الرئيس الفرنسي: هناك حاجة إلى تعاون دائم بين باريس والرياض لدرء خطر الإرهاب

أكد أن زيارته للسعودية تكتسب طابعًا استثنائيًا في ظل ظروف المنطقة الحالية

الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر الصحافي قبل مغادرته الرياض (واس)
الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر الصحافي قبل مغادرته الرياض (واس)
TT

الرئيس الفرنسي: هناك حاجة إلى تعاون دائم بين باريس والرياض لدرء خطر الإرهاب

الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر الصحافي قبل مغادرته الرياض (واس)
الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر الصحافي قبل مغادرته الرياض (واس)

أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن زيارته للسعودية اكتسبت طابعًا استثنائيًا من كل الجوانب، في ظل الظروف والأحداث التي تمر بها المنطقة حاليًا، وبيّن أن لقاءه الأمير محمد بن نايف، ولي العهد السعودي، كان في إطار التعاون في إيجاد حلول عملية من أجل لبنان وأمنه والتأكيد على تنفيذ هذا التعاون بحصول لبنان على معدات عسكرية فرنسية، حيث إن المملكة وفّرت أغلبية التمويل، مؤكدًا أن هناك تعاونًا دائمًا بين البلدين، منها تبادل المعلومات لمكافحة الإرهاب، مبينًا أنهما تناولا موضوع الإرهاب بجميع أوجهه.
وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن بلاده والسعودية تعانيان من الإرهاب وانعكاساته السلبية على أمنهما، وهذا يفرض الحاجة إلى التعاون الدائم في المجال الأمني للبلدين لدرء خطر الإرهاب وتفادي الأعمال الإرهابية، ممتدحًا طريقة المملكة في مكافحة الإرهاب.
وأشار إلى أن المنطقة منذ فترة تشهد نزاعات تزعزع استقرارها وأمنها، كما يحدث في سوريا وفي العراق وما يحدثه تنظيما «داعش» و«القاعدة» من عمليات إرهابية فيهما، بالإضافة إلى ما يحصل حاليًا في اليمن، وتدخل الدول التي استجابت لنداء ومناشدة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي نظرًا للوضع المأساوي الذي آلت إليه بلاده، وكل ذلك يبرر لأن تكون فرنسا إلى جانب دول المنطقة لضمان أمنها واستقرارها، بالإضافة إلى الإسهام معها في إيجاد حلول دبلوماسية بالنسبة لسوريا أو العراق أو اليمن.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده هولاند في القاعة الخاصة بالمؤتمرات في الصالة الملكية بمطار الملك خالد الدولي قبيل مغادرته الرياض، أمس، وقال: «يتوجب مع هذه الأحداث في المنطقة اتخاذ قرارات قوية لأن فرنسا عضو في دول التحالف»، لافتًا الانتباه إلى أنها تدعم المعارضة المعتدلة في سوريا، والسعي بموازنة في دعمها لإيجاد حلول ودبلوماسية.
وبين الرئيس الفرنسي أن هذه الزيارة تندرج كذلك في إطار افتتاح أعمال الاجتماع التشاوري الخامس عشر لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي انعقد اليوم في الرياض، حيث يدعى فيه للمرة الأولى رئيس دولة أجنبية لحضوره، وهي علامة على الثقة التي تحظى بها فرنسا، والاعتراف بدورها وأعمالها، قائلا: «وجدتها فرصة في إظهار مبادئ عمل فرنسا الدولية ودعمها المستمر لمكافحة الإرهاب، حيث الأمن من الإرهاب يعنينا جميعا، وانعدام الأمن في أي دولة هو انعدام للأمن في العالم، وخصوصا في المنطقة».
وأوضح أنه أوكل لوزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي لوران فابيوس بشكل خاص التفاوض مع إيران حول ملفها النووي، وبيان الخط التوجيهي في الدبلوماسية الفرنسية للعمل من أجل اتفاق قوي ومستديم وقابل للتحقق، الذي يسمح برفع العقوبات تدريجيًا، وتعزيز العلاقة الثنائية مع السعودية.
