السنيورة يسعى لاستنهاض سنّة لبنان وإخراجهم من الإرباك انتخابياً

TT

السنيورة يسعى لاستنهاض سنّة لبنان وإخراجهم من الإرباك انتخابياً

يفتح إقفال باب الترشُّح لخوض الانتخابات النيابية أمام انطلاق المشاورات لتشكيل اللوائح الانتخابية بوصفها الخطوة الأساسية لاستكمال التحضيرات لإنجاز الاستحقاق النيابي ترشُّحاً في موعده في 15 مايو (أيار) المقبل، وهذا ما يسلّط الأضواء على المشهد السنّي بخلوّه من المرشحين المنتمين إلى تيار «المستقبل» بعزوف زعيمه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن خوضها، فيما العشرات من المرشحين الذين يدورون في فلك الحريرية السياسية تقدّموا بطلبات ترشُّحهم وكان آخرهم النائب محمد القرعاوي عن دائرة البقاع الغربي – راشيا، ويوسف النقيب وحسن شمس الدين عن دائرة صيدا – جزين، ما أدى إلى خلط الأوراق في عاصمة الجنوب.
فالمشهد في الشارع السنّي لم يكتمل حتى الساعة رغم أن للناخب السنّي تأثيراً تتراوح مفاعيله المباشرة على أكثر من ثلثي أعضاء المجلس النيابي، وهو يتوقف بنسب متفاوتة على الدور الذي يتولاّه رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة في رعايته للمشاورات الجارية لتشكيل اللوائح الانتخابية في الدوائر ذات الثقل السنّي وتحديداً في بيروت الثانية وطرابلس - الضنّية - المنية وعكار والبقاع الغربي - راشيا، وصيدا - جزين.
فالرئيس السنيورة يقف الآن أمام تحدٍّ انتخابي في سعيه لاستيعاب ما أمكن لـ«الحريرية السياسية» من جهة ولملمة الشارع السني لملء الفراغ المترتّب على عزوف الرئيس الحريري من جهة ثانية، وذلك لقطع الطريق على إخلاء الساحة للفريق الآخر المتمثل بـ«محور الممانعة» بقيادة «حزب الله» وامتداداته التحالفية وصولاً إلى «التيار الوطني الحر» وجمعية المشاريع الخيرية الإسلامية «الأحباش» وإن كانت ستخوض الانتخابات في بيروت الثانية منفردة مع تمسكها بخياراتها السياسية التي تجمعها بـ«حزب الله»، وهي على نقيض مع النائب فؤاد مخزومي الذي أوشك على تشكيل لائحته البيروتية.
ورغم أنه من السابق لأوانه حرق المراحل قبل أن يستكمل السنيورة مشاوراته على طريق رعايته لتشكيل اللائحة التي ستخوض المنافسة في دائرة بيروت الثانية، فإنه يرفض تقديمه على أنه يعدّ العدّة لوراثة الحريرية السياسية وإن كان لا يرى من أفق سياسية لإخلاء الساحة بعدم الترشُّح مع أنه شخصياً ينأى بنفسه عن خوض الانتخابات، ويراهن على استنهاض الشارع السنّي وهو يتناغم مع ترشُّح النقيب وشمس الدين اللذين لا يحظيان بمباركة من نائبة صيدا بهية الحريري ولا بضوء أخضر منها لأنها منسجمة مع موقفها بعزوفها عن خوضها الانتخابات التزاماً بقرار الرئيس الحريري حتى إنها آثرت عدم التدخّل في الانتخابات، رافضةً العروض التي قُدّمت لها بدعم مرشح بالإنابة عنها وبصورة غير مباشرة.
كما أن السنيورة الذي يتفرّغ لمتابعة اتصالاته لتأمين الأجواء أمام تشكيل لائحة بيروتية يتولى شخصياً رعايتها، لم ينقطع عن التواصل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتشكيل لائحة توافقية لخوض الانتخابات عن دائرة طرابلس - الضنّية - المنية، رغم أن ميقاتي كان قد انضم إلى الرئيسين الحريري وتمّام سلام بالعزوف عن خوض الانتخابات.
ولم يُفاجأ نادي رؤساء الحكومات بعزوف ميقاتي وهو كان قد أبلغ الرؤساء الحريري والسنيورة وسلام، منذ أشهر، رغبته في عدم خوض الانتخابات من دون أن ينسحب عزوفه على دوره في رعاية تشكيل لائحة توافقية كونه الأقدر للعب هذا الدور ويتمتع بحضور انتخابي يتيح له التدخل، وهذا ما ظهر جلياً من خلال طلبات الترشيح التي تقدّم بها عدد من المرشحين المحسوبين عليه وأبرزهم: النائب الحالي علي درويش، وسليمان جان عبيد، وروبير عبد، ووهيب ططر، وأليسار ياسين، والنائب السابق كاظم صالح الخير، وكريم كبارة، نجل النائب الحالي محمد كبارة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن إقفال باب الترشُّح سيفسح المجال أمام تكثيف المشاورات بين ميقاتي والسنيورة بدءاً من اليوم، على أن يكون من أولوياتها البحث في تركيب ائتلاف طرابلسي يُفترض أن ينسحب على الضنية والمنية، وهذا ما اتفقا عليه في اجتماعهما السبت الماضي في حضور الوزير السابق أحمد فتفت.
