القضاء التونسي يحيل ملف الغنوشي ووزير سابق على المحكمة

بتهمة حصول حزب سياسي على تمويلات أجنبية

راشد الغنوشي (رويترز)
راشد الغنوشي (رويترز)
TT

القضاء التونسي يحيل ملف الغنوشي ووزير سابق على المحكمة

راشد الغنوشي (رويترز)
راشد الغنوشي (رويترز)

ذكرت مصادر حقوقية تونسية، أمس، أن القضاء أحال ملف راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة»، وصهره رفيق عبد السلام (وهو وزير الخارجية السابق)، على أنظار المحكمة الابتدائية بالعاصمة، بتهمة حصول حزب سياسي على تمويلات أجنبية، فيما بات يعرف في تونس بـ«قضية اللوبيينغ».
وفي حال تأكد تلقي تمويل مالي عن أي جهة أجنبية، أو تمويل مجهول المصدر، فإن القانون التونسي يعاقب المخالفين بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات، علاوة على غرامة مالية. تجدر الإشارة إلى أنه سبق أن قام القضاء التونسي بتغريم الغنوشي بمبلغ مالي قدره 10 آلاف دينار تونسي على خلفية مخالفته لقانون الإشهار السياسي.
في غضون ذلك، كشف سامي الطاهري، المتحدث باسم الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، عن إعداد تقرير موجه لمنظمة العمل الدولية، قصد مطالبة الحكومة التونسية بالتراجع عن منشور أصدرته رئيسة الحكومة في 9 من سبتمبر (أيلول) 2021، بخصوص التفاوض مع القيادات النقابية، وضرورة عودة الوزراء وكتاب الدولة والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية إلى الحكومة في كل ملفات التفاوض، وعدم اتخاذ أي قرار بمفردهم، محذراً من تداعياته الخطيرة على سير المفاوضات، وإفشال جل جلسات التفاوض، وتوجه القطاعات «المحتجة» نحو تنفيذ إضرابات احتجاجية في القطاع الحكومي.
وتشترط الحكومة دراسة الطلبات المقدمة من قبل النقابات، وتقديم تقرير مفصل بشأنها، ثم تقوم رئاسة الحكومة بناء على التقرير المقدم لها بالموافقة أو الرفض، وهو ما يضر بسير عمليات التفاوض، حسب النقابات.
وأبدى الطاهري استغرابه من مواصلة الحكومة التوجه نفسه للحكومة السابقة، وعدم تفاعلها مع الرسالة التي وجهها إليها الاتحاد منذ يوم 3 يناير (كانون الثاني) الماضي، رغم مخالفة هذا المنشور لمختلف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، على حد تعبيره.
من جهة ثانية، أكد توفيق شرف الدين، وزير الداخلية التونسية، خلال ندوة الولاة المنعقدة، أمس، أن الوضع العام في تونس «يتسم بالاستقرار، رغم تسجيل بعض التحركات الاجتماعية القطاعية، على خلفية مطالب مهنية، أو للمطالبة بتفعيل اتفاقيات سابقة»، مشيراً إلى تعامل وزارة الداخلية مع هذه التحركات «في كنف احترام الحقوق الأساسية، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وضمان سير المرافق العمومية»، في إشارة إلى مواصلة مؤسستي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة احترام الحقوق والحريات الواردة في دستور 2014.
واعتبر شرف الدين أن قوات الأمن حققت نجاحات كبيرة ومهمة جداً في مقاومة الإرهاب بتونس، خصوصاً على مستوى تقييد حركة العناصر الإرهابية، المعروفة لدى الوحدات الأمنية، مبرزاً أن «الوزارة تعمل على وقف موجة استقطاب العناصر الإرهابية الجديدة»، ومشدداً على أن هذه النجاحات الأمنية المهمة «لم تتحقق في تاريخ مكافحة الإرهاب سابقاً، وسيتم الإعلان عن نتائجها فور الانتهاء من إعداد تقارير في الغرض».
من ناحية أخرى، اعتبر شرف الدين أن ندوة الولاة تكتسي أهمية بالغة، بالنظر إلى دقة المرحلة التي تمر بها تونس سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، خصوصاً أن البلاد مقبلة على مواعيد مهمة من تاريخها، في مقدمتها الاستعداد للمحطات الانتخابية القريبة، والتركيز على أولويات الحكومة، المتمثلة في إعداد المخطط التنموي (2023 - 2025)، ومقتضيات الإنعاش الاقتصادي لفترة ما بعد الجائحة، ودفع نسق التنمية والاستثمار.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.