تقنيات إلكترونية.. توفر ميزة تلمس الأشياء

طبقات فوق الشاشات تخدع الأحاسيس وتحسن التواصل الحي

تقنيات إلكترونية.. توفر ميزة تلمس الأشياء
TT

تقنيات إلكترونية.. توفر ميزة تلمس الأشياء

تقنيات إلكترونية.. توفر ميزة تلمس الأشياء

قد تكون مكاتب شركة «إميرجن» Immersion الأميركية في سان خوزيه في كاليفورنيا هي من أكثر الأماكن التي تشعرك بأحاسيس اللمس، فجدران إحدى غرف الاجتماعات مغطاة بالأجهزة اللوحية، والساعات الذكية، وغيرها من المعدات القادرة على تحفيز حاسة اللمس.
والحضور هنا جاءوا لاختبار تقنية تتعدى أحيانا الأزيز المزعج للأجهزة، كالهواتف الذكية مثلا، وصولا إلى اللمس. فـ«إميرجن» وغيرها من الشركات، شرعت في إطلاق مجموعة جديدة من الفنون والأساليب التي تعتمد على التجاوب عن طريق اللمس. وهذا من شأنه تعزيز أداء الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وبالتالي تتحول هذه التقنيات إلى إضافات مهمة للأجهزة الجديدة، مثل سماعات الواقع الافتراضي والساعات الذكية. وكانت «أبل» قد وضعت ردود الفعل بواسطة اللمس، كجزء محوري أساسي فيما يخص ساعتها الذكية التي أطلقت هذا الشهر، متفاخرة بأنها ستنبهك وتلفت نظرك عن طريق الشعور بنقرة أو لمسة على رسغ اليد، بدلا من صوت الأزيز المزعج.

* ميزة التلمس
وقد تضفي بعض تقنيات «إميرجن» إحساسا أكثر دقة، من الأزيز الذي تصدره بعض الأجهزة الحالية، ففي الخريف المنصرم أطلقت الشركة برنامجا يمكن لصانعي التطبيقات استخدامه لإضفاء شعور يشبه التفجيرات، أو صوت دوران مراوح الطائرات المروحية لدى الإمساك بالهاتف الذكي. وقد استخدم هذا البرنامج في الترويج بالنسبة إلى الفصل الجديد من البرنامج التلفزيوني «هوملاند»، وذلك في التطبيقات الخاصة بشبكة الكابلات «شوتايم»، وموقع الأخبار «سلايت». وسيجري ظهور المزيد من المحتويات، بما في ذلك الإعلانات التي تستخدم هذه التقنية، كما يقول كرس أولرش نائب «إميرجن» لخبرات المستخدمين في حديث لمجلة «تكنولوجي ريفيو».
كذلك طورت «إميرجن» أسلوبا لخداع الأصابع التي تنزلق فوق شاشة اللمس، وتجعلها تشعر كأنه لا يوجد هناك أي قوام معين للمادة. وعندما يقوم المستخدم بالمسح على شاشة الجهاز اللوحي في مختبر الهندسة التابع للشركة، يشعر بأحاسيس مختلفة، مثل خشونة الحصى، وعقد وألياف السجادة، ونتوءات المشبكات المعدنية.
ويجري إضفاء مثل هذه الأحاسيس المتغيرة عن طريق استخدام طبقة خاصة موصلة على شاشة لمس الجهاز، لتغيير الانجذاب الكهروستاتيكي بين أصبعي والشاشة، مولدة إحساسا بالاحتكاك. وقد شرعت سلفا بعض الشركات، من أمثال «تانجبل هابتكس» بتشييد منتجات مستخدمة التقنية الكهروستاتيكية. وتعتقد هذه الشركة أن بالإمكان استخدام هذا الأسلوب لمساعدة سائقي السيارات على استخدام شاشاتها العاملة باللمس، من دون الحاجة إلى تحويل النظر عن الطريق.
وثمة شركة أخرى جديدة ناشئة هي «تاكتيكال هابتكس» تعمل على هذه التقنية بغية جلب الواقع الطبيعي إلى المرور بتجربة استخدام سماعات الواقع الافتراضي، مثل سماعة «أوكيلوس ريفت».
وفي مشغلها الواقع في «بالو التو» عرض مؤسسها ومديرها التنفيذي ول بروفنشر، ومهندس البرمجيات مايكل جونز، كرسي مكتب، يضع الجالس عليه على رأسه ووجهه وأذنيه سماعة «أوكيلوس ريفت»، إضافة إلى نموذج الأولي، هو عبارة عن أداة سوداء وصفراء للتحكم بالألعاب المجهزة بتقنية الشركة المسماة «القبضة التفاعلية»، إذ تقوم ألواح منزلقة في مقبض أداة التحكم بتسليط قوة على اليدين لمحاكاة الإحساس بالتفاعل مع الأجسام الحقيقية. وفي لعبة الرماية البسيطة، يرتدي المستخدم أداة التحكم ويقفز تماما لدى الضغط على الزناد. وخلال عروض أكثر تعقيدا يمسك بأداة تحكم في كل يد، ليقذف هنا وهناك مكعبات من أحجام مختلفة. وتمنحه المقاومة المختلفة من كل أداة تحكما بالشعور بأن لهذه المكعبات أوزانا مختلفة.

* تأخر الأحاسيس
وعلى الرغم من هذا التقدم في خداع أحساسيس الواقع الطبيعي والتحايل عليه، إلا أن الشركات التي تعمل على تقنية التجاوب مع عمليات اللمس، ما تزال تواجه تحديات أساسية، أحدها تقليص زمن الوصول، أو التأخير الزمني بين عملية اللمس والشعور بالاستجابة أو ردة الفعل، فالنظام العصبي البشري هو من الحساسية بمكان، حتى وإن كان تأخيرا مدته عدة ملي ثانية يبدو طويلا وبطيئا، وذلك وفقا إلى فينسينت هايوارد أستاذ اللمسيات في معهد النظم الذكية والروبوتات في «جامعة بيير دي ماري كيوري» في باريس. فالوصول مثلا للتمييز بين الشعور المرهف في الفرق بين ملمس الورق الرخيص، والناعم، من شأنه أن يعني أنه من الصعب جدا لأي جهاز لمس أن يتمكن تماما من خداع أحاسيسنا. ويضيف أن «الوصول إلى إحساس ملائم للمس ليس بالأمر البسيط».
وعلاوة على التحديات التقنية، لم يظهر صانعو المعدات اهتماما كبيرا في تقنيات اللمس في السابق، نظرا لأن حالات استخدامها الاضطرارية أثبتت مراوغتها، اعتقادا أنها صعبة بعيدة المنال. وهذا ما يجعل من الصعب على تقنيات اللمس الجديدة الحصول على موطئ قدم. ويقول إد كولغايت المؤسس المشارك لشركة «تانجبل هابتكس» ورئيسها، إنه من دون وجود إثبات أن الجمهور راغب فعلا في الحصول على تجاوب طبيعي أفضل، فإن صانعي الأدوات والمعدات غير راغبين في الاستثمار بها.



هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
TT

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

هل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى طريق مسدود؟ منذ إطلاق «تشات جي بي تي» قبل عامين، بعث التقدم الهائل في التكنولوجيا آمالاً في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان... لكن الشكوك في هذا المجال تتراكم.

وتعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن «الذكاء الاصطناعي العام»، وفق تعبير رئيس «أوبن إيه آي» سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً.

وتبني الشركات قناعتها هذه على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها، وقد نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

وأنفقت مايكروسوفت (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، و«غوغل»، و«أمازون»، و«ميتا» وغيرها من الشركات مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل «إكس إيه آي»، شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، على جمع 6 مليارات دولار، بحسب «سي إن بي سي»، لشراء مائة ألف شريحة من تصنيع «نفيديا»، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت «أوبن إيه آي» عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6.6 مليار دولار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس «تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاء اصطناعياً عاماً». وأضاف «كما قلت دائماً، إنه مجرد خيال».

- حدود

وذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في «غوغل»، و«أنثروبيك» (كلود)، و«أوبن إيه آي».

وقال بن هورويتز، المؤسس المشارك لـ«a16z»، وهي شركة رأسمال استثماري مساهمة في «أوبن إيه آي» ومستثمرة في شركات منافسة بينها «ميسترال»: «إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها».

أما «أورايون»، أحدث إضافة لـ«أوبن إيه آي» والذي لم يتم الإعلان عنه بعد، فيتفوق على سابقيه لكن الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين «جي بي تي 3» و«جي بي تي 4»، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها «ذي إنفورميشن».

ويعتقد خبراء كثر أجرت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات معهم أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى، وفي هذا الصدد، يؤكد سكوت ستيفنسون، رئيس «سبيلبوك»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي، أن «بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدة أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً».

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها.

والأمر لا يتعلق فقط بالمعارف: فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

- «تحسينات جذرية»

لكنّ المديرين في القطاع ينفون أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. ويقول داريو أمودي، رئيس شركة «أنثروبيك»، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان «إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027».

وكتب سام ألتمان الخميس على منصة «إكس»: «ليس هناك طريق مسدود». ومع ذلك، أخّرت «أوبن إيه آي» إصدار النظام الذي سيخلف «جي بي تي - 4».

وفي سبتمبر (أيلول)، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سيليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب على أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن «o1 يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل»، ما يؤدي إلى «تحسينات جذرية».

ويشبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار: فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.