وأكدت مصادر طرابلسية أن النائب السابق مصطفى علوش الذي ترشّح عن طرابلس، يواكب عن كثب لقاء ميقاتي السنيورة من خلال تواصله مع الأخير إضافةً إلى فتفت، وقالت إن علوش لم ينقطع عن التواصل مع الجماعة الإٍسلامية والنائبين الحاليين المنتميين إلى كتلة «المستقبل» النيابية سامي فتفت وعثمان علم الدين اللذين تقدّما بطلب ترشّحهما، إضافةً إلى المرشح عن الضنية عبد العزيز الصمد والمرشحة عن طرابلس ربى دالاتي، ولفتت إلى استبعاد التحالف مع الوزير السابق أشرف ريفي، وعزت السبب إلى أن المرشحين للدخول في اللائحة الائتلافية يحاذرون الإقدام على مثل هذه الخطوة لأنهم ليسوا في وارد استيراد مشكلة مع الحريري وجمهور «التيار الأزرق».
وإلى أن يتقرر مصير المشاورات المفتوحة بين ميقاتي والسنيورة، وما إذا كانت ستؤدي إلى توافق يمكن أن يتمدد إلى دائرة عكار، فإن المشهد الانتخابي في الشارع السنّي يكتنفه الغموض ويساوره القلق حتى الساعة، وهو ينتظر ما ستؤدي إليه من نتائج ليكون في وسع مَن تبقى من ناخبين كبار في هذا الشارع أن يبنوا على الشيء مقتضاه، خصوصاً أن الطائفة السنّية تُعد واحدة من المكوّنات السياسية الرئيسية في البلد، وهي تمر الآن في مرحلة حرجة واختبار دقيق بخلاف الطوائف الكبرى الأخرى التي حسمت خياراتها، وإن كانت الطائفة الشيعية خرجت من المنافسة بداخلها وتكاد تكون الوحيدة التي تتحصن وراء تحالف حركة «امل» و«حزب الله»، فيما يسعى الحراك المدني إلى تسجيل اختراق ولو محدود.
ويمكن أن يصعب على الحراك المدني تسجيل هذا الاختراق بخلاف قدرته على اختراق القوى التقليدية في الشارع المسيحي، وربما بنسبة أقل في الشارع الدرزي، إذا قرر «حزب الله» ترشيح مَن يمثل النائب طلال أرسلان، عن دائرة بيروت الثانية، مع أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يفضّل مراعاة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بالإبقاء على خطوط التواصل معه مفتوحة ومن موقع اختلافه مع الحزب.
كما أن «الحراك المدني» في الشارع السني لا يزال في طور التأسيس لخوض الانتخابات بلوائح موحّدة، خصوصاً أن العشرات من المنتمين إليه أو من يتحدثون باسمه كانوا قد تقدّموا بطلبات الترشح، وهذا ما سجله الإقبال على الترشُّح في اليومين الأخيرين من انتهاء الفترة المحددة لقبول طلبات الترشيح.
ويبقى السؤال: هل يتمكن السنيورة من استنهاض الشارع السني لسد ما أمكن من الفراغ الذي تركه الحريري بعزوفه وتياره الأزرق عن خوض الانتخابات؟ ومع من سيتحالف النقيب وشمس الدين من المرشحين في جزين، خصوصاً أنه لم يبقَ سوى المرشحين المدعومين من حزب «القوات اللبنانية»، إلا إذا وجدوا البدائل في مرشحين آخرين من المستقلين لتفادي إحراج النائبة بهية الحريري في مسقط رأسها في صيدا التي انطلقت منها الحريرية السياسية؟
وينسحب السؤال نفسه على الدوائر المختلطة الجامعة للناخبين الذين يدورون في فلك الحريرية السياسية والآخرين من جمهور ومحازبي «القوات»، وهل يمكن تجاوز الخطوط الحمر بتركيب تحالف الضرورة بين اللوائح التي يرعاها السنيورة ولوائح مدعومة مباشرةً من رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، مع أن التحضيرات الجارية لتشكيل اللوائح تنطلق حتى الآن من استبعاد التعاون الانتخابي على خلفية الأزمة القائمة بين الحريري وجعجع، خصوصاً أن السنيورة ليس في وارد القفز فوقها، وهو يصر على مراعاتها وعدم التفريط بموقف يزعج السواد الأعظم من جمهور التيار الأزرق.
وفي المقابل فإن السنيورة على تواصل مع الجماعة الإسلامية ورئيس «التقدمي» جنبلاط، وهو ينظر إليه كحليف استراتيجي في مواجهة المشروع الذي يتزعّمه «حزب الله»، فيما يتطلع في نفس الوقت إلى إخراج الشارع السني من الإرباك بدعوة الناخبين للإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع لزيادة نسبة الاقتراع لأن تدنيها يأتي لمصلحة «محور الممانعة».



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.