متطوعون في الشرطة الإسرائيلية يتحولون إلى ميليشيا ضد عرب النقب

بدو من صحراء النقب أمام مكاتب رئيس الوزراء في القدس في 30 يناير الماضي للاحتجاج على برامج يقوم بها «الصندوق القومي اليهودي» في النقب (إ.ب.أ)
بدو من صحراء النقب أمام مكاتب رئيس الوزراء في القدس في 30 يناير الماضي للاحتجاج على برامج يقوم بها «الصندوق القومي اليهودي» في النقب (إ.ب.أ)
TT

متطوعون في الشرطة الإسرائيلية يتحولون إلى ميليشيا ضد عرب النقب

بدو من صحراء النقب أمام مكاتب رئيس الوزراء في القدس في 30 يناير الماضي للاحتجاج على برامج يقوم بها «الصندوق القومي اليهودي» في النقب (إ.ب.أ)
بدو من صحراء النقب أمام مكاتب رئيس الوزراء في القدس في 30 يناير الماضي للاحتجاج على برامج يقوم بها «الصندوق القومي اليهودي» في النقب (إ.ب.أ)

تحول مئات الإسرائيليين المتطوعين لجهاز الشرطة فيما يسمى «سرية بارئيل»، إلى ميليشيا مسلحة تعمل ضد المواطنين العرب في النقب بدعوى «فرض النظام وسلطة القانون وإنقاذ النقب من مشكلة انعدام الأمن الشخصي».
وبحسب موقع الميليشيا الإلكتروني، فإنها تعمل بدعم من الشرطة ومن بلدية بئر السبع. وسوف يُقسم المتطوعون إلى ثلاث سرايا: سرية تدخل وهي سرية النخبة، التي ستخضع لتأهيل لمحاربة الإرهاب وتأهيل متقدم؛ وسرية الدوريات – تأهيل لإطلاق النار وتولي صلاحيات الأمن العام؛ وسرية قتالية، مهمتها إدارة كل شيء من أعلى. وكتب مؤسس هذه الميليشيا، ألموغ كوهين، أن طبيعة نشاطها منظم من خلال إجراءات وحدات «الحرس المدني»، الذي يعتبر جهازاً رسمياً في الشرطة، يسمح له بتفعيل فرق مسلحة وحرس الأحياء. وسُميت الميليشيا «سرية بارئيل» على اسم شرطي حرس الحدود بارئيل حداريا شموئيلي، الذي قُتل عند السياج الأمني المحيط بقطاع غزة، في شهر أغسطس (آب) الماضي.
والمعروف عن كوهين هذا أنه شرطي سابق، وهو اليوم ناشط في حزب «عوتسماه يهوديت» اليميني المتطرف، الذي يمثله في الكنيست إيتمار بن غفير، أحد تلامذة الحاخام مئير كهانا مؤسس حركة تعمل على طرد الفلسطينيين من وطنهم. وهو مؤسس «اللجنة من أجل إنقاذ النقب»، ويصف النواب العرب باستمرار في الشبكات الاجتماعية بأنهم «مخربون»، ويعتبر الاعتراف بالقرى العربية مسلوبة الاعتراف في النقب أنه «بيع بمزاد علني».
وعندما قتل الجندي الإسرائيلي بارئيل في غزة، كتب كوهين في منشور موجه إلى عناصر حرس الحدود حينذاك، إنه «عندما تكونون في حالة خطر على حياتكم، فإن هذا أنتم والمخرب فقط. وأنتم الشرطي والقاضي والجلاد... وفي نهاية الأمر أنتم جنود في لوحة الشطرنج للسياسيين المثيرين للاشمئزاز ويحتوون الوضع. يوجد خطر على الحياة؟ اقتل. هذا بسيط وسهل». وأضاف: «شعب إسرائيل يتوقع ثمناً غير تناسبي من مخربي حماس. ويجب إغراق شوارع غزة بأنهار من الدماء هذه الليلة».
وكان يفترض أن تعقد هذه الميليشيا مؤتمراً تأسيسياً، غداً الأحد. وأعلن قائد الشرطة في منطقة الجنوب، بيرتس عمار، ورئيس بلدية بئر السبع، روفيك دانيلوفيتش، عن مشاركتهما في المؤتمر. وأكدت البلدية أنه جرى في الأشهر الأخيرة عقد اجتماعات حول الموضوع بمشاركة ثلاث هيئات. «تم تنسيق هذا المؤتمر مع الشرطة، وكذلك جرت المداولات سوية مع المتطوعين ومندوبي البلدية، وشارك فيها مندوبو الشرطة المسؤولون عن مجال التطوع». ولكن عندما تسرب الأمر للصحافة، أعلنت الشرطة إلغاء دعمها للمؤتمر، حسبما ذكر موقع صحيفة «هآرتس» الإلكتروني، مساء أمس. وعلق كوهين بأن هناك احتمالاً بأن يلغى المؤتمر بسبب تراجع الشرطة، لكنه أضاف: «أننا نجري محادثات مع مكتب الوزير (للأمن الداخلي عومير) بارليف، وينبغي القول لصالحهم (لصالح عناصر الميليشيا) إنهم يريدون جداً المساعدة».
ونقلت الصحيفة عن كوهين قوله إنه منذ إعلانه عن تشكيل الميليشيا، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تطوع لها قرابة 200 شخص، وأن 130 منهم أكدوا مشاركتهم في المؤتمر. وكان كوهين قد صرح للقناة 14 اليمينية المتطرفة، رداً على سؤال حول ما إذا كان سيضع قوانين لنفسه والميليشيا، بأنه «لا نعتزم انتظار أي بيروقراطية».
وتوثق منظمة «البلوك الديمقراطي»، التي تنشط ضد نزعات فاشية في إسرائيل، محادثات أعضاء ميليشيا بارئيل في تليغرام، يستدل منها كم هم متطرفون وخطرون. ففي أعقاب إعدام الفلسطيني سند الهربد في رهط بنيران «مستعربي» حرس الحدود، الأسبوع الجاري، كتب أحد عناصر الميليشيا: «رائع! هناك آلاف آخرون ينبغي أن يكون مصيرهم مشابهاً له». وأكدت «البلوك الديمقراطي» أن «الهدف الأساسي هنا (أي للميليشيا) هو إشعال الوضع وليس حماية المواطنين».
وأطلق كوهين حملة جمع تبرعات بمبلغ 1.4 مليون شيكل، جمع منها 110 آلاف شيكل حتى الآن (الدولار يساوي 3.25 شيكل). وعقبت الشرطة بأنها «أعلنت في بداية الأسبوع أنها لن تشارك بالمبادرة المطروحة، وقائد لواء الجنوب لن يشارك في المؤتمر، وذلك بعد أن أوضحنا أنه بموجب قانون خدمة الدولة يحظر التبرع لهذا الهدف».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».