية) عن جدول لتصعيد الاحتجاجات خلال الأسبوع الحالي، تختم بمظاهرة مليونية، الخميس المقبل، تحت عنوان «انتفاضة مدن السودان».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».