استئناف الدعم الأوروبي للفلسطينيين بانتظار رئيسة المفوضية

انقسام في التصويت حول مشروطية ربطه بالمناهج

توزيع الكتب بمدارس الأونروا في بيت لاهيا بغزة عام 2009 (غيتي)
توزيع الكتب بمدارس الأونروا في بيت لاهيا بغزة عام 2009 (غيتي)
TT

استئناف الدعم الأوروبي للفلسطينيين بانتظار رئيسة المفوضية

توزيع الكتب بمدارس الأونروا في بيت لاهيا بغزة عام 2009 (غيتي)
توزيع الكتب بمدارس الأونروا في بيت لاهيا بغزة عام 2009 (غيتي)

قال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن مسألة استعادة الدعم الأوروبي بدون شروط لم تحسم بعد، وإن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين «يفترض الآن أن تحسم الأمر، بعد موافقة دول على استئناف الدعم بدون شروط، ورفض دول، وامتناع أخرى عن المشاركة في التصويت». وتابع المصدر أن «الكفة لصالح الفلسطينيين حتى الآن، لكن الأمر لم يحسم بعد».
وكانت دول الاتحاد الأوروبي قد ناقشت في وقت متأخر، الثلاثاء، استئناف الدعم للفلسطينيين، وصوّتت على موقف المجر، المصرّ على ضرورة ربط استئناف المساعدات للفلسطينيين بتغيير مناهجهم الدراسية، وهو ما عطل قراراً كان مرتقباً بهذا الشأن. وتضاربت المعلومات الفلسطينية والإسرائيلية حول نتيجة التصويت، ففيما قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن الفلسطينيين فشلوا في مسعاهم، قالت وسائل إعلام فلسطينية إن الدبلوماسية الفلسطينية نجحت.
وذكرت «هآرتس» أن الاتحاد الأوروبي أرجأ مرة أخرى تحويل المساعدات السنوية إلى السلطة الفلسطينية، بعد أن فشل أصدقاؤها في الحصول على الأغلبية لإلغاء طلب المجر ربط الميزانية، البالغ حجمها 214 مليون يورو، بتغيير المناهج الدراسية في جهاز التعليم الفلسطيني، باعتبار أنها تتضمن «مواد تحريضية ضد إسرائيل ومحتوى لا سامياً». وجرى ليلة الثلاثاء - الأربعاء، التصويت على هذا الأمر في الاتحاد، بحضور وفد دبلوماسي فلسطيني، حاول دون جدوى إقناع ممثلي دول الاتحاد بإلغاء الشرط، وبالتالي تم تأجيل نقل المساعدات مرة أخرى، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.
يذكر أنه في أبريل (نيسان) 2021 تبنّت لجنة مراجعة الميزانية في البرلمان الأوروبي موقف المجر، واشترطت تحويل أي مساعدات بتغيير المناهج الدراسية، على أساس أنها تتضمن مواد تحريضية ضد إسرائيل. وشهد مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل في الأيام الأخيرة مناقشات بشأن تحويل المساعدات المالية للفلسطينيين، لكنها فشلت في الوصول إلى اتفاق.
هذا، واعتبرت السلطة الفلسطينية الشروط الحالية استسلاماً للإملاءات الإسرائيلية منذ عهد حكومة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو. وقال مسؤول فلسطيني كبير لـ«هآرتس» إن «سلوك بعض الدول الأوروبية كان محيراً. نحن نتحدث عن المناهج وحقوق الإنسان، ولكن يتم تجاهل الانتهاكات والسلوك اليومي لإسرائيل، كقوة احتلال، تمنع أي إمكانية لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي».
لكن مسؤولين فلسطينيين سرّبوا لوسائل إعلام محلية أنهم نجحوا في مسعاهم. وقال مصدر إن الدبلوماسية الفلسطينية حققت إنجازاً حيث فشل «تمرير المشروطية» لدعم الاتحاد الأوروبي. مؤكداً أن مشروع المشروطية على الدعم لم يحظَ سوى بدعم دولة واحدة من أصل 27 دولة. ونشرت وسائل إعلام محلية أن الغالبية الأوروبية (8 دول) صوّتت لصالح فلسطين، من أجل إلغاء طلب المندوب المجري بربط تحويل ميزانية المساعدات لفلسطين بتغيير المناهج الدراسية، في حين صوّتت دولة واحدة لصالح الطلب المجري، وهي ألمانيا، بينما امتنعت بقية الدول عن التصويت، وعليه لم يحسم الأمر.
وروّج مسؤولون في السلطة أن اتخاذ قرار لصالح فلسطين بات قريباً. ولم يحسم مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني لشؤون التخطيط وتنسيق المساعدات، ستيفان سلامة، الجدل، وقال إن المداولات لم تنتهِ بعد داخل الاتحاد الأوروبي بشأن هذه المساعدات، لكنه أشار إلى أنه كان هناك تأكيد خلال اجتماع اللجنة الفلسطينية الأوروبية المشتركة، الثلاثاء، في بروكسل، على أن الدعم الأوروبي سيعود قريباً.
وتعول السلطة كثيراً على استعادة الدعم في ظل الأزمة المالية التي تعانيها.
وتقول السلطة إنها تعاني من أزمة مالية منذ عدة شهور، هي الأسوأ منذ تأسيسها، بسبب خصم إسرائيل أموال الضرائب الفلسطينية، وأزمة وباء فيروس كورونا، وتراجع الدعم الخارجي. وبحسب أرقام رسمية فلسطينية، تواجه الحكومة الفلسطينية كل شهر عجزاً بحدود 200 مليون شيقل، وهو عجز متراكم.
جاء هذا الوضع فيما لم تتجاوز المساعدات الخارجية طيلة العام 10 في المائة مما كان يصل في العادة إلى الخزينة الفلسطينية. وأفادت بيانات أخيرة صادرة عن وزارة المالية الفلسطينية بتراجع الدعم والمنح والمساعدات المالية المقدمة للخزينة العامة بنسبة 89.6 في المائة، بواقع 31.5 مليون دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2021. مقابل الفترة نفسها من العام السابق، في الوقت الذي تقتطع فيه إسرائيل نحو 220 مليون شيقل من أموال المقاصة التي تبلغ 700 إلى 800 مليون شيقل.
ومع استمرار الأزمة، تضطر السلطة لدفع رواتب منقوصة لموظفيها منذ نحو 5 أشهر، وهو ما أدى إلى بداية إضرابات نقابية. وشدد سلامة على أنه في حال عودة الدعم الأوروبي، فإن الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية لن تنتهي، ولكن ستساعد في حلّ كثير من الأزمات. وأضاف أن هناك قضايا كثيرة يجب أن تتحقق لانتهاء الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، أهمها وقف إسرائيل للاقتطاعات الضريبية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».