البرلمان الفرنسي يقر قانون توسيع صلاحيات أجهزة الاستخبارات المثير للجدل

معارضو المشروع يتخوفون من استهدافه الحريات الشخصية والتضييق على المواطنين

وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف يتحدث بينما يبدو رئيس الحكومة مانويل فالس (يمين) خلال جلسة التصويت على قانون الاستخبارات في الجمعية الوطنية بباريس أمس (رويترز)
وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف يتحدث بينما يبدو رئيس الحكومة مانويل فالس (يمين) خلال جلسة التصويت على قانون الاستخبارات في الجمعية الوطنية بباريس أمس (رويترز)
TT

البرلمان الفرنسي يقر قانون توسيع صلاحيات أجهزة الاستخبارات المثير للجدل

وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف يتحدث بينما يبدو رئيس الحكومة مانويل فالس (يمين) خلال جلسة التصويت على قانون الاستخبارات في الجمعية الوطنية بباريس أمس (رويترز)
وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف يتحدث بينما يبدو رئيس الحكومة مانويل فالس (يمين) خلال جلسة التصويت على قانون الاستخبارات في الجمعية الوطنية بباريس أمس (رويترز)

اجتاز مشروع القانون الحكومي الذي يوفر لأجهزة المخابرات الفرنسية الغطاء القانوني للقيام بالرقابة على شبكة الإنترنت وكل وسائل التواصل الإلكتروني والهاتفي وعمليات البحث والاستقصاء العقبة الأولى وربما الأهم بعد التصويت على المشروع أمس في الجمعية الوطنية (البرلمان). ورغم الاحتجاجات الكثيرة التي جاءت من أقصى اليسار واليمين ومن حزب الخضر وكثير من المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان والمحافظة على الحريات العامة وبعض نواب اليمين الكلاسيكي واليسار المعتدل، فإن عملية التصويت حصدت تأييدا واسعا لمشروع القانون تجاوز الانقسامات التقليدية بين اليمين واليسار. وصوت لصالح المشروع 438 نائبا بينما عارضه 86 نائبا وامتنع 42 نائبا عن التصويت. وبعد هذا التصويت الأولي في الجمعية الوطنية سيعود مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ، إذ يمكن أن يخضع لبعض التعديلات الإضافية. وإذا حصل على أكثرية الأصوات، فسيسعى المجلسان إلى صياغة موحدة، يليها تصويت جديد. وفي أفضل الأحوال، لن يصبح المشروع قانونا قابلا للتنفيذ إلا الصيف القادم.
الواقع أن الحكومة استفادت من الأجواء التي تلت حادثة «شارلي إيبدو» المتجر اليهودي في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي لاستصدار مجموعة من القوانين وفرض جملة من التدابير التي غرضها تسهيل محاربة التطرف وتلافي تكرار الأعمال الإرهابية. وفي سابقة غير عادية، أعلن رئيس الجمهورية فرنسوا هولاند التزامه عرض القانون على المجلس الدستوري للتأكد من عدم مخالفته للنصوص الأساسية للدستور الفرنسي ومدى احترامه للحريات الفردية والعامة.
منذ أن بدأ التداول في نص المشروع، ارتفعت أصوات لتنبه من النتائج الكارثية المترتبة على قبوله على الحريات العامة والحياة الشخصية للمواطنين ومما يوفره المشروع من صلاحيات واسعة وحرية حركة لا مثيل لها للأجهزة الأمنية لجهة فرض الرقابة المسبقة والواسعة على كل أنواع التواصل الإلكتروني للمواطنين وللمروحة الواسعة من الأهداف التي ينتظر من القانون المنتظر المساهمة في تحقيقها، ومنها منع الأعمال الإرهابية ومنع التجسس الصناعي... وذهب كثيرون إلى اعتبار أن ما تريده حكومة يسارية في فرنسا أشبه بما حصل عليه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بعد 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وما سمي وقتها قانون «باتريوت»، ولذا فإن هم الحكومة وتحديدا رئيسها مانويل فالس ووزير الداخلية برنار كازنوف كان دحض هذه الصورة وطمأنة المواطنين إلى أن حرياتهم مصونة وأن فرنسا «لن تتحول إلى دولة بوليسية» وفق تعبير الوزير كازنوف.
وأمس، عاد فالس، في الكلمة التي ألقاها قبل التصويت، إلى تفصيل الضمانات التي ينويها المشروع، وإلى الرقابة التي ستفرض على عمل الأجهزة الأمنية، مؤكدا أن مشروع القانون «ليس ظرفيا»، كما أنه «لا يحفظ الحريات الأساسية». وأضاف رئيس الحكومة أن مشروع القانون غرضه «تأطير نشاطات الأجهزة الأمنية والاستعلامية وتوفير مزيد من الوسائل (القانونية) لعملها». وذهب فالس إلى تأكيد أن مشروع القانون كان موضع تحضير قبل أحداث باريس بداية العام الحالي، لأن القانون المعمول به حاليا والذي يؤطر عمل أجهزة الاستخبارات يعود إلى أوائل التسعينات. ولكن الواضح أن اعتداءات باريس «سهلت» الترويج للمشروع الجديد ودفعت بكثيرين من معارضيه المحتملين إلى القبول به. واستغل رئيس الحكومة هذا الجانب ليشدد على أن التأييد للمشروع «تجاوز الانقسامات السياسية» التقليدية بين يمين ويسار وما بينهما وحولهما.
بيد أن هذه التطمينات لم تكن على ما يبدو كافية، إذ إن معارضي المشروع ينددون بـ«الضبابية» التي تحيط ببعض فقراته، ما سيعطي الأجهزة الأمنية حرية واسعة في تفسيرها وتطبيقها. لكن الإجراء الأكثر إثارة للجدل يتناول تخويل الاستخبارات وضع أجهزة تنصت على الاتصالات الإلكترونية لدى شركات وموفري خدمات الإنترنت من أجل «اصطياد» كل تواصل من شأنه إثارة الشبهات، ويمكن اعتباره على علاقة بمشروع إرهابي. ويرى معارضو المشروع أنه إذا كانت الأجهزة الأمنية بحاجة إلى مراقبة ما بين 300 و3500 شخص على علاقة مفترضة بتنظيمات متطرفة ومشاريع إرهابية فما الحاجة لمراقبة كل المواطنين والمقيمين على الأراضي الفرنسية؟ وبرأي هؤلاء فإن اللجنة المخصصة بمتابعة نشاطات الأجهزة الأمنية لن تكون قادرة على مراقبة كل شيء، وبالتالي فإن مسألة فعاليتها موضع تشكيك. ولا يقتصر القانون على الرقابة الإلكترونية، بل يعطي الأجهزة الأمنية الحق في وضع كاميرات مراقبة وأجهزة لاقطة وبرامج تجسس والوصول إلى ما تخزنه شركات الإنترنت، ما يعني عمليا توفير كل الطرق لتمكين الأجهزة الأمنية من الاطلاع على ما تريد. وهذا التوسع في الصلاحيات دفع اللجنة الوطنية للحريات والمعلوماتية إلى الاعتراض على نص مشروع القانون، لكن ما تقوله ليس إلزاميا، ما أهّل الحكومة لتخطي تحفظاتها.



