لعب المهاجم الدولي الفرنسي كريم بنزيمة دور البطل بتسجيل ثلاثية تاريخية قادت فريقه ريال مدريد الإسباني للإطاحة بباريس سان جيرمان من مسابقة دوري أبطال أوروبا (3 - 1) رغم ترسانة النجوم في صفوف البطل الفرنسي، وحجز بطاقة في ربع النهائي رفقة مانشستر سيتي الإنجليزي المتعادل مع ضيفه سبورتينغ البرتغالي سلباً.
ولحق ريال مدريد ومانشستر سيتي ببايرن ميونيخ الألماني وليفربول الإنجليزي إلى ربع النهائي بعدما حجز الأخيران بطاقتيهما الثلاثاء على حساب سالزبورغ النمساوي وإنتر ميلان الإيطالي تواليا. وتستكمل مباريات إياب ثمن النهائي الثلاثاء والأربعاء المقبلين.
على ملعب سانتياغو برنابيو كانت كل الأمور تسير في صالح سان جيرمان الفائز ذهابا بهدف نظيف إلى حجز بطاقته بسهولة إلى ربع النهائي ومواصلة التقدم نحو حلمه في حصد لقب أول في المسابقة، عندما فرض أفضليته على مجريات الشوط الأول وحسمه بهدف في الدقيقة 39 لنجمه كيليان مبابي المرشح للانتقال إلى النادي الملكي الصيف المقبل في صفقة حرة.
لكن الريال صاحب الرقم القياسي في عدد الألقاب في المسابقة (13) ضرب بقوة في الشوط الثاني بفضل ثلاثية لقائده بنