اللبنانيون يخزنون المواد الغذائية استباقاً لارتفاع الأسعار

أثمان المواد الأساسية ارتفعت 40 % واللحوم 75 %

TT

اللبنانيون يخزنون المواد الغذائية استباقاً لارتفاع الأسعار

سارعت اللبنانية سهير (45 سنة) إلى تخزين بعض أصناف المواد الغذائية كالمعلبات والأرز والحبوب والصحين والزيت النباتي والسكر، وبعض المنتجات التي لا تحتاج إلى حفظها في البراد، وأمنت ثلاث عبوات من نوع القهوة الفورية المفضل للعائلة، حسبما تخبر «الشرق الأوسط»، استباقاً لارتفاع الأسعار.
ويتخوف اللبنانيون من تبعات انعكاس الحرب الأوكرانية - الروسية، وأزمة المحروقات العالمية من جهة، وعدم الاستقرار في سعر صرف الدولار في السوق الموازية من جهة ثانية على أسعار المواد الغذائية وفقدانها من السوق اللبنانية، ما دفع بعضهم إلى تخزين المواد التي لا تحتاج إلى حفظها مبردة، كعملية استباقية تقيهم، ولو لفترة وجيزة، لهيب الأسعار المقبل.
ورغم خشية سهير، وهي موظفة وأم لثلاثة أولاد، من ارتفاع الأسعار وعدم تمكنها من تأمين العديد من الأصناف في المستقبل، مونت «ما استطاعت تموينه»، في ظل الوضع الاقتصادي الخانق والضائقة المالية، ما «كبلها أمام تأمين الكميات والأصناف الكافية»، كما تقول.
وتوضح أنها مونت المواد الغذائية الطويلة الأمد والكثيرة الاستعمال، متفادية تخزين اللحوم والمواد الغذائية التي تحفظ في البراد خوفاً من تلفها بسبب التقنين الطويل للتيار الكهربائي.
وتقول: «بات تأمين الطعام لأولادنا مشقة ونوعاً من الدلال الذي قد يحرمون منه في القريب العاجل بسبب الارتفاع الإضافي على الأسعار... حتى الأطباق الفقيرة قد نحرم منها، ماذا يأكل اللبناني؟!».
ويؤكد نقيب أصحاب السوبرماركت في لبنان نبيل فهد، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، حصول ارتفاع بأسعار السلع، موضحاً أن ارتفاع أسعار البترول يؤثر بشكل مباشر على ارتفاع أكلاف الإنتاج والشحن، إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية، إن كان على منصة «صيرفة» أو في السوق الموازية، حيث ارتفع سعر صرف الدولار تقريباً بنسبة 10 في المائة.
وإذ يلفت فهد إلى أن «مفاعيل الارتفاع ستظهر خلال أسبوعين، ولا نستطيع تحديدها الآن بانتظار الحصول على عروض مكتوبة من الموردين»، يوضح رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «ارتفاع أسعار السلع الغذائية سيكون بنسب متفاوتة»، معلناً أن «أسعار المواد الغذائية كلها ستتأثر بنسب متفاوتة تتراوح على بعض الأصناف بين 3 و5 في المائة، وتصل بالنسبة لأصناف أخرى إلى 40 في المائة وربما أكثر».
ويشير بحصلي إلى أن «الأزمة كبيرة جداً في القمح والزيوت والسكر التي سيلحقها ارتفاع كبير في الأسعار، وستنعكس على المنتجات التي تدخل في صناعتها كالتونة والمايونيز التي يدخل الزيت في تصنيعها والباستا التي يدخل الطحين في مكوناتها، وغيرها من الأصناف»، ويوضح أن العديد من الأصناف عليها ضغط عالمي، مؤكداً أن إحجام بعض الدول عن تصدير منتجاتها حفاظاً على أمنها الغذائي مثل تركيا ومصر، خصوصاً في موضوع الحبوب والبرغل، فاقم المشكلة.
ويقول، «في العالم كله، تسارع الدول الغنية إلى تخزين المواد ومستعدة لدفع أي سعر لتأمين حاجاتها ما يرفع السعر العالمي للسلع، وينعكس على الدول الفقيرة، مثل لبنان، التي تدفع ثمن هذا الهلع الحاصل، وتضطر إلى دفع أسعار مرتفعة».
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة منذ عام 2019، صنفها البنك الدولي بين الأسوأ في العالم، وقد فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المائة من قيمتها مقابل الدولار. وفيما فقد السواد الأعظم من اللبنانيين قدرتهم الشرائية بفعل تآكل رواتبهم، يشرح بحصلي أن «المواطن الذي لديه إمكانية الشراء يخزن حاجته من الأصناف، ولفترة تكفيه بحدود الثلاثة أو الأربعة أشهر، ما يؤدي إلى خفض العرض وكثرة الطلب وبالتالي ارتفاع الأسعار. أما المواطن المحتاج، الذي لا يملك الإمكانية لذلك، فيدفع ثمن الأزمة العالمية».
وينسحب ارتفاع الأسعار أيضاً على اللحوم، ويوضح أمين سر نقابة تجار اللحوم في لبنان خليل نعمة لـ«الشرق الأوسط»، أن الأزمة الأوكرانية - الروسية تسببت في ارتفاع سعر اللحوم عالمياً وفي بلاد المنشأ وصل الارتفاع إلى 15 في المائة، كما أن ارتفاع أسعار النفط زاد من أكلاف الشحن وتكلفة تخزين وتبريد البضائع ما سيؤدي إلى ارتفاع إضافي في الأسعار».
ويستورد لبنان 95 في المائة من حاجته من اللحوم من أميركا الجنوبية والبرازيل والهند وبعض الدول الأوروبية، في ظل غياب الإنتاج اللبناني، ويطمئن نعمة إلى عدم حصول أي انقطاع للحوم في لبنان، رغم إغلاق بعض الدول حدودها للتصدير حفاظاً على أمنها الغذائي، لكنه يشير إلى أن «أسعار اللحوم سترتفع وقد تصل إلى 350 ألف ليرة لبنانية (حوالي 15 دولاراً) للكيلوغرام الواحد، أما في حال ارتفاع أسعار النفط بشكل إضافي، فحكماً سنشهد ارتفاعاً إضافياً في أسعار اللحوم»، ويتراوح سعر كيلوغرام اللحم في السوق اللبنانية حالياً بين الـ200 والـ250 ألف ليرة لبنانية (بين الـ9 والـ11 دولاراً)، ما يعني أن نسبة الارتفاع ستتراوح بين الـ50 والـ75 في المائة.
ويقول نعمة: «لا يستطيع اللبنانيون تخزين اللحوم كعملية استباقية لرفع الأسعار لسببين: الأول هو انعدام القدرة الشرائية لدى الأغلبية، التي انعكست بشكل كبير على سوق اللحوم، الأمر الذي يظهر في نسبة انخفاض الاستيراد 70 في المائة عن السابق». ويضيف: «الملحمة التي كانت تبيع 200 كيلو من اللحم في أسبوع أصبحت تبيع 50، والقدرة الشرائية لدى المستهلك انخفضت بحدود 75 في المائة».
أما السبب الثاني، فيقول إنه مشكلة ساعات التقنين الطويلة للكهرباء، التي تحول دون استطاعة المواطنين وأصحاب الملاحم التخزين.



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.