المحاكم السعودية تبدأ العمل بنظام التكاليف القضائية

لا تزيد عن 5 % من قيمة المطالبة ويتحملها الطرف الخاسر

المحكمة العامة بمدينة الرياض (الشرق الأوسط)
المحكمة العامة بمدينة الرياض (الشرق الأوسط)
TT

المحاكم السعودية تبدأ العمل بنظام التكاليف القضائية

المحكمة العامة بمدينة الرياض (الشرق الأوسط)
المحكمة العامة بمدينة الرياض (الشرق الأوسط)

بدأت المحاكم السعودية اليوم (الأحد) العمل بنظام التكاليف القضائية، الذي دخل حيز التنفيذ اليوم، وبموجب النظام سيتحمل الطرف الخاسر التكاليف القضائية، بما لا يزيد عن 5 في المائة من قيمة المطالبة، وبحد أقصى مليون ريال، أو يتحملها طرفا النزاع بالتساوي في حال الصلح، ويأتي هذا النظام ضمن عدة تعديلات أقرتها السعودية مؤخراً في أنظمتها القضائية.
ونصّ النظام الجديد على فرض مبالغ مالية عند تقديم الدعاوى، سواء أكانت مدنية أو تجارية أو جزائية، باستثناء محاكم الأحوال الشخصية، والدعاوى الجزائية العامة، ويتحملها الطرف المحكوم عليه، وتحدد لائحة النظام معايير تحديد التكاليف القضائية بمختلف أنواعها، والقواعد المنظمة لذلك؛ حيث يمكن للمستفيدين الحصول على أوراق ومستندات القضايا، عبر دفع مقابل مادي لا يزيد عن 1000 ريال، وفرض 10 آلاف ريال عند طلب الاستئناف، أو النقض، أو التماس إعادة النظر، أو طلب تصحيح الحكم أو تفسيره.
https://twitter.com/MojKsa/status/1433106865114787851?s=20&t=JX0luGDAV4lQpWxZLR6RpA
وفي أبرز مواد نظام التكاليف القضائية، تشير المادة الـ11 إلى قيام الإدارة المختصة بتحديد مبلغ التكاليف القضائية للدعوى أو الطلب المقدم للمحكمة وفقاً لما يقضي به النظام واللائحة، وتبلغ به المدعي أو صاحب الطلب عند قيد الدعوى أو الطلب، كما نصّت على أنه يجوز للمدعي أو صاحب الطلب الاعتراض على هذا التحديد خلال 15 يوماً من تاريخ تبليغه أمام رئيس المحكمة أو من يفوضه من قضاتها، ويكون قراره نهائياً وغير قابل للاعتراض عليه.
ونصت المادة 12 من النظام على تحمل المحكوم عليه قيمة التكاليف القضائية المقررة للدعوى والطلبات المتصلة بها أو قسطاً منها، ما لم ينص النظام أو اللائحة على غير ذلك، وذلك دون إخلال بحق ذوي الشأن في المطالبة بالتعويض، وفي حال كان المدعي غير محق في جزء من طلباته، فيتحمل قسط ذلك الجزء.
وأشارت وزارة العدل السعودية إلى أن النظام يسهم في الحد من الدعاوى الكيدية والصورية، وتعزيز الكفاءة القضائية وتحقيق العدالة الناجزة، والمساهمة في الوفاء بالحقوق قبل وصولها إلى القضاء، وكذلك تقليص الدعاوى غير الضرورية، بما يرفع من كفاءة العمل العدلي.



«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
TT

«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)

يقصد عيادةَ اختصاصية الطبّ الغذائي والتغذية العيادية، الدكتورة فيرا متّى، مواظبون على خطط غذائية تقي ويلات؛ منها السكّري. هؤلاء، في معظمهم، لم يغادروا المنازل نحو سقوف تتراءى آمنة من التوحّش المُعادي. في مقابلهم، يُفرِط كثيرون في تناول الطعام لسدّ حاجة إلى امتلاء تفرضه فراغات مؤلمة. لطالما تأكّدت العلاقة الشائكة بين المعدة والعالم الخارجي، وبدا وثيقاً الرابط بين الطعام والظرف. هذه أيامٌ مضطربة. جَرْفٌ من النزوح والخوف وفوضى الوقت. لذا تتدخّل الشهية في ترميم ما يتجوَّف. وتمنح بعض الأصناف اللذيذة شعوراً بالسكينة. فماذا يحدُث لدواخلنا، وهل النجاة حقاً بالأكل؟

اختصاصية الطبّ الغذائي والتغذية العيادية الدكتورة فيرا متّى (حسابها الشخصي)

ينطبق وَصْف «الأكل العاطفي» على ملتهمي الطعام الملوَّعين بالمآسي. تقول الدكتورة متّى، إنهم يشاءون مما يتناولونه الإحساس بواقع أفضل. تتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن وَقْع الاضطراب في الأجساد والنفوس، فتتصدّى له، عموماً، أصناف المأكولات وكمّياتها: «تاركو المنازل يتابعون النقل المباشر للحرب دون انقطاع. يتفاقم توتّرهم وينمو الشعور بعدم الأمان. ذلك يعزّز هرمونات تشتهي أنواع السكّر، وقد تتعدّى الرغبةُ الحلويات إلى الأملاح، دفعةً واحدة، دون فاصل أو استراحة أضراس».

