مجلس الأمن يتعامل مع حركة «طالبان» ولا يعترف بها ممثلة للأفغان

TT

مجلس الأمن يتعامل مع حركة «طالبان» ولا يعترف بها ممثلة للأفغان

للمرة الأولى منذ استيلاء «طالبان» على السلطة في أغسطس (آب) الماضي، وافق مجلس الأمن على منح بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (أوناما) تفويضاً قوياً يتيح لهذه المهمة السياسية إقامة علاقة مع الحركة من دون الاعتراف بها ممثلاً شرعياً للشعب الأفغاني، ويخول البعثة العمل لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات وحقوق الإنسان في ظل حكومة جامعة وتمثل جميع الأفغان. واعتمد القرار 2626 الذي صاغته النرويج، أول من أمس، بأكثرية 14 من الأصوات الـ15 للدول الأعضاء في المجلس، مع امتناع روسيا عن التصويت. وأفادت المندوبة النرويجية الدائمة لدى الأمم المتحدة منى يول، بأن مجلس الأمن وجه «رسالة واضحة» مفادها أن بعثة الأمم المتحدة «لديها دور حاسم في تعزيز السلام والاستقرار في أفغانستان ودعم الشعب الأفغاني في مواجهة تحديات غير مسبوقة وعدم اليقين». وأضافت أن القرار يطلب من «أوناما» تقديم المساعدة لأفغانستان على أساس التعامل مع جميع الأطراف الأفغانية، بما فيها «طالبان»، ولكن «في الأمور ذات الصلة بشعب البلاد». وأكدت أنه «يقوي نشاطات البعثة في تعزيز حقوق المرأة ومشاركتها في الحياة العامة».
ووصف نائب المندوبة الأميركية جيفري ديلارينتيس، التصويت، بأنه «خطوة مهمة» تؤكد التزام الأمم المتحدة تجاه الشعب الأفغاني الذي يواجه «تحديات عاجلة». وشدد على أن بعثة الأمم المتحدة «لا يمكنها الآن فقط الدفاع عن تمكين النساء والفتيات»، ولكن «الانخراط معهم كشركاء حيويين في عملها». واعتبر أنه «لا يمكن لأفغانستان أن تزدهر إذا حُرم نصف السكان من التعليم، أو لم يُسمح لهم بالعمل».
ونبه إلى أن «الولايات المتحدة تراقب عن كثب تصرفات (طالبان)، بصفتها أكبر مانح إنساني لأفغانستان». وقالت المندوبة البريطانية باربرا وودوارد، إن المجلس «تحدث بصوت واحد» لدعم بعثة «أوناما» ودورها الحاسم. ولكنها عبرت عن القلق بشأن تصرفات سلطات الأمر الواقع، مستشهدة بتقارير عن تنفيذ أعمال انتقامية ضد مسؤولين حكوميين سابقين وهجمات وترهيب ضد أفراد الأقليات والمجتمع المدني.
وقالت إن «(طالبان) بحاجة إلى إثبات أن الجماعات المتطرفة لم تعد قادرة على الازدهار في البلاد»، آسفة لأن «أحد أعضاء المجلس قرر الامتناع عن التصويت اليوم، في الوقت الذي يحتاج فيه شعب البلاد بشدة إلى الدعم». ورد المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا، بأنه اضطر إلى الامتناع عن التصويت لأنه جرى تجاهل محاولات الحصول على موافقة من الدولة المضيفة لوجود الأمم المتحدة. وحذر من الاستمرار في السير على طريق «الجهل العنيد»، والسعي وراء أساليب غير ذات صلة، مشدداً على أن المزيد من الدعم من سلطات الأمر الواقع من شأنه أن يساعد بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان على تحقيق ولايتها، وتجنب تحويلها إلى «مهمة مستحيلة للأمم المتحدة». وتمنى للمهمة «كل النجاح، لكننا لا نريد أن نتحمل أي مسؤولية إذا انتهى بها الأمر إلى عدم قدرتها على إنجاز جميع المهام التي تواجهها». أما المندوب الصيني تشانغ جون، فقال إنه منذ أحداث أغسطس الماضي، دخلت أفغانستان مرحلة جديدة من إعادة الإعمار السلمي. وعدّ الانتعاش الاقتصادي أكثر المهام إلحاحاً الآن، مشدداً على ضرورة أن يكون ذلك على رأس أولويات بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان. والقرار الذي يمدد تفويض «يوناما» حتى 17 مارس (آذار) 2023 لم يذكر «طالبان» بالاسم. لكنه يأذن للبعثة والممثلة الخاصة للأمم المتحدة في أفغانستان ديبورا ليونز، بتنفيذ عملهما «بالتشاور الوثيق مع جميع الفاعلين السياسيين الأفغان وأصحاب المصلحة المعنيين، بما في ذلك السلطات المختصة حسب الحاجة». وأذن المجلس لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان بالتواصل واستخدام مساعيها الحميدة «لتسهيل الحوار بين جميع الفاعلين السياسيين الأفغان ذوي الصلة وأصحاب المصلحة، والمنطقة والمجتمع الدولي الأوسع». ويجدد النص المعتمد تفويض بعثة «يوناما» لمدة عام واحد مع تحول في المهام ذات الأولوية.
ويوضح أنه في ضوء التطور السريع للوضع على الأرض، تركز البعثة على تنسيق تقديم المساعدة الإنسانية، وتوفير التوعية والمساعي الحميدة اللازمة للحوار، وتعزيز الحكم الرشيد وسيادة القانون.
وشملت المهام الأخرى التي تم إبرازها تعزيز حقوق الإنسان، ودعم وتعزيز المساواة بين الجنسين، والرصد والإبلاغ والمناصرة فيما يتعلق بحالة المدنيين. ويدعو النص الجهات الفاعلة السياسية الأفغانية وأصحاب المصلحة، بما في ذلك السلطات المعنية حسب الحاجة، إلى التنسيق مع بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان في تنفيذ ولايتها وضمان سلامة وأمن وحرية تحركات الموظفين. ويأمر القرار البعثة الأممية «بدمج تعميم مراعاة المنظور الجنساني»، وكذلك «تعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين النساء والفتيات والحماية الكاملة لحقوق الإنسان الخاصة بهن، بما في ذلك التعليم، والمشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة والآمنة، والمشاركة والقيادة للمرأة. في جميع مستويات ومراحل صنع القرار».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.