خفض الرسوم العقارية لتجاوز جمود السوق السورية

تسجيل 300 ألف عقد لإيرانيين منذ منتصف العام الماضي

المصرف العقاري في دمشق (أ.ف.ب)
المصرف العقاري في دمشق (أ.ف.ب)
TT

خفض الرسوم العقارية لتجاوز جمود السوق السورية

المصرف العقاري في دمشق (أ.ف.ب)
المصرف العقاري في دمشق (أ.ف.ب)

صدر في دمشق مرسوم رئاسي بتخفيض الرسوم العقارية وفق القانون رقم (6) لعام 2022، والذي ينص على تعديل نسبة المساهمة النقدية في دعم التنمية المستدامة بالنسبة لرسوم الفراغة والانتقال والتسجيل العقاري ورسم الطابع المرتبط بها، لتصبح 10 في المائة بدلاً من 30 في المائة التي حددها القانون الخاص بالرسوم العقارية، الصادر العام الماضي، وتسبب في اضطراب سوق العقارات، جراء التكاليف الباهظة التي يتبكدها المستفيد من عملية البيع.
القانون السابق أدى إلى رفع أسعار العقارات بالتوازي مع البحث عن حلول التفافية لتخفيض المبالغ المستحقة قانوناً، علماً بأن قانون «ضريبة البيوع العقارية» الصادر العام الماضي، ينص على استيفاء الضريبة على العقارات المبيعة، بالاعتماد على قيمتها الرائجة بدلاً من القيمة المعتمدة في السجلات المالية.
وحدد القانون الحالي، قيمة رسوم المعاملات العقارية التي يجب دفعها عند الرغبة في الحصول على خدمة التسجيل العقاري، بشرط استيفاء ثلث هذه الرسوم في حال استناد التسجيل العقاري إلى حالات عدة، منها «صك غير قابل للعزل، حكم قطعي صادر في دعوى تم تسجيل إشارتها قبل نفاذ القانون، وواقعة وفاة المورث في معاملات الانتقال وتسجيل حق الانتفاع». وأشارت المواد إلى وجوب استيفاء رسم طابع مالي بنسبة 5 في المائة من مقدار الرسوم المنصوص عليها في القانون، ورسم إدارة محلية بنسبة 10 في المائة من مقدار الرسوم المذكورة. ولعل أهم تعديل هو أن 80 في المائة من الرسوم المستوفاة «سترد إلى أصحابها إذا لم تقترن المعاملة بالتسجيل في الصحيفة العقارية»، وصدر العام الماضي، قرار يلزم الجهات العامة المخولة قانوناً بمسك سجلات ملكية العقارات والمركبات بأنواعها، والكتاب العدل، بعدم توثيق عقود البيع أو الوكالات المتضمنة بيعاً منجزاً وغير قابل للعزل، قبل إرفاق ما يشعر بتسديد الثمن أو جزء منه في الحساب المصرفي للمالك، أو خلفه العام أو الخاص أو من ينوب عنه قانوناً، سواء تم تسجيل البيع أم لم يتم تسجيله؛ الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً.
كما صدر قرار بداية العام الحالي، بإلزام البائع سداد مبلغ عبر الحسابات المصرفية بما يعادل نسبة 15 في المائة من القيمة الرائجة للوحدة العقارية المبيعة المعتمدة، بموجب أحكام القانون رقم (15) لعام 2021، بالتوازي مع تقييد السحوبات بسقف مليون ليرة، فيتعذر على البائع التصرف أو سحب هذا المبلغ نقداً.
وأحدثت تلك القرارات جموداً في سوق العقارات، أدى إلى زيادة استخدام عقود «الهبة» للتهرب من عملية الإيداع في المصارف وتقليص النفقات المالية. وبحسب الإعلام المحلي، فإن أغلب المستفيدين يرغبون اليوم في تنظيم عقود «الهبة»، وأن القانون رقم (6) الذي يخفض الرسوم العقارية هدفه «تخفيض الرسوم الداخلة في نسبة المساهمة النقدية بدعم التنمية المستدامة المحددة على رسم التسجيل العقاري المحددة بـ30 في المائة، التي أصبحت تشكل عبئاً على المواطنين». وعقد «الهبة» هو عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له، دون عوض، على أنه يجوز للواهب دون أن يتجرد عن نيّة التبرع أن يفرض على الموهوب له، القيام بالتزام معيّن، بحسب المادة (454) من القانون المدني.
ويستثني القانون الجديد من التخفيض رسوم معاملات تصحيح الأوصاف، والانتقال، والبيانات، والتصرف بلا سند، ورسوم الأعمال الفنية، ورسم الإدارة المحلية، ورسم الطابع المالي.
وبحسب القانون الجديد، تُعفى من الرسوم العقارية جميع «الوزارات، والجهات العامة ذات الطابع الإداري، والجمعيات، والوحدات الإدارية، والجمعيات التعاونية السكنية، والمؤسسات الخاصة المشهرة قانوناً، والأوقاف الإسلامية وغير الإسلامية»، دون أن يشمل الإعفاء ثمن النماذج، والمطبوعات، وعلامات الحدود، وتأمين وسائط النقل. كما تُعفى مديريات المصالح العقارية، في معرض تصحيح الأخطاء من الرسوم المنصوص عليها في هذا القانون.
يشار إلى أن القوانين والقرارات الخاصة بالبيوع العقارية الصادرة خلال العام الماضي، أدت إلى إحجام السوريين عن عمليات الشراء بالتوازي مع ارتفاع غير منطقي للأسعار، مقابل نشاط غير مسبوق في حركة البيع لغير السوريين، لا سيما الإيرانيين الذين يستغلون فرصة بيع السوريين عقاراتهم بدافع الهجرة.
وبحسب تقارير إعلامية، سجل أكثر من 300 ألف عقد بيع عقارات في دمشق وريفها ومنطقة الساحل، منذ منتصف العام الماضي، معظمهما لمشترين إيرانيين وعناصر ميليشيات غير سورية وأمراء حرب. وذلك رغم الضرائب الباهظة التي حددها قانون البيوع العقارية العام الماضي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.