يشكّل الأشقاء الثلاثة محمد ومهدي ومجتبى آل سالم، أيقونة تاريخية في مسيرة كرة اليد السعودية من خلال وجودهم في حقبة وزمن واحد في تشكيلة المنتخب السعودي، وهو الأمر الذي لا يتكرر كثيراً على مستوى الأندية والمنتخبات محلياً وعالمياً، وهو ما منح أخضر اليد قوة مضاعفة قادته مؤخراً لبلوغ مونديال كرة اليد في بولندا والسويد 2023.
وخلال التصفيات الآسيوية التي جرت قبل أسابيع في مدينة الدمام، شهدت مهمة الأشقاء الثلاثة دعماً معنوياً كبيراً من خلال وجود والدهم ووالدتهم في مدرجات الصالة بعد أن خصص الاتحاد السعودي للعبة مقاعد خاصة بهم وبعض أفراد العائلة طوال أيام المنافسات.
ومنح قرار السماح بدخول العائلات السعودية إلى الملاعب في جميع الألعاب نقلة كبيرة في الرياضة السعودية وتمكنت العائلات من الوقوف خلف أبنائها وبناتها في أثناء المنافسات الرياضية، وساعد ذلك على التحفيز والشد من أزرهم وشجّع الأهالي كذلك على الزجّ بأبنائهم وبناتهم في النوادي الرياضة السعودية.
وتقول والدة الأشقاء الثلاثة لـ«الشرق الأوسط»: «لم يقتصر حضوري لمساندة المنتخب على الحدث القاري الأخير الذي حصل في المملكة وتحديداً في المنطقة الشرقية بل كنت أحرص على الحضور في الصالات التي تحتضن المنافسات التي يخوض فيها المنتخب الوطني أو نادي النور مبارياتهم في منطقة الخليج العربي وتحديداً البحرين وقطر والكويت والإمارات، وحينما تم السماح بدخول العائلات للمنشآت الرياضية السعودية كانت الفرصة مواتية من أجل الحضور للمباريات التي تقام في القطيف أو الدمام أو حتى الأحساء وأي مكان تقام فيه المباريات».
وأضافت: «لا أعد الثلاثة محمد ومهدي ومجتبى فقط أبنائي بل إن الجميع من لاعبي المنتخب السعودي أبنائي، والحال نفسها لفريق النور الذي ينتمى إلى سنابس التابعة لمحافظة القطيف، الجميع أبنائي، والمنتخب منتخب وطني وأعتزّ بالوقوف خلفه ومؤازرته من المدرجات».
وبيّنت أم محمد أن جسدها يكون خارج أرض الصالة من خلال الوجود في المقعد المخصص لها مع زوجها إلا أن قلبها وجميع مشاعرها مع اللاعبين داخل أرض الملعب، تخاف على الجميع وترى فيهم جميعاً أبناء لها، حيث ينبض قلبها شوقاً لرؤية الفرحة على وجوه اللاعبين جميعاً ورفع راية المملكة عالياً في المحافل كافة.
آل سالم يشكلون أيقونة تاريخية في مسيرة كرة اليد السعودية (تصوير: عيسى الدبيسي)
وعن سبب حبها للرياضة وتحفيز أبنائها على الدخول في هذا المجال، قالت: «الرياضة هي إرث للعائلة حتى والدهم كان رياضياً والأخوال للأبناء كانوا رياضيين والأحفاد يسلكون نفس المسار، ونادي النور قريب من المنزل مما يحفّز على ذلك دائماً».
وكشفت عن أهم الأكلات التي يحرص أبناؤها على تناولها من يدها بالقول: «الوجبة المفضلة لدى الأبناء الثلاثة وبقية لاعبي المنتخب السعودي ونادي النور تكون (المحموص) وهو أرز يتم عمله على الطريقة الخاصة لأهل القطيف»، مبينةً أنها تحرص دوماً على تجميع اللاعبين كلما حانت الفرصة وتذوق ما يحبون من الوجبات.
وحظيت أم محمد بتكريم من رئيس الاتحاد السعودي فاضل النمر، وكذلك من رجل الأعمال عادل الغامدي، خلال البطولة الآسيوية الماضية، حيث قدمت الشكر الجزيل لهما ولكل من دعمها ودعم المنتخب السعودي في مشواره الآسيوي حتى لو بكلمة.
أما زوجها أبو محمد فقد أشار إلى أن العائلة رياضية بالمجمل وهو شخصياً كان إدارياً للفئات السنّية بنادي النور، مبيناً أنه وزوجته أم محمد يدركان حجم الأثر الذي يمكن أن يتركه حضورهما للمناسبات التي يوجد فيها الأبناء.
وبيّن في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «خلال هذا الإنجاز الأخير وفي غمرة الأفراح تَذكّرنا إحسان الجشي رحمه الله، الرجل الذي قدّم الكثير لكرة اليد السعودية وكان قريباً جداً من الأسرة ولم تكن رئاسته لنادي الترجي أو تولي المناصب في لعبة كرة اليد إلا تعزيزاً للدعم لهذه اللعبة وأبنائها حيث كان دائم الزيارة لهم وتناول السحور في رمضان خصوصاً»، مشيراً إلى أن تكريم أبنائه من أسرة الجشي خلال البطولة بصمة مضيئة لن تُنسى، سائلاً المولى عز وجل أن يشمله بواسع رحمته. وقال إن «أفضاله على الأبناء، خصوصاً الابن محمد، لا تُنسى ونشكر عائلة الجشي على هذه المبادرة غير المستغربة بتكريم الأبناء والأسرة».
وأكد أن ما تقوم به أسرته من دعم للمنتخب السعودي هو واجب وطني، كاشفاً عن اجتماعه مع أبنائه اللاعبين والحديث هاتفياً مع قائد المنتخب السعودي حسن الجنبي، قبل مواجهة تحديد المركزين الثالث والرابع والتشديد عليهم عدم ضياع فرصة حصد البرونزية في البطولة الآسيوية في مواجهة المنتخب الإيراني، وهذا ما حدث ولله الحمد.
وكشف أن أم محمد طلبت من ابنها مجتبى الوجود في المباراة الأخيرة وأن يساعد زملاءه اللاعبين على حصد البرونزية إلا أنه اعتذر لها كونه مصاباً وممنوعاً من الجهاز الطبي، حيث تسعد جداً حينما ترى أبناءها يشاركون في صناعة الانتصارات. ووعد بصعود نجم جديد من الأسرة لينضم إلى أشقائه الثلاثة، مبيناً أنه لا يزال في درجة الناشئين، وأن أحد بناته رياضية وتحب هذا المجال وتحرص على متابعة أحداثه.
وأخيراً تحدث النجم محمد آل سالم، أحد أبرز الحراس في القارة الآسيوية والذي كان له دور بارز في تأهل المنتخب السعودي عدة مرات للمونديال، أن والدته حريصة على أن يحافظ أبناؤها على التمارين وخوض المباريات بأفضل صورة، مشيراً إلى أنها حينما تراه متجهاً للتمرين تسأل عن بقية أشقائه وسبب عدم مرافقته للتمرين وتقوم بنفسها بتحفيزهم للقيام بذلك بشكل منتظم.
وبيَّن أن والدته تعد جميع اللاعبين أبناء لها، مستشهداً بسؤالها عن زميله عبد الله عباس حينما تعرض للإصابة حيث سألت عنه في بداية التواصل معها كأنه أحد أبنائها الذين أنجبتهم، وكانت حريصة على سماع الأخبار الإيجابية حول وضعه ووضع جميع اللاعبين.
وختم آل سالم بالتأكيد أن وجود الأسرة خلفهم كان له أثر كبير جداً في مسيرتهم وتحفيزهم وتجاوز الكثير من المصاعب، حيث إن للأسرة دوراً أساسياً وفعالاً في دعم الأبناء وتحفيزهم لتحقيق الأفضل دائماً.