المخابرات الإسرائيلية تعلن ضبط خلية تابعة لـ«حماس» في القدس

زعمت أنها كانت تخطط لتفجير الأوضاع في رمضان وتتلقى تمويلاً مباشراً من تركيا

يهود متدينون في إحدى ضواحي القدس أمس خلال الاحتفالات بعيد المساخر (بوريم) اليهودي (إ.ب.أ)
يهود متدينون في إحدى ضواحي القدس أمس خلال الاحتفالات بعيد المساخر (بوريم) اليهودي (إ.ب.أ)
TT

المخابرات الإسرائيلية تعلن ضبط خلية تابعة لـ«حماس» في القدس

يهود متدينون في إحدى ضواحي القدس أمس خلال الاحتفالات بعيد المساخر (بوريم) اليهودي (إ.ب.أ)
يهود متدينون في إحدى ضواحي القدس أمس خلال الاحتفالات بعيد المساخر (بوريم) اليهودي (إ.ب.أ)

كشفت المخابرات الإسرائيلية (الشاباك)، أمس (الجمعة)، ضبط خلية فلسطينية في القدس عملت على نقل أموال بقيمة ربع مليون دولار من تركيا لغرض تمويل نشاطات إرهاب ودفع أموال لعائلات شهداء وأسرى.
وقدمت النيابة الإسرائيلية لائحة اتهام إلى محكمة في القدس ضد أربعة مواطنين من حي صور باهر وحي بيت حنينا، في ضواحي القدس. ونسبت إليهم تهمة «إدارة منظمة إرهابية، وتشجيع نشاطات إرهابية، تمويل الإرهاب، مخالفات ضرائب وتبييض أموال». وادعت أنهم كلفوا بمهمة تنفيذ عمليات عسكرية تؤدي إلى إشعال صدامات خلال شهر رمضان المبارك، الذي سيحل بعد أسبوعين.
ويتضح من لائحة الاتهام أن جهاز «الشاباك» والشرطة الإسرائيلية اعتقلا المواطنين الأربعة الشهر الماضي، لكن تم فرض تعتيم إعلامي شديد على التحقيق. وفقط في المحكمة، أمس، تقررت إزالة حظر النشر. وادعت لائحة الاتهام أن المعتقلين، وهم الأسير المحرر خالد صباح، الذي يحمل منصب رئيس تنظيم «حماس» في القدس، ونجلاه منيب ومصعب من صور باهر وفراس طوطح من بيت حنينا، ينتمون لحركة «حماس»، وأن قسماً منهم تدرب على إطلاق النار خارج البلاد. ويتهم طوطح باستغلال لجنة الزكاة التي يقودها ولديها مكاتب في باحة المسجد الأقصى، كقناة تمويل لعائلات رجالات «حماس». وحسب لائحة الاتهام، تمكن من جمع وتوزيع 28 مليون شيكل (8.6 مليون دولار) خلال الفترة من 2007 وحتى 2021.
وادعت الشرطة أن صباح التقى مؤخراً مع خالد عطون وموسى عكري، اللذين وصفتهما بالقياديين في حركة «حماس»، وهما أسيران محرران يعيشان ويعملان في تركيا، وأنهما عينا صباح مسؤولاً عن أموال «حماس» في القدس. وقد تم تسليمه مبلغ 250 ألف دولار، مؤخراً، لغرض تمويل نشاطات «حماس» في رمضان، لكنه لم يستطع إدخال مبلغ كبير كهذا عبر الحدود، وراح يدخل الأموال بمبالغ قليلة. وأضافت الشرطة أن مشغليه ألحوا عليه أن يجد طريقة لإدخال الأموال، فأودعها في حساب له في بنك تركي. وصرف المبلغ من حسابه في بنك فلسطيني في ضواحي القدس. وقد تم العثور في بيته على مبلغ 800 ألف شيكل (246 ألف دولار) نقداً، وتمت مصادرتها.
وأضافت لائحة الاتهام أن نجلي صباح ساعداه «في إطار عضويتهما في حماس، ونُقلت الأموال إلى ناشطي حماس وعائلاتهم وكذلك إلى أشخاص أدينوا بمخالفات الإرهاب، الأمن وخرق النظام العام». وادعت أن صباح التقى خلال زياراته إلى تركيا مع قياديين في «حماس» هناك، وبينهم زكريا نجيب «الذي أدين بخطف الجندي نحشون فاكسمان سنة 1994. ومع ثلاثة ناشطين آخرين أدينوا بخطف وقتل الشرطي نيسيم طوليدانو في سنة 1992». وأضافت لائحة الاتهام أنه «في زيارته الأخيرة، الشهر الماضي، جرى توسيع مجال مسؤولية صباح وتعيينه مسؤول حماس القدس، من أجل دفع نشاطها العسكري في المدينة. وفي إطار ذلك، طُلب من خالد (صباح) تشكيل وتحريك بنية تحتية عسكرية وتنظيمية في القدس، والاستعداد بشكل خاص لشهر رمضان المقبل».
وادعت لائحة الاتهام أن مصعب ساعد والده، وشكل حلقة وصل بينه وبين قيادة مقر حماس في تركيا، «تحسباً من أن العلاقة بين خالد وناشطي حماس قد تثير شبهات السلطات في إسرائيل. وساعد منيب خالد في نقل رسائل بينه وبين مقر قيادة حماس في تركيا، وجمع منهم أموالاً لصالح والده. وفي الأعوام 2012 – 2022 جمع الناشط في حماس، فراس طوطح، قرابة 400 ألف شيكل لصالح جمعية لجنة زكاة القدس، لتحويلها إلى عائلات وأيتام يتماهون مع حماس، ورغم علمه أن أهداف الجمعية هي دفع أهداف حماس - وهذا نموذج واحد فقط - عملياً، في الفترة من 2007 إلى 2020، حولت الجمعية بواسطة طوطح أموالاً بمبلغ 28 مليون شيكل تقريباً إلى عائلات محتاجة وبينهم ناشطون في حماس وعائلات شهداء. كما حولت الجمعية قسماً كبيراً من الأموال إلى أيتام ليسوا مرتبطين بحماس».
وجاء الكشف عن خلية «حماس» التي يُزعم أنها مرتبطة بتركيا، بعد أيام من تسجيل تقارب بين تل أبيب وأنقرة. وقد تُرجم هذا التقارب بزيارة قام بها هذا الشهر الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتزوغ إلى تركيا حيث عقد محادثات مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان. وتحدث الرئيسان عن «منعطف» في العلاقات بين البلدين. ولفتت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن «حماس» انتقدت زيارة الرئيس الإسرائيلي إلى تركيا، لكنها لم تأت على ذكر الدولة التركية أو إردوغان. ودعت في بيان إلى «عدم إتاحة الفرصة للكيان الصهيوني لاختراق المنطقة والعبث بمصالح شعوبها».
ويرى محللون أن تعزيز العلاقات التركية - الإسرائيلية قد ينعكس سلباً على العلاقة بين أنقرة و«حماس». وتعتبر «حماس» الدولة التركية حليفاً استراتيجياً لها، ويقيم في تركيا منذ عقد عدد من قادتها أبرزهم نائب رئيس الحركة صالح العاروري. ويتردد رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية ورئيسها في الخارج خالد مشعل بانتظام إلى إسطنبول.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.