إجراءات روسية تقلص بشكل حاد إمدادات القمح والحبوب للعالم

تحذيرات من مجاعة في الدول الأكثر فقراً... والمخزون العالمي يكفي لـ21 يوماً

إجراءات روسية تقلص بشكل حاد إمدادات القمح والحبوب للعالم
TT

إجراءات روسية تقلص بشكل حاد إمدادات القمح والحبوب للعالم

إجراءات روسية تقلص بشكل حاد إمدادات القمح والحبوب للعالم

أعدت وزارة الزراعة الروسية أمس، مشروع قرار بشأن فرض حظر مؤقت على تصدير القمح، ينتظر أن يتم إقراره اليوم من جانب الحكومة الروسية. ويشمل القرار فرض حظر كامل على تصدير القمح والشعير والذرة وصنوف أخرى من البذور، على أن يدخل حيز التنفيذ مباشرة اليوم، ويمتد مفعوله إلى نهاية يونيو (حزيران) المقبل.
وعكس التطور جانباً من التداعيات الاقتصادية الخطرة للحرب في أوكرانيا، مع بروز معطيات متشائمة عن شبح مجاعة يحوم فوق البلدان الأكثر فقراً. وتملك روسيا وأوكرانيا ما يصل إلى 30 في المائة من إمدادات القمح العالمية. وأبرزت وسائل إعلام عناوين مثل «القمح أغلى من أي وقت مضى، وأزمة الجوع تلوح في العديد من البلدان».
ووفقاً لشبكة «لينتا رو» الروسية يصل احتياطي الحبوب حالياً في العالم إلى 57 مليون طن، وهو الرقم الأدنى لمدة تسع سنوات. وقالت إن هذه الكميات ستكون كافية للعالم لمدة 27 يوماً، ومن دون موارد روسيا وأوكرانيا فهي تكفي أقل من 21 يوماً في حال لم يتم تعويض النقص سريعاً من البلدان المنتجة الأخرى.
وكانت اللجنة الفرعية للجمارك الروسية أعلنت قبل أيام فرض حظر مؤقت على تصدير محاصيل الحبوب والسكر إلى بلدان الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وشكلت تلك الخطوة تمهيداً للحظر الأوسع الحالي.
وكانت المخاوف على أوضاع أسواق القمح العالمية تزايدت منذ بداية الشهر الجاري على وقع تواصل العمليات العسكرية في أوكرانيا. ونقلت تقارير أن أسعار الحبوب في السوق الأوروبية ارتفعت بنسبة 8 في المائة، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 367.75 يورو للطن. وفي الولايات المتحدة، ولأول مرة منذ عام 2008، ارتفع السعر فوق 10 دولارات للبوشل (حجم حوالي 35 لتراً).
قال المدير العام لشركة الزراعة الأوكرانية القابضة أليكس ليسيتسيا إن أوكرانيا لن تكون قادرة على تصدير نحو 50 مليون طن من محاصيل الحبوب. وفي هذا الموسم سيكون من الممكن زرع حوالي 30 - 50 في المائة فقط من المناطق المخططة. لكن هذا التوقع بدا متفائلاً جداً وفقاً لخبراء، على خلفية استمرار العمليات العسكرية.

