الجزائر تستدعي سفيرها في مدريد بعد إعلان إسبانيا تأييدها {الحكم الذاتي} للصحراء

صورة أرشيفية للملك محمد السادس في آخر استقبال له لرئيس الحكومة الاسبانية بالرباط في نوفمبر2018 (ماب)
صورة أرشيفية للملك محمد السادس في آخر استقبال له لرئيس الحكومة الاسبانية بالرباط في نوفمبر2018 (ماب)
TT

الجزائر تستدعي سفيرها في مدريد بعد إعلان إسبانيا تأييدها {الحكم الذاتي} للصحراء

صورة أرشيفية للملك محمد السادس في آخر استقبال له لرئيس الحكومة الاسبانية بالرباط في نوفمبر2018 (ماب)
صورة أرشيفية للملك محمد السادس في آخر استقبال له لرئيس الحكومة الاسبانية بالرباط في نوفمبر2018 (ماب)

استدعت الجزائر أمس سفيرها لدى إسبانيا للتشاور بشأن أحدث تعليقات لمدريد عن قضية الصحراء. وقالت وزارة الخارجية الجزائرية: «تفاجأت السلطات الجزائرية بشدة من التصريحات المفاجئة للسلطات العليا في إسبانيا بشأن قضية الصحراء الغربية}.
وصدر الموقف الجزائري في وقت عبّرت جبهة البوليساريو الانفصالية، في بيان، عن «استغرابها» لموقف الحكومة الإسبانية دعم مقترح المملكة المغربية منح حكم ذاتي للصحراء، مقابل إنهاء النزاع الدبلوماسي بين الرباط ومدريد. ووصف الأمين العام لجبهة البوليساريو الموقف الجديد لإسبانيا من نزاع الصحراء بأنه «انحراف خطير».
وقالت الجبهة، في بيان، إنها «اطلعت بكثير من الاستغراب على محتوى البيانين الصادرين عن المغرب وإسبانيا». وأكدت أن «الموقف المعبر عنه من لدن الحكومة الإسبانية يتناقض بصفة مطلقة مع الشرعية الدولية».
وكانت الحكومة الإسبانية قد أعلنت الجمعة، عن «مرحلة جديدة في العلاقة مع المغرب، تقوم على الاحترام المتبادل، واحترام الاتفاقات وغياب الإجراءات الأحادية، والشفافية والتواصل الدائم». وجاء الإعلان بعد بيان للديوان الملكي المغربي، أشار فيه إلى رسالة وصلت من رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، اعتبر فيها أن مبادرة «الحكم الذاتي» المغربية المقترحة لحل نزاع الصحراء «بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف».
وأشادت الرباط «عالياً بالمواقف الإيجابية والالتزامات البناءة» لإسبانيا إزاء مقترح المملكة منح حكم ذاتي لحل نزاع الصحراء، ما من شأنه تحسين العلاقات المتأزمة بين الجارين.
ودعا بيان جبهة البوليساريو القوى السياسية في مدريد إلى «الضغط على الحكومة الإسبانية لتصحيح هذا الخطأ الفادح».
وكان مجلس الأمن قد دعا المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات، المتوقفة منذ 2019 «من دون شروط مسبقة وبحسن نية» بهدف التوصل إلى «حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين».
في سياق ذلك، ذكرت جريدة «إلباييس» الإسبانية أن رئيس الحكومة أخبر الجزائريين بقرار حكومة بلاده قبل إعلانه، بخصوص موقفها الجديد من نزاع الصحراء.
إلى ذلك، سيمثل أمين عام الحزب الاشتراكي العمالي، رئيس الحكومة الإسبانية، بطلب منه، أمام البرلمان (الكورتس)؛ ما يعني أن الاعتراف بحقوق المغرب قرار سيادي للشعب الاسباني، ممثلاً في نوابه بالمجلس التشريعي.
ويتوقع مراقبون في مدريد أن تكون الجلسة ساخنة بنقاش ديمقراطي لن يؤثر في الخطوة الجريئة التي اتخذها رئيس الحكومة الإسبانية، بعد مشاورات مع القوى الحية في البلاد.
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن بلاده تثمن الموقف الإسباني بشأن نزاع الصحراء، مشيراً إلى أن الحكم الذاتي الذاتي «يبقى هو الحل الواقعي للنزاع».
