تحذير أوروبي من انهيار اتفاق إيران النووي بسبب مطالب روسيا

 رئيس الوفد الإيراني في محادثات فيينا علي باقري كني يغادر عقب لقائه منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوفد الإيراني في محادثات فيينا علي باقري كني يغادر عقب لقائه منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا أمس (أ.ف.ب)
TT

تحذير أوروبي من انهيار اتفاق إيران النووي بسبب مطالب روسيا

 رئيس الوفد الإيراني في محادثات فيينا علي باقري كني يغادر عقب لقائه منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوفد الإيراني في محادثات فيينا علي باقري كني يغادر عقب لقائه منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا أمس (أ.ف.ب)

حذرت فرنسا وبريطانيا وألمانيا روسيا اليوم السبت من أن مطالبها بضمان تجارتها مع إيران تهدد بانهيار اتفاق نووي شبه مكتمل.
وقالت فرنسا وبريطانيا وألمانيا أو ما يسمى بالأطراف الأوروبية الثلاثة المشاركة في الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 في بيان مشترك «يجب ألا يحاول أحد استغلال مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة للحصول على تأكيدات منفصلة عن الخطة».
وأجبر طلب روسي في اللحظة الأخيرة القوى العالمية أمس على وقف المفاوضات مؤقتا لفترة غير محددة رغم استكمال نص الاتفاق إلى حد كبير.
ووصل المفاوضون إلى المراحل النهائية بعد 11 شهرا من المحادثات لإحياء الاتفاق الذي تم بموجبه رفع العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، والذي كان يعتبره الغرب لفترة طويلة ستاراً لتطوير قنابل ذرية.
لكن يوم السبت الماضي، طالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشكل غير متوقع بضمانات شاملة بأن التجارة الروسية مع إيران لن تتأثر بالعقوبات المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا، وهو مطلب تقول القوى الغربية إنه غير مقبول وتصر واشنطن على رفضه.
وقد يؤدي انهيار المحادثات إلى اقتراب طهران من تطوير أسلحة نووية، وهو احتمال قد يشعل فتيل حرب جديدة في الشرق الأوسط.
وتنفي طهران أن تكون سعت في أي وقت لتطوير قنابل ذرية.
كما أن الفشل في التوصل إلى اتفاق قد يؤدي أيضاً إلى دفع الغرب إلى فرض عقوبات قاسية إضافية على إيران وزيادة أسعار النفط العالمية غير المستقرة بالفعل بسبب الصراع في أوكرانيا.
وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي على تويتر «هناك حاجة إلى وقفة في محادثات فيينا بسبب عوامل خارجية. النص النهائي جاهز بشكل أساسي وعلى الطاولة».
وأشارت طهران أمس الخميس إلى وجود عقبات جديدة أمام إحياء الاتفاق. وأكدت واشنطن أنها لا تعتزم تلبية مطالب روسيا التي قالت إن لا علاقة لها بالمحادثات الإيرانية.
وقبل أسبوع، كانت الاستعدادات تجري في فيينا لعقد اجتماع في نهاية الأسبوع لإبرام اتفاق يعيد إيران إلى الامتثال للقيود على أنشطتها النووية التي تتقدم بسرعة، ويعيد الولايات المتحدة إلى الاتفاق الذي انسحبت منه في 2018 وأعادت بعد ذلك فرض العقوبات على طهران.
وقال مسؤولون إنهم كانوا يأملون في استئناف المحادثات في الأيام المقبلة. وأشار مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إلى قضيتين أو ثلاث تتعلق بمسائل فنية تحتاج إلى حل بين واشنطن وطهران، لكن يمكن حلها بسرعة.
وقال المسؤول إنه تعين وقف المحادثات مؤقتا للحصول على رد من موسكو بعد إبلاغها بأن مطالبها، التي تجاوزت التزاماتها النووية، لا يمكن تلبيتها.
وأضاف المسؤول «إنهم يفكرون في الرد وفي غضون ذلك لا يمكننا التقدم بمعنى أننا لا نستطيع إنهاء المفاوضات. (روسيا) قالت إنها سترد في غضون أيام».
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن المفاوض الأميركي روبرت مالي وأعضاء فريقه عادوا إلى واشنطن للتشاور بعد توقف المفاوضات.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين إن الولايات المتحدة ما زالت تعتقد أن التوصل لاتفاق أصبح وشيكا ولكنه شدد على أن القرارات يجب اتخاذها في أماكن مثل طهران وموسكو.
ويقول المسؤولون الغربيون إن هناك مصلحة مشتركة في تجنب أزمة تتعلق بحظر انتشار الأسلحة النووية، وحتى الآن كانت موسكو على الخط نفسه، وهي واحدة من الأطراف الرئيسية في اتفاق 2015 الذي دعمه قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وجميع القوى المتفاوضة مع إيران، باستثناء ألمانيا، أعضاء دائمون في المجلس.
واستبعد دبلوماسي من الثلاثي الأوروبي التفاوض مع روسيا بشأن «إعفاء واسع النطاق» لا صلة له بالاتفاق النووي، مضيفا أنه إذا عرقلت موسكو الاتفاق تماما، ستحتاج القوى العالمية الأخرى إلى دراسة خيارات بديلة.
وقال الدبلوماسي، الذي اتهم روسيا بأخذ المحادثات النووية الإيرانية رهينة، إن هناك «حاجة ملحة للغاية» لإبرام الاتفاق لأن عوامل خارجية أخرى قد تهدده أيضاً.
وأفاد دبلوماسيون بأن من المرجح أن تجري محادثات بين إيران وروسيا والصين في محاولة لكسر الجمود.
وكتبت المبعوثة البريطانية ستيفاني القاق على تويتر «يجب حل العوامل الخارجية في الأيام القليلة المقبلة وإلا سينهار الاتفاق».
من جانبه، رفض مبعوث روسيا في المحادثات ميخائيل أوليانوف التلميحات بأن موسكو هي سبب توقف المحادثات. وصرح للصحافيين عقب اجتماعه مع منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا أن «إبرام الاتفاق لا يتوقف على روسيا وحدها... هناك أطراف أخرى تحتاج إلى وقت إضافي ولديها مخاوف أخرى تتم مناقشتها».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن توقف المحادثات قد يخلق زخما لحل أي قضايا معلقة، لكنه أصر على أن العوامل الخارجية لن تؤثر على الإرادة للمضي قدما في اتفاق مشترك.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».