لندن تتواصل دبلوماسيا مع السلطة الجديدة في سوريا

يحتاج ملايين السوريين إلى مساعدات إنسانية بعد حرب أهلية دامت 13 عاماً (رويترز)
يحتاج ملايين السوريين إلى مساعدات إنسانية بعد حرب أهلية دامت 13 عاماً (رويترز)
TT

لندن تتواصل دبلوماسيا مع السلطة الجديدة في سوريا

يحتاج ملايين السوريين إلى مساعدات إنسانية بعد حرب أهلية دامت 13 عاماً (رويترز)
يحتاج ملايين السوريين إلى مساعدات إنسانية بعد حرب أهلية دامت 13 عاماً (رويترز)

أعلنت بريطانيا، اليوم الأحد، عن حزمة مساعدات قيمتها 50 مليون جنيه إسترليني (63 مليون دولار) لمساعدة السوريين المحتاجين إلى الدعم، بعد أن أطاحت المعارضة، الأسبوع الماضي، بالرئيس بشار الأسد، وفقاً لـ«رويترز».

ويحتاج ملايين السوريين إلى مساعدات إنسانية بعد حرب أهلية دامت 13 عاماً، دمرت خلالها جانباً كبيراً من البنية التحتية، وشردت الملايين. ويعود حالياً بعض اللاجئين من دول مجاورة. وقالت بريطانيا في بيان إن 30 مليون جنيه إسترليني ستوفر «مساعدة فورية لأكثر من مليون شخص تشمل الغذاء والمأوى والرعاية الصحية الطارئة والحماية».

وستدعم هذه الأموال، التي ستوزع في الغالب من خلال قنوات الأمم المتحدة، «الاحتياجات الناشئة بما في ذلك إعادة تأهيل الخدمات الأساسية مثل المياه والمستشفيات والمدارس». ومن المقرر تخصيص 10 ملايين جنيه إسترليني لبرنامج الأغذية العالمي في لبنان، و10 ملايين أخرى إلى الأردن عبر البرنامج نفسه ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وقال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي: «سقوط نظام الأسد المرعب يوفر فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل للشعب السوري. ونحن ملتزمون بدعم الشعب السوري وهو يرسم مساراً جديداً».

اتصالات دبلوماسية مع هيئة تحرير الشام

وفي سياق متصل، قال لامي إن لندن أجرت اتصالات دبلوماسية مع «هيئة تحرير الشام» التي أطاحت بالرئيس السوري بشار الأسد، الأسبوع الماضي. وأضاف لامي في تصريحات لصحافيين: «(هيئة تحرير الشام) لا تزال منظمة محظورة لكن يمكننا إجراء اتصالات دبلوماسية، وبالتالي لدينا اتصالات دبلوماسية مثلما تتوقعون». مضيفاً: «باستخدام جميع القنوات المتاحة لدينا، وهي القنوات الدبلوماسية وبالطبع قنوات المخابرات، نسعى للتعامل مع (هيئة تحرير الشام) حيثما يتعين علينا ذلك».

يذكر أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، قال، أمس السبت، إن الولايات المتحدة أجرت اتصالات مباشرة مع «هيئة تحرير الشام».