المقاومة الشعبية تكشف عن تورط مسؤولين في دعم الحوثيين بالوقود والسلاح

تطلق من عدن عملية الشهيد وتصد هجوما عن البريقة

المقاومة الشعبية تكشف عن تورط مسؤولين في دعم الحوثيين بالوقود والسلاح
TT

المقاومة الشعبية تكشف عن تورط مسؤولين في دعم الحوثيين بالوقود والسلاح

المقاومة الشعبية تكشف عن تورط مسؤولين في دعم الحوثيين بالوقود والسلاح

كشفت التحقيقات الأولية التي أجرتها المقاومة الشعبية في عدن، مع أسرى لقيادات من ميليشيات الحوثي، الذين سقطوا في قبضة المقاومة، عن تورط عدد من المسؤولين في السلطة المحلية بعدن، في تقديم الدعم اللوجستي للمقاومة، من خلال تمويل ميليشيات الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح بالمشتقات النفطية، وتهريب السلاح بمختلف أنواعه للميليشيا من خارج عدن، إضافة إلى تسريب معلومات عسكرية حول مواقع تمركز المقاومة الشعبية والمقرات الخاصة بهم.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن المقاومة الشعبية ستقوم برفع نتائج التحقيق وأسماء المتورطين من السلطة المحلية بعدن، للقيادة الشرعية، سواء كانت في الداخل أو الخارج، لعمل الإجراءات القانونية وملاحقة من سمتهم «الخونة» الذين تسببوا - على حد قولهم - في تكبد المقاومة لخسائر كبيرة في المواجهات العسكرية خاصة في المناطق الحيوية في خور مكسر وكريتر والمطار الذي يشهد معارك شرسة مع ميليشيات الحوثيين وحليفهم علي صالح.
ومن المتوقع بحسب مصادر مطلعة أن تعتمد المقاومة في الفترة المقبلة على تنشيط الجانب الاستخباراتي لديها، بهدف جلب المعلومات العسكرية، والكشف عن الخلايا والجهات التي قد تكون على اتصال مباشر مع ميليشيات الحوثيين وتقوم بتوفير الدعم لها، خصوصا أن عدد الأسرى من أفراد ميليشيات الحوثيين وصل إلى قرابة 300 شخص في عدن، إضافة إلى الأسرى في المحافظات الأخرى، الأمر الذي سيسهم بكشف الكثير من النقاط وآلية تحرك الميليشيات على أرض الواقع.
وفي سياق متصل، دعت جبهات المقاومة، وتحديدا التي تخوض معارك في خور مكسر والمعلا، إلى سرعة إيصال الأسلحة التي قدمتها قوات التحالف قبل عدة أيام دعما للمقاومة، والتي شملت صواريخ «لاو» بنوعيه الموجه والمحمول والمخصصة لتدمير الدروع والدبابات العسكرية، إضافة إلى «آر بي جي» ورشاشات مختلفة الاستخدام، من قبل القبائل والجهات التي تسلمت هذه الشحنة من الأسلحة التي سقطت في المناطق الآمنة بعدن بمنطقة «بئر أحمد، والزريقة».
وقال أبو محمد العدني عضو المقاومة والمنسق الإعلامي لجبهات المقاومة: «إن جبهات المقاومة السبع نجحت خلال الأيام الماضية في نصب كمين لمجموعة تابعة لميليشيات الحوثيين، وجرى التحقيق معهم على مدار ثلاثة أيام واتضح خلال التحقيقات وبحسب اعترافاتهم تورط عدد من المسؤولين في السلطة المحلية، بدعمهم طيلة الفترة الماضية وهو ما مكن ميليشيات الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح من الصمود رغم الحصار والقصف الجوي لقوات التحالف للمواقع التي يسيطرون عليها.