تحسم تبدُّل العادات الغذائية أو تأثّرها في أقل تقدير. فغذاء النازح غالباً «غير صحّي»، ويُعمّق سوءه «النوم المتقطّع، والروتين المستجدّ». تشرح: «ضرر ذلك على الأطفال الحدّ من نموّهم الفكري والجسدي، بينما يمسُّ هرمون الكورتيزول المُسبِّب تكوُّن الدهون على بطن الكبار، فتتحقّق زيادة الوزن وإن قلَّ التهام الطعام جراء اضطراب النوم والتوتّر العالي. هنا، يتحوّل كل ما يدخل الفم إلى دهون لإصابة هذا الهرمون بالارتفاع اللافت مُحوطاً بعوامل تُصعِّب انخفاضه».

تستوقفها وضعية التغذية المستجدّة، لتراوحها بين القلّة والسوء: «قد يحضُر الطعام على شكل معلّبات مثلاً. هذه طافحة بالصوديوم والسكّر المُضاف، وتحتوي مواد كيميائية تُسبّب السرطان على المدى الطويل. بذلك، لا يعود نقصُ الطعام مُسبِّبَ المرض؛ وإنما سوءه».

غذاء النازح غالباً غير صحّي ويُعمّق سوءه النوم المتقطّع (أ.ف.ب)

ما يُفعِّل تناقُل الأمراض، وفق فيرا متّى، «الطعام غير المحفوظ جيداً». تتحدّث عن حالات بكتيرية تتمثّل في عوارض؛ منها التقيّؤ واضطراب الأمعاء، لغياب الثلاجات أو انقطاع الكهرباء. «ذلك يُخفّض المناعة وينشر الأوبئة، خصوصاً بين الأطفال. أما الكبار فيفاقمون مشكلات السكّري والشرايين والكولسترول وتشحُّم الكبد إنْ عانوها».

تعطي نسبة 20 في المائة فقط، من بين مَن تابعتْ حالتهم الغذائية، لمن لا يزالون يلتزمون نظامهم الصحّي. آخرون لوَّعهم السكّري، فازدادوا لوعة، وضخَّم تبدُّلُ غذائهم معاناتهم مع الأمراض. من دورها العيادي، تحاول إعادة أمور إلى نصابها: «نركّز اليوم على السلامة الغذائية، وكيفية تعامُل النازحين مع واقعهم الصحّي. دورنا توعوي. علينا الحدّ من التسمُّم، فأزمة الدواء لم تُحلّ، والمستشفيات توفّر استيعابها للجرحى. لا بدّ من تفادي تحميلها أعباء إضافية».

تفترض إخضاع اللبنانيين لفحص يختبر انجراف معظمهم خلف «الأكل العاطفي»، وتضمن النتيجة: «قلة فقط ستكون خارج القائمة». تصوغ معادلة هذه الأيام: «تلفزيون وبرادات. الالتهام فظيع للأخبار والمأكولات. لا شيء آخر. نحاول جَعْل هذا البراد صحّياً».

إنها الحرب؛ بشاعتها تفرض البحث عن ملاذ، ومطاردة لحظة تُحتَسب، والسعي خلف فسحة، فيتراءى الطعام تعويضاً رقيقاً. بالنسبة إلى الدكتورة متّى إنه «إحساس بالامتلاء وبأنّ مَن يتناوله لا يزال حياً». تحت قسوة هذه الأيام ومُرّها، لا يعود الإحساس بالذنب المُرافق للإفراط في تناوله، هو الغالب... «يتراجع ليتقدّم الشعور بالنجاة. مساعي البقاء تهزم فكرة الكيلوغرامات الزائدة. بإمكان الأكل العاطفي إتاحة المساحة للراحة والسعادة. ذلك يسبق تسبّبه في ثقل وزيادة الوزن. بتحقّقهما، يلوح الذنب، وإنما في مرحلة لاحقة، بعد بهجة الامتلاء الداخلي».

ضرر سوء الغذاء على الأطفال يمسّ بنموّهم الفكري والجسدي (د.ب.أ)

تتفهّم الحاجة إلى اللحاق بكل ما يُعزّي والتشبُّث به. الطعام يتقدَّم. ترى أن لا أحد مخوَّلاً تقديم نصيحة لنازح من نوع «اضبط شهيتك بينما القصف في جوارك». برأيها، «يكفي الخوف وحده شعوراً سيئاً». يهمّها «الحدّ من نتائج كارثية ستظهر بوضوح بعد الحرب»، مُفضِّلة الاستعانة بالتمر مثلاً بدل «القضاء على علبة شيكولاته» والقهوة البيضاء لتقليص ضخّ الكافيين.

وتنصح بالتنفُّس والرياضة، فهما «يهدّئان هرمون الأعصاب»، وبالنظافة بما «تشمل غلي الماء قبل استعماله حال الشكّ في مصدره». تضيف: «الاستغناء عن تناول دجاج ولحوم أُبقيت مدّة خارج الثلاجة، لاحتمال فسادها، على عكس الحمّص والصعتر، مثلاً، القابلَيْن لعمر أطول». أما الحصص الغذائية، فالمفيد منها «التونة والسردين والأرز والمعكرونة وزيت الزيتون، ولا بأس بمعلّبات البازلاء والذرة بديلاً للخضراوات. يُفضَّل استبعاد اللحوم المصنّعة. الحليب المجفَّف جيّد أيضاً لغياب الطبيعي».