إسرائيل تعلن عن «اختراق تقني هائل» ضد الصواريخ والمسيّرات

منظومة «القبة الحديدية» الإسرائيلية في جبل الشيخ (حرمون) عند تقاطع الحدود الإسرائيلية - اللبنانية - السورية في يناير الماضي (إ.ب.أ)
منظومة «القبة الحديدية» الإسرائيلية في جبل الشيخ (حرمون) عند تقاطع الحدود الإسرائيلية - اللبنانية - السورية في يناير الماضي (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تعلن عن «اختراق تقني هائل» ضد الصواريخ والمسيّرات

منظومة «القبة الحديدية» الإسرائيلية في جبل الشيخ (حرمون) عند تقاطع الحدود الإسرائيلية - اللبنانية - السورية في يناير الماضي (إ.ب.أ)
منظومة «القبة الحديدية» الإسرائيلية في جبل الشيخ (حرمون) عند تقاطع الحدود الإسرائيلية - اللبنانية - السورية في يناير الماضي (إ.ب.أ)

بعد أن كان الجيش الإسرائيلي يعتمد على منظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ، والتي تبلغ تكلفة كل صاروخ منها عشرات ألوف الدولارات، أعلنت الصناعات الحربية في تل أبيب عن تقدم كبير في تطوير منظومة دفاعية مشابهة تعمل بالليزر وأنه بموجب هذا البرنامج - الذي وُصف بأنه «اختراق تقني هائل» - سيتم تقصير فترة جاهزية المنظومة التي ستدخل المجال العملي في غضون 2 – 3 سنوات.
وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إن وزيرها بيني غانتس وقّع على مرسوم لاستثمار ضخم بمئات الملايين من الشواقل (الدولار يعادل 3.25 شيقل)، لاستكمال تطوير وإنتاج هذه المنظومة بحيث يبدأ العمل على تجربتها العملية في غضون سنة. وستتم تجربتها على اعتراض الصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة عن بعد 10 كيلومترات في جنوب إسرائيل على حدود قطاع غزة.
وكشفت إدارة تطوير الأسلحة والبنية التحتية التكنولوجية التابعة للوزارة الإسرائيلية، أمس الجمعة، للمرة الأولى، عن طريقة تشغيل هذه المنظومة، فقالت إنها تعمل أولاً على كشف هدفها، الذي قد يكون صاروخاً قصير المدى أو متوسط المدى، فترسل إليه بثاً قوياً من أشعة الليزر الكهربائية، بطاقة تزيد على 100 كيلوواط. وأوضحت أن «النظام سيكون قادراً على اعتراض الصواريخ وقذائف الهاون والطائرات دون طيار (المسيّرات) لمدى يصل إلى 10 كيلومترات، فتحرقها وتدمرها وهي في الجو». وقالت إن هذا الاختراع يعتبر «اختراقاً تقنياً هائلاً، سيمكن من تطوير نظام الاعتراض بأكمله (ماجن أور) الجديد الذي سيتم دمجه في نظام سلاح الجو إلى جانب منظومة (القبة الحديدية) ومنظومة (حيتس) ومنظومة (باتريوت)، الموجودة بحوزة الجيش الإسرائيلي. لكن الفرق أن كل ضربة لهذه المنظومة تكلف بضعة دولارات بينما تبلغ تكلفة كل صاروخ للقبة الحديدية 20 ألف دولار فصاعداً».
وكشفت مصادر في الصناعات العسكرية الإسرائيلية أن شركتي «رفائيل» و«البيت» تديران مفاوضات مع عدد من الدول الحليفة والصديقة لبيعها هذه المنظومة منذ الآن. وأكدت أن هذا الاختراع موجود فقط في إسرائيل حالياً.
وقال العميد يانيف روتم، رئيس دائرة البحوث في وزارة الدفاع، إن تطوير هذه المنظومة بدأ بطيئاً، وتعرقل في فترة جائحة «كورونا»، لكن العاملين على تطويره أحدثوا اختراقاً في التطوير في الشهور الأخيرة، مما أتاح تقصير فترة الإنتاج. وأكد أنه في هذه المرحلة، لن يتم الاستغناء عن القبة الحديدية، وستعمل هذه المنظومة جنباً إلى جنب معها، لكنها في المستقبل سيصبح استخدامها أساسياً وربما يتم الاستغناء عن كل ما سبقها من منظومات دفاع صاروخي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم