القوات الروسية تشدد حصارها لكييف... وزيلينسكي يتهم موسكو باستهداف المدنيين

أب في محطة كييف يودع ابنته التي تركب قطاراً متجهاً إلى لفيف (أ.ب)
أب في محطة كييف يودع ابنته التي تركب قطاراً متجهاً إلى لفيف (أ.ب)
TT

القوات الروسية تشدد حصارها لكييف... وزيلينسكي يتهم موسكو باستهداف المدنيين

أب في محطة كييف يودع ابنته التي تركب قطاراً متجهاً إلى لفيف (أ.ب)
أب في محطة كييف يودع ابنته التي تركب قطاراً متجهاً إلى لفيف (أ.ب)

اقتربت القوات الروسية، اليوم (الجمعة)، من كييف حيث قال مسؤولون إن العاصمة الأوكرانية تتحول إلى «حصن»، بينما اتهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي موسكو باستهداف الممرات الإنسانية مرة أخرى، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وما زال مئات الآلاف المدنيين عالقين في مدن أوكرانية، بما في ذلك ماريوبول المحاصرة، وسط حملة قصف روسية بعد انتهاء المحادثات الأولى، بين وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا في كييف من دون إحراز تقدم.
من جهة أخرى، يعقد مجلس الأمن الدولي الجمعة جلسة طارئة بطلب من روسيا للبحث في ملف «الأسلحة البيولوجية»، التي تؤكّد موسكو أنّ أوكرانيا تصنّعها بدعم من الولايات المتّحدة، في اتّهام سخّفته واشنطن ولندن خلال اجتماع للمجلس حول سوريا.
وتتّهم روسيا حكومة كييف بأنّها تدير بالتعاون مع واشنطن مختبرات في أوكرانيا بهدف إنتاج أسلحة بيولوجية، وهو ما نفته العاصمتان.
وحذر الجيش الأوكراني في بيان من أن «العدو يحاول القضاء على دفاعات القوات الأوكرانية حول» مناطق إلى الغرب والشمال الغربي من العاصمة «لإغلاق كييف». وأضاف: «لا يمكننا استبعاد تحرك العدو شرقاً باتجاه بروفاري».

في العاصمة، قال رئيس البلدية فيتالي كليتشكو إن نصف السكان فروا. وأضاف أن المدينة «تحولت إلى حصن»، مؤكداً أنه «تم تحصين كل شارع وكل مبنى وكل نقطة مراقبة فيها».
وتحاصر القوات الروسية حالياً أربع مدن أوكرانية كبرى على الأقل. وقد وصلت آليات مدرعة إلى الأطراف الشمالية الشرقية لكييف، حيث تعرضت الضواحي، بما في ذلك إيربين وبوتشا، لقصف مكثف لأيام.
ويتحدث جنود أوكرانيون عن معارك طاحنة للسيطرة على الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى العاصمة. وشاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» ضربات صاروخية في فيليكا ديميركا خارج حدود مدينة كييف.
وقال فاسيل بوبوف (38 عاماً) بائع إعلانات: «إنه أمر مخيف. لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟». وأضاف: «لا يمكننا الهرب إلى أي مكان ولا الاختباء. نحن نعيش هنا».
وقالت وزارة الدفاع البريطانية في تحديث لمعلوماتها في بيان على «تويتر» إن «القوات الروسية تدفع بالمزيد من قواتها المنتشرة لتطويق المدن الرئيسية». ورأت أن «ذلك سيقلل هذا من عدد القوات المتاحة لمواصلة تقدمها وسيزيد من إبطاء التقدم الروسي».
لم يهدأ الهجوم على العديد من المدن الكبرى؛ فمدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية المحاصرة تتعرض لقصف بلا توقف يستهدف أيضا محاولات إيصال المساعدات، حسب زيلينسكي.
وقال الرئيس الأوكراني إن موسكو شنت «هجوماً بالدبابات» استهدف ممراً إنسانياً أرسل إليه قافلة لتحاول إدخال الطعام والماء والأدوية إلى المدينة.
وجاء هذا الهجوم الذي وصفه زيلينسكي في تسجيل فيديو بأنه «مرعب»، غداة قصف مستشفى للتوليد، قال مسؤولون محليون إنه أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص بينهم فتاة صغيرة.
واعتبر زيلينسكي «جريمة حرب» روسية في موقف كبار المسؤولين الغربيين، كان آخرهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال: «صُدمنا جميعاً بصور المستشفى» الذي أصيب «في وسط المدينة».
وأضاف أن «فرنسا تدين بأشد عبارات الحزم ما هو عمل حربي لا أخلاقي لأنه ليس عملاً حربياً يهدف إلى تحييد قواعد مسلحة أو قدرات عسكرية، بل عمل حربي هدفه الواضح هو قتل مدنيين».
لكن الجيش الروسي قال إن هذا القصف كان «استفزازاً مدبراً» من قبل أوكرانيا.