وتحتل أوكرانيا مكانة رائدة في تصدير الذرة وزيت عباد الشمس وغيرها من المنتجات الغذائية إلى الاتحاد الأوروبي. وبشكل عام وفقا لليسيتسيا توفر أوكرانيا ما يقرب من 14 في المائة من سوق الغذاء العالمي.
بدوره، توقع المدير العام لشركة «برو زينو» فلاديمير بيتريشينكو انخفاضا في صادرات الحبوب الروسية من 42 مليونا كانت متوقعة إلى 35 مليون طن، وصدرت روسيا في هذا الموسم حتى الآن 23 مليون طن من القمح.
وبرغم المخاوف المتزايدة رأى خبراء روس أن العالم يمكنه تجنب وقوع مجاعة في بعض البلدان، عبر توسيع الإنتاج من جانب بلدان أخرى مصدرة «لم تفعل ذلك من قبل لأسباب تجارية». وقال ألكسندر روغوزين، الأستاذ في قسم الاقتصاد العالمي في جامعة العلاقات الدولية في موسكو إنه «في ظل الظروف الجديدة، فإن المكان المقدس في أي سوق، بل وأكثر من ذلك عالمياً، لن يكون فارغاً أبداً».
وزاد أن الولايات المتحدة نفسها يمكنها بسرعة زيادة إنتاج القمح وتصديره إلى دول أخرى.
وتوقع نائب رئيس اتحاد الحبوب الروسي ألكسندر كوربوت أنه بفضل الوضع الحالي، ستكون روسيا قادرة على تكوين احتياطيات من الحبوب. «حملة البذر في روسيا تسير بشكل طبيعي، والظروف جيدة، وسنحصل على محصول جيد. وزارة الزراعة تتوقع 123 مليون طن (حبوب)، في رأينا أنها منخفضة للغاية. نتوقع 127 - 130 مليون طن».
لكن الخبير أقر أن تراكم المخزون لدى روسيا لن ينقذ الأسواق العالمية خصوصا بسبب مواجهة روسيا صعوبات جدية بسبب العقوبات بينها أن مالكي سفن الشحن قد يخضعون للعقوبات وشركات التأمين العالمية ترى مخاطر متزايدة في تأمين صادرات روسيا.
إلى ذلك، وصف الملياردير الروسي أندريه ميلنيشينكو، الذي يلقب بملك الفحم والأسمدة، الحرب في أوكرانيا بأنها مأساة يجب وقفها وإلا ستكون هناك أزمة غذاء عالمية لأن أسعار الأسمدة ترتفع بالفعل بسرعة كبيرة ولم يعد بوسع كثير من المزارعين شراؤها.
وقال ميلنيشينكو (50 عاماً)، وهو روسي لكنه مولود في روسيا البيضاء ووالدته أوكرانية، إن «الأحداث في أوكرانيا مأساوية حقا. نحن بحاجة ماسة للسلام». وتابع قائلاً: «أحد ضحايا تلك الأزمة سيكون قطاع الزراعة والغذاء».
لافتا إلى أن نقص الإمدادات الروسية والأوكرانية سوف يسفر عن تضخم أعلى في أسعار الغذاء في أوروبا وعلى الأرجح «سيؤدي إلى نقص في الغذاء بشكل حاد في أفقر دول العالم».
وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) يوم الجمعة إن أسعار الأغذية والعلف قد ترتفع بما يصل إلى 20 في المائة بسبب الصراع في أوكرانيا، الأمر الذي قد يتسبب بدوره في اتساع رقعة سوء التغذية على مستوى العالم.


مقالات ذات صلة

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الصين تحظر تصدير معادن أساسية إلى أميركا وسط حرب تجارية محتملة

الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
TT

الصين تحظر تصدير معادن أساسية إلى أميركا وسط حرب تجارية محتملة

الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)

قالت الصين، الثلاثاء، إنها حظرت صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى الولايات المتحدة، وذلك غداة حملة إجراءات أميركية صارمة على قطاع أشباه الموصلات في الصين.

ووفقاً لـ«رويترز»، عزت وزارة التجارة الصينية قرارها بشأن المواد ذات الاستخدام المزدوج في التطبيقات العسكرية والمدنية إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

ويتطلب القرار الذي دخل حيز التنفيذ فور إعلانه مراجعة صارمة أيضاً بشأن عناصر الغرافيت التي يتم شحنها إلى الولايات المتحدة.

وقالت الوزارة: «من حيث المبدأ، لن يُسمح بتصدير الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والمواد شديدة الصلابة إلى الولايات المتحدة».

ويشدد القرار القيود المفروضة على صادرات ما يعرف بالمعادن الحرجة التي بدأت بكين في طرحها العام الماضي، لكنها تنطبق فقط على السوق الأميركية، في أحدث تصعيد للتوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه.

وتُظهر بيانات الجمارك الصينية عدم وجود شحنات من الجرمانيوم أو الغاليوم إلى الولايات المتحدة منذ بداية العام حتى أكتوبر (تشرين الأول)، رغم أنها كانت رابع أكبر مستورد للجرمانيوم وخامس أكبر مستورد للجاليوم قبل عام.

ويستخدم الغاليوم والجرمانيوم في أشباه الموصلات، ويستخدم الجرمانيوم أيضا في تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء وكابلات الألياف الضوئية والخلايا الشمسية.