كما بين أن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان وقع في قطر اتفاقية عقد بيع أسلحة تتضمن عشرين طائرة من نوع «رافال» الفرنسية، التي سيتبعها توقيع عقود أخرى، مشيرًا إلى أن هذا يثبت قدرات الشركات الفرنسية لإنتاج طائرات ومعدات حربية تحظى بثقة ومستوى عالٍ، مفيدا بأنه خلال الزيارة للمملكة «تجاوزنا تعاون الدفاع إلى تعاونات أخرى»، حيث يعمل وزير الدفاع على العمل والتنسيق في هذا المجال، كما يقوم وزير الخارجية بعمله في مجال الدبلوماسية الفرنسية، مؤكدًا أن هناك تعاونا مع الجانب السعودي في مجالات أخرى فُتحت لها آفاق مهمة ومجالات كبيرة، استعدت وحضرت لها الشركات الفرنسية شملت مجالات الصحة والطاقة والتنمية والبنى التحتية والدفاع، مضيفا أن فرنسا حددت لهذه المجالات الطموح والأسلوب، فالطموح يكون بالاستجابة لكل الطلبات لتقديم الاحتياجات والاستثمار في فرنسا، كما في المملكة بما يصب في مصلحة البلدين، وذلك بتشكيل صناديق استثمارية تطمح إلى إيجاد انعكاسات إيجابية للبلدين، بتجنيد المستثمرين في القطاع العام والخاص، أما الأسلوب فهو العمل بسرعة وفتح الآفاق في مجالات كثيرة والتأكد من التنفيذ، وذلك بدءًا من شهر يونيو (حزيران) في المجالات المحددة، فيما سنؤكد على بعض الإعلانات والأنشطة، وتحديد موعد آخر في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، بمناسبة انعقاد المنتدى الاقتصادي الفرنسي - السعودي، حيث سنبين طريقة السرعة في تنفيذ القرارات التي تبنيناها هنا بموجب الاتفاق بين البلدين».
وكرر الرئيس الفرنسي أن الهدف من الزيارة للسعودية هو لإيجاد دور مفيد من أجل السلام والأمن، ومكافحة الإرهاب، مبينين عن تضامننا لتقديم الدعم والإسهام في الحفاظ على الاستقرار، وإطلاق المبادرات الدبلوماسية، إلى جانب إيضاح ما يمكن أن يقدمه الاقتصاد الفرنسي بديناميكيته وتقنياته العالية، والقدرة على جذب المستثمرين في المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج، وهذا نتيجة العمل الحثيث مع أصدقائنا السعوديين وحرص فرنسا في الثبات على مواقفها وقراراتها والحفاظ على أهدافها وصورتها في العالم سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وبالعمل أيضا مع قواتنا المسلحة في المنطقة التي تشارك في التحالف الدولي بالعراق والإسهام سياسيًا في إيجاد الحلول الدبلوماسية لحل الأزمات في المنطقة.
وفي السياق ذاته، أضاف الرئيس الفرنسي أن سعي فرنسا الحثيث في محاربة الإرهاب هو من أجل حماية أمن فرنسا خاصة، ودول أوروبا عامة، وما تفعله فرنسا داخل حدودها في هذا الشأن تفعله في المنطقة، مؤكدا أن هذا ما بينه خلال هذه الزيارة.
بعد ذلك أتاح الرئيس فرنسوا هولاند الأسئلة للإعلاميين والصحافيين، حيث أجاب عن سؤال حول التعاون التجاري بين المملكة العربية السعودية وفرنسا الذي بلغ مليارات اليوروات لمشروعات عدة بينهما، وقال إنه التقى في هذه الزيارة مع عدد من المسؤولين في المملكة شملت مجالات الصحة والطاقة والنقل والتنمية في المناطق الحضارية، وذلك لتحديد المبادئ التي ستسمح للشركات الفرنسية بالمشاركة في العروض والمناقصات التي تطرح، متطرقا إلى لقائه مع وزير المالية ومع مسؤولين عن صناديق استثمارية سعودية لتفعيل الحركة الاستثمارية الجيدة للبلدين، وتشجيع الشركات الفرنسية للاستثمار في المملكة وتحديد الأسلوب والتعاون الذي يتوافق مع البلدين وتحديد معالم شراكة مستديمة استراتيجية تشمل مجالات كثيرة والدفاع هو أحد هذه المجالات، والحديث عن هذا سيتحدد على المدى المتوسط، من خلال عقد لقاءات مهمة في هذا الشأن أهمها اللقاء الذي حدد في أكتوبر المقبل والإعلان في حينه عن تلك المشروعات.



