تعزيزات تركية في إدلب واحتجاجات في ذكرى عفرين

إردوغان أكد أن تركيا لن تعيد اللاجئين السوريين

TT

تعزيزات تركية في إدلب واحتجاجات في ذكرى عفرين

أطلقت منظمات حقوقية سورية حملة لمناشدة المجتمع الدولي لوقف انتهاكات القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها في مدينة عفرين في الذكرى الرابعة لسيطرتها عليها خلال عملية «غصن الزيتون» العسكرية التركية، في وقت أكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن بلاده لن تعيد اللاجئين السوريين إلى بلادهم في ظل الأوضاع الراهنة وأنها ستبقي بابها مفتوحا أمام المظلومين...
وقال إردوغان إن بلاده لن تعيد لاجئين في تركيا إلى بلدانهم، وستواصل إبقاء بابها مفتوحا أمام الأشخاص المظلومين، مضيفا أن اللاجئين «جاءوا بالأمس من العراق وسوريا وأفغانستان. واليوم يأتون من أوكرانيا، وسيظل هذا البلد دائماً ملجأ للمظلومين».
وانتقد إردوغان تصريحات قادة بعض أحزاب المعارضة التركية، وفي مقدمتهم رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، بشأن إعادة السوريين إلى بلادهم حال الفوز بالانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة عام 2023، قائلا: «لن نرسلهم، وسنواصل الاستضافة. نحن لسنا قلقين بشأن ذلك... أدعو أمتنا الحبيبة. قد تنشأ بعض المشكلات، وقد يكون هناك عبء من وقت لآخر. لكن تذكروا أن المكافأة على هذا الأمر ضخمة».
وأعادت السلطات التركية، مؤخراً، عشرات اللاجئين السوريين إلى أراضيها، بعد صدور قرارات بترحيلهم إلى شمال سوريا.
وقال مسؤولون إن دائرة الهجرة التركية أعادت النظر في قرارات ترحيل أصدرتها سابقاً، في ولاية إسطنبول، بحق عشرات اللاجئين السوريين، بعد أن ثبت لدى السلطات، بعد البحث والتدقيق، عدم قانونية عملية الترحيل، وعليه سمحت للذين يملكون بطاقات الحماية المؤقتة بالعودة.
وأضاف المسؤولون أن هناك دراسة أخرى لحالة اللاجئين المرحلين، ممن لا يملكون بطاقات الحماية المؤقتة، كالطلاب والعمال، الذين تم ترحيلهم.
إلى ذلك، دعت ممثلية الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في إقليم كردستان العراق، أمس، المجتمع الدولي إلى وقف انتهاكات القوات التركية بحق سكان عفرين.
وحملت الممثلية، خلال مؤتمر صحافي عقدته في مقرها بالسليمانية بمناسبة الذكرى الرابعة لسيطرة تركيا وفصائل المعارضة على عفرين في 18 مارس (آذار) 2018، النظام السوري، بالدرجة الأولى، وروسيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي، مسؤولية ما يجري في عفرين من «تغيير ديموغرافي وجرائم قتل وخطف بحق السكان».
وحذرت من أن الصمت الدولي حيال الانتهاكات، التي قالت إن الدولة التركية تمارسها في عفرين وغيرها من المناطق المحتلة، ستعتبره تركيا دافعاً لاحتلال المزيد من الأراضي.
وطالبت الممثلية بضرورة وقف الانتهاكات التركية المستمرة على هيئة عمليات خطف تجاوزت ضحاياها 8 آلاف مدني من سكان عفرين خلال السنوات الأربعة الماضية من الاحتلال.
وتسببت العملية العسكرية التركية (غصن الزيتون) بنزوح 300 ألف شخص، بحسب منظمة حقوق الإنسان في عفرين، 100 ألف منهم فضلوا البقاء في مخيمات وبلدات بريف حلب الشمالي على أمل العودة إلى منطقتهم.
وخرجت مسيرة من أهالي عفرين أمس تنديدا بـ«الاحتلال التركي» وممارساته وانتهاكاته بحق سكانها. كما وجهت 24 منظمة حقوقية سورية مستقلة رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة حذرت فيها من التداعيات الخطيرة للانتهاكات التركية على السكان المحليين من تهجير وخوف وسطو على ممتلكاتهم وانتهاج سياسة التغيير الديمغرافي، إلى جانب كونه يشكل انتهاكاً لسيادة دولة مجاورة مستقلة وذات سيادة، بموجب المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة.
وجاء في الرسالة أن وتيرة الانتهاكات والجرائم بحق سكان المنطقة تصاعدت طيلة السنوات الأربع الماضية، وازدادت ممارسات الاحتلال والفصائل المسلحة كماً ونوعاً ووحشيةً وبخاصةً من قبل ما يسمى بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، الذي توحش في ارتكاب الجرائم بحق من تبقى من السكان الأكراد، حيث شهدت المنطقة حالات قتل واعتقال وإخفاء قسري وتعذيب ممنهج، واغتصاب وزواج قسري للفتيات، فضلا عن فرض الإتاوات المالية، وتدمير للمزارات الدينية للأكراد الإيزيديين، وغيرها من الجرائم التي قد ترتقي إلى جرائم الحرب، وفق ما جاء في تقارير لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، استنادا إلى المادة 8 من ميثاق روما الأساسي لعام 1998.
على صعيد آخر، دفعت تركيا برتل من التعزيزات العسكرية دخل من معبر عين البيضا غرب إدلب، واتجه عبر طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) إلى النقاط المنتشرة على الطريق ونقطة اشتبرق قرب مدينة جسر الشغور.
تألف الرتل من 50 آلية، تضم عربات مدرعة ودبابات، وراجمات صواريخ متحركة ومدافع ثقيلة، جرى توزيعها على النقاط العسكرية التركية المنتشرة في جبل الزاوية قرب كنصفرة وبليون وشنان في ريف إدلب الجنوبي.
وتم الدفع بهذه التعزيزات الجديدة في الوقت الذي تواصل فيه القوات التركية والفصائل الموالية لها تصعيدها ضد مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وقوات النظام في حلب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.