وفي تسجيل فيديو، قال رئيس بلدية ماريوبول فاديم بويتشنكو إن الطائرات الحربية الروسية كانت تقصف الخميس مناطق سكنية في المدينة «كل 30 دقيقة» ما أسفر عن «مقتل مدنيين بينهم مسنون ونساء وأطفال».
ووصف رئيس البلدية بـ«المروّع» الوضع في المدينة التي قُتل فيها أكثر من 1200 مدني خلال عشرة أيام من الهجمات المستمرة.
وقالت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» إن بعض السكان بدأوا يتشاجرون من أجل الطعام، ولم يعد لدى كثيرين منهم مياه.
وقالت ساشا فولكوف ممثلة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ماريوبول في تسجيل صوتي إنه «ما زال لدى بعض السكان طعام، لكني لست متأكدة إلى متى سيدوم ذلك»، موضحة أن «كثيرين تحدثوا عن عدم توفر طعام للأطفال».
وصمدت بعض الممرات الإنسانية خارج المدن التي تتعرض للهجوم.
وقال مسؤولون أوكرانيون إن نحو مائة ألف شخص تمكنوا من مغادرة مدينة سومي في شمال شرقي البلاد ومدينة إيزيوم (شرق) ومناطق في شمال غربي كييف في اليومين الماضيين.
أعلنت موسكو أنها ستفتح أيضا ممرات إنسانية يومية لإجلاء المدنيين إلى الأراضي الروسية، لكن كييف رفضت أي طرق مؤدية إلى روسيا.
وقال المسؤول في وزارة الدفاع الروسية ميخائيل ميزينتسيف: «نعلن رسميا فتح ممرات إنسانية لروسيا الاتحادية من الآن فصاعداً من جانب واحد، ودون تنسيق، من الساعة العاشرة (07.00 ت غ) يومياً».
وأضاف ميزينتسيف أنه سيتم التفاوض على الممرات «في اتجاهات أخرى» كل حالة على حدة مع السلطات الأوكرانية.
وتفيد تقديرات المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن أكثر من 2.3 مليون لاجئ غادروا أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط). ونزح نحو 1.9 مليون أوكراني في الداخل.
وقُتل 71 طفلاً على الأقل، وأصيب أكثر من مائة آخرين في أوكرانيا منذ بدء الحرب، بحسب النائبة في البرلمان الأوكراني بشأن حقوق الإنسان ليودميلا دينيسوفا.
وتقول الأمم المتحدة إن مستشفيين أوكرانيين آخرين للتوليد تم قصفهما وتدميرهما، يقع أحدهما في جيتومير غرب كييف، بالإضافة إلى مستشفى ماريوبول.
وتقدر أوكرانيا قيمة الخسائر التي ألحقها بها الغزو الروسي بمائة مليار دولار.

تأتي هذه التطورات غداة لقاء بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأوكراني دميترو كوليبا اللذين تمسك كل منهما بموقفه خلال هذا الاجتماع الأول على هذا المستوى منذ 24 فبراير، برعاية نظيرهما التركي مولود جاويش أوغلو.
وقال كوليبا للصحافيين: «تحدثنا عن وقف لإطلاق النار ولكن لم يتم إحراز أي تقدم في هذا الاتجاه». وأضاف أن لافروف أكد له أن روسيا «ستواصل عدوانها إلى أن نقبل شروطهم بالاستسلام». لكنّه أكد للصحافيين أن «أوكرانيا لم ولن تستسلم».
من جانبه، قال لافروف إن روسيا «لا تعتزم مهاجمة بلدان أخرى»، وتريد مواصلة الحوار مع أوكرانيا، لكنه اعتبر أن «الصيغة (التفاوض) الروسية الأوكرانية في بيلاروسيا»، التي تجري على مستوى تمثيل أدنى «لا بديل لها».
وفي ردود الفعل والإجراءات الجديدة، أعلنت «مجموعة ستيلانتيس للسيارات»، أمس (الخميس)، أنها ستعلق كل صادرات وواردات السيارات من روسيا، لكنها ستواصل الإنتاج المحلي.
لكن المجموعة التي تملك علامات عدة («سيتروين» و«فيات» و«جيب» و«بيجو») ونشأت من اندماج الفرنسية «بيجو»، والإيطالية الأميركية «فيات كرايسلر»، أوضحت أن إنتاج مصنعها في كالوغا جنوب موسكو «يتواصل عند مستوى منخفض للغاية».


مقالات ذات صلة

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الصين تحظر تصدير معادن أساسية إلى أميركا وسط حرب تجارية محتملة

الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
TT

الصين تحظر تصدير معادن أساسية إلى أميركا وسط حرب تجارية محتملة

الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)
الصين تحظر صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى أميركا (رويترز)

قالت الصين، الثلاثاء، إنها حظرت صادرات مواد متعلقة بمعادن الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون التي لها استخدامات عسكرية محتملة إلى الولايات المتحدة، وذلك غداة حملة إجراءات أميركية صارمة على قطاع أشباه الموصلات في الصين.

ووفقاً لـ«رويترز»، عزت وزارة التجارة الصينية قرارها بشأن المواد ذات الاستخدام المزدوج في التطبيقات العسكرية والمدنية إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

ويتطلب القرار الذي دخل حيز التنفيذ فور إعلانه مراجعة صارمة أيضاً بشأن عناصر الغرافيت التي يتم شحنها إلى الولايات المتحدة.

وقالت الوزارة: «من حيث المبدأ، لن يُسمح بتصدير الغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والمواد شديدة الصلابة إلى الولايات المتحدة».

ويشدد القرار القيود المفروضة على صادرات ما يعرف بالمعادن الحرجة التي بدأت بكين في طرحها العام الماضي، لكنها تنطبق فقط على السوق الأميركية، في أحدث تصعيد للتوتر التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه.

وتُظهر بيانات الجمارك الصينية عدم وجود شحنات من الجرمانيوم أو الغاليوم إلى الولايات المتحدة منذ بداية العام حتى أكتوبر (تشرين الأول)، رغم أنها كانت رابع أكبر مستورد للجرمانيوم وخامس أكبر مستورد للجاليوم قبل عام.

ويستخدم الغاليوم والجرمانيوم في أشباه الموصلات، ويستخدم الجرمانيوم أيضا في تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء وكابلات الألياف الضوئية والخلايا الشمسية.