من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
TT

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» خلال «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة، الذي تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد، وحتى 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، وبتنظيم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، وهيئة الحكومة الرقمية.

وعلى هامش المنتدى، أعلنت «منظمة التعاون الرقمي» التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرّاً لها، إطلاق المبادرة، بمصادقة عدد من الدول على بيان مشترك بهذا الإعلان وهي: السعودية، والبحرين، وبنغلاديش، وقبرص، وجيبوتي، وغامبيا، وغانا، والأردن، والكويت، والمغرب، ونيجيريا، وعُمان، وباكستان، وقطر، ورواندا.

وأكدت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المبادرة التي تقودها وترعاها الكويت، وتم تقديمها خلال الجمعية العامة الثالثة لمنظمة التعاون الرقمي، تهدف إلى تعزيز احترام التنوع الاجتماعي والثقافي، ومكافحة المعلومات المضللة عبر الإنترنت، من خلال جهود الوساطة والتنسيق بين الشركات والحكومات والجهات الأخرى ذات الصلة، مثل المنظمات الدولية والمجتمع المدني.

وتضمّن الإعلان، إنشاء «لجنة وزارية رفيعة المستوى» تتولّى الإشراف على تنفيذ مبادرة «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» التابعة للمنظمة، فيما جدّدت الدول المُصادقة على الإعلان، التزامها بالدعوة إلى «إنشاء اقتصاد رقمي شامل وشفاف وآمن يُمكن الأفراد من الازدهار».

وأكّد الإعلان على رؤية الدول إلى أن القطاع الخاص، وخصوصاً منصات التواصل الاجتماعي، «شريك في هذه الجهود لتعزيز التأثير الاجتماعي الإيجابي بدلاً من أن تكون وسيلة لنشر التأثيرات السلبية أو عدم الوعي الثقافي».

ودعا الإعلان، إلى بذل جهود جماعية من شأنها دعم القيم الوطنية، والتشريعات، وقواعد السلوك في منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تأكيد «منظمة التعاون الرقمي» التزامها بتحسين الثقة في الفضاء السيبراني من خلال معالجة التحديات الأخلاقية والخصوصية المرتبطة بالتقنيات الناشئة.

وفي الإطار ذاته شدّد الإعلان على الأهمية البالغة للحوار النشط والتعاون بين منصات التواصل الاجتماعي والدول التي تعمل فيها، وعَدّ التعاون القائم على الثقة المتبادلة «مفتاحاً لضمان احترام المشهد الرقمي لحقوق وقيم جميع الأطراف ذات الصلة».

من جهتها، أشارت ديمة اليحيى، الأمين العام لـ«منظمة التعاون الرقمي»، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن استطلاعات للرأي شملت 46 دولة، أظهرت أن أكثر من 59 في المائة قلقون من صعوبة التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف عبر الإنترنت.

وأضافت أن ما يزيد على 75 في المائة من مستخدمي الإنترنت قد واجهوا أخباراً زائفة خلال الأشهر الستة الماضية، وتابعت: «تنتشر المعلومات المضللة على المنصات الاجتماعية بمعدل يصل إلى 10 أضعاف سرعة انتشار الحقائق»، الأمر الذي من شأنه، وفقاً لـ«اليحيى»، أن يسلّط الضوء على مفارقة مزعجة بأن «المنصات التي أحدثت ثورة في الاتصال والتقدم أصبحت أيضاً قنوات للانقسام، وتزعزع الثقة، وتزيد من حالة الاستقطاب في المجتمعات».

ونوّهت اليحيى إلى أن المعلومات المضلّلة «لم تعد قضية هامشية، بل جائحة رقمية مخيفة تتطلب تحركاً عاجلاً ومشتركاً»، وأضافت: «الدراسات بيّنت أن المعلومات المضللة قد تؤدي إلى إرباك الانتخابات في العديد من الدول خلال العامين المقبلين، مما يهدد الاستقرار العالمي». على حد وصفها.

وعلى جانب آخر، قالت: «بالنسبة للأجيال الشابة، فإن التأثير مقلق بشكل خاص، إذ يقضي المراهقون أكثر من 7 ساعات يومياً على الإنترنت، ويؤمن 70 في المائة منهم على الأقل بأربع نظريات مؤامرة عند تعرضهم لها». وخلال جائحة كورونا «كوفيد - 19»، أدت المعلومات المضللة حول القضايا الصحية إلى انخفاض بنسبة 30 في المائة في معدلات التطعيم في بعض المناطق، مما عرض ملايين الأرواح للخطر.

وأردفت: «أكّدت خلال كلمتي أمام منتدى حوكمة الإنترنت على أننا في منظمة التعاون الرقمي ملتزمون بهذه القضية، بصفتنا منظمة متعددة الأطراف، وكذلك معنيّون بهذه التحديات، ونستهدف تعزيز النمو الرقمي الشامل والمستدام».

جدير بالذكر أنه من المتوقع أن يشارك في فعاليات المنتدى أكثر من 10 آلاف مشارك من 170 دولة، بالإضافة إلى أكثر من ألف متحدث دولي، وينتظر أن يشهد المنتدى انعقاد نحو 300 جلسة وورشة عمل متخصصة، لمناقشة التوجهات والسياسات الدولية حول مستجدات حوكمة الإنترنت، وتبادل الخبرات والمعلومات وأفضل الممارسات، وتحديد التحديات الرقمية الناشئة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني والقطاع غير الربحي.