وأضاف العدني أن المسؤولين في عدن، قاموا بتقديم خدمات مختلفة للحوثيين، ومنها تمويل الدبابات العسكرية والمدرعات بالمشتقات النفطية التي ساعدت الحوثيين في التحرك والخروج من بعض المناطق وقصف المقاومة وتحديدا في كريتر التي تشهد حصارا قويا، إضافة إلى كشف بعض التفاصيل المهمة عن المقاومة وتحركاتها ميدانيا، مما جعل المقاومة مكشوفة للعدو (الحوثيين) على حد وصفه، لافتا إلى أن المقاومة بالتنسيق مع الجهات المعنية والرسمية كافة ستقوم برفع الأسماء لهم تمهيدا لملاحقتهم والقبض عليهم. وحول الاستفادة من الأسلحة التي قدمتها قوات التحالف، قال العدني إن الأسلحة التي قدمتها قوات التحالف سقطت في المناطق الآمنة، وهي بحوزة بعض شيوخ القبائل والجهات المعنية، وما وصل من سلاح للمقاومة على خط التماس يعد يسيرا مقارنة بحجم ونوع السلاح الذي وفرته قوات التحالف، لافتا إلى أن الكميات الأكبر تستحوذ عليه القبائل التي لم تفتح أي جبهة حتى الآن مع العدو (الحوثي) إذ تحتاج المقاومة في بعض الجهات لمثل هذه الأسلحة النوعية في مواجهات المدرعات والدبابات العسكرية التي يمتلكها الحوثيون وحليفهم علي صالح.
وميدانيا، أطلقت المقاومة الشعبية في الجبهات السبع، عملية الشهيد التي استمرت قرابة ثلاثة أيام متتالية، وتركزت العمليات في هجوم على تجمعات الحوثيين وآلياتهم المتمركزة في منطقة حافون والمعلا من ثلاث جهات مختلفة وبشكل أربك العدو، مما دفع ميليشيات الحوثيين إلى قصف مساكن المدنيين بشكل عشوائي لفك الحصار، وأسفرت العملية عن تدمير عربتين «بي إم بي» ودبابة واحدة.
فيما شملت العملية الثانية على مواقع للحوثيين بالقرب من أبراج سام بقذيفة صاروخية أدت إلى مقتل نحو 12 حوثيا والكثير من الجرحى مما جعلهم يفقدون صوابهم ويهددون الناس عبر مكبرات الصوت بالقرب من أبراج سام وقصف عمارات الشارع الرئيسي بقذائف الآر بي جي، فيما جرى استهداف نقطتين للقناصة في كل من موقع السنابل (الدكة) وموقع قناص الزاجل، بقذائف الآر بي جي وإصابتها إصابة مباشرة أدت إلى قتل القناصة.
وتعيش عدن حالة إنسانية طارئة بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتحديدا في مديرية التواهي لليوم الـ22 على التوالي، إضافة إلى نقص المواد الأساسية في الغذاء، والمستلزمات الطبية، في حين ما زالت الاشتباكات مستمرة بين المقاومة في مديرية ‏دار سعد والميليشيات الحوثية، وتتجدد الاشتباكات في الممدارة والمصعبين، وقامت المقاومة بصد هجوم للحوثيين على مدينة البريقة غرب عدن. وقامت ميليشيا الحوثي باستهداف مدينة صلاح الدين بالكاتيوشا، فيما استمر حصار مدينة كريتر وانقطاع الكهرباء والماء والاتصالات، ومنعت ميليشيات الحوثيين دخول الغذاء والأدوية، مع انتشار القناصة في مواقع مختلفة من المديرية.
وهنا قال لـ«الشرق الأوسط» علي الأحمدي المتحدث باسم مجلس المقاومة في عدن: «إن المقاومة الشعبية تحقق تقدما ملحوظا في عدد من الجبهات»، مرجعا ذلك للأسلحة التي حصل عليها مجلس المقاومة - أخيرا - من قوات التحالف، الذين ساعدهم في مواجهة ميليشيات الحوثيين، كما كان لها دور في تأمين مناطق التماس التي يمكن أن يكون من خلالها إدخال إمدادات مثل منطقة دار سعد، لافتا إلى أن الأسلحة الحديثة والنوعية مكنتهم من التصدي لدخول عدد من الآليات من الدبابات والمدرعات العسكرية بمواقع مختلفة.
وعن الاستفادة من الأسرى في كشف تفاصيل تفيد المقاومة، قال الأحمدي: «إن عدد الأسرى الذين سقطوا في يد مجلس المقاومة وصل قرابة 300 شخص من ميليشيات الحوثي، وغالبيتهم من البسطاء الذين غرر بهم وأقحموا في هذه الحرب، ويجري التحقيق معهم من قبل الجهات الأمنية في المقاومة لمعرفة التفاصيل كافة»، مؤكدا أن أي معلومة يمكن الحصول عليها جراء اعترافاتهم ستستفيد منها المقاومة على أرض الميدان في تحويل وإدارة المعارك، موضحا أن مجلس المقاومة لم يأسر أيا من الإيرانيين، وما يرصد في الوقت الراهن يتمثل في اشتراك الحرس الجمهوري في بعض المعارك.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.