وتوالت ردود الفعل في إسبانيا والمغرب إزاء المبادرة الإسبانية، إذ قال رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق، الاشتراكي خوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو، إنه يدعم مخطط الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب من أجل تسوية نزاع الصحراء، معتبراً أن الموقف الجديد لبلاده بشأن هذا الملف «ذكي سياسياً».
وأضاف ثاباتيرو في حوار خص به الإذاعة الإسبانية «كادينا سير»، ونقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن «الصحراء تعد قضية رئيسية بالنسبة للمغرب... ويبدو أن فتح الطريق ودعم الحكم الذاتي قرار ذكي من الناحية السياسية»، مبرزاً أن المقاربة المقترحة من طرف المغرب «تحظى بالتأييد من قبل مجموعة من الدول الأوروبية»، وأنه ينبغي بحثها على مستوى الأمم المتحدة قصد إيجاد تسوية لهذا الخلاف، الذي طال أمده، ومذكراً بأنه كان دوماً يساند مقترح الحكم الذاتي منذ تقديمه من طرف المغرب سنة 2007.
كما أوضح ثاباتيرو أن موقف إسبانيا الجديد «يفتح الطريق أمام صفحة جديدة في التعاون القائم بين البلدين». وقال بهذا الخصوص: «يجب أن نهنئ أنفسنا لأننا استعدنا اليوم شيئاً مهماً بالنسبة لإسبانيا، يتمثل في علاقة الثقة مع المغرب»، مشدداً على أهمية المغرب بالنسبة للاستقرار في إسبانيا، مؤكداً أن «استقرار إسبانيا ومحاربة الهجرة غير الشرعية والإرهاب، قضايا تعتمد على إقامة علاقة جيدة مع المغرب».
من جهته، قال حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة المغربية، إنه يثمن عالياً المواقف الإيجابية المعبر عنها في الرسالة الموجهة إلى العاهل المغربي من طرف رئيس الحكومة الإسبانية.
ودعا الحزب في بيان له، أمس، إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والرقي بها. كما دعا في الوقت ذاته إلى استثمار إيجابي للفرص والشراكات الاستراتيجية، التي تربط المملكتين، فضلاً عن القواسم المشتركة، التي تجمعهما على صعيد التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك. واعتبر الحزب أن الظرفية «تقتضي أكثر من أي وقت مضى السير في اتجاه بناء علاقات تعاون أقوى لمواجهة التحديات المشتركة، التي تطرحها علاقات الجوار، وكذا ما تشهده المنطقة والعالم ككل، خصوصاً ملفي الهجرة والأمن».
في السياق ذاته، أشاد المنتدى الكناري - الصحراوي، أمس، بموقف الحكومة الإسبانية الداعم للمغرب، بشأن الحكم الذاتي في الصحراء، معتبراً أنه «يكتسي أهمية كبرى للاستقرار الإقليمي»، ويضفي زخماً جديداً على التعاون الثنائي، ومتعدد الأطراف.
وجاء في بيان للمنظمة غير الحكومية، بثته وكالة الانباء المغربية: «نرحب بارتياح كبير بهذا الموقف، الذي يكتسي بلا أدنى شك أهمية كبيرة بالنسبة للاستقرار الإقليمي في مختلف مجالات التعاون، سواء بين البلدين أو داخل الصحراء نفسها». واعتبر المنتدى أن هذا القرار «يعزز الاحترام المتبادل، والتعاون والشفافية، واحترام الاتفاقات على مختلف المستويات بين البلدين الصديقين، ما سيسهم في ازدهارهما على المدى القصير»، وأوضح أنه ينبغي أن يكون أيضاً نقطة انطلاق من أجل تطبيق الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، حتى يتم وضع حد لهذا النزاع بعد ما يقرب من نصف قرن.
كما أكدت المنظمة المدنية أن موقف مدريد الجديد من قضية الصحراء المغربية هو «أفضل خبر منذ عدة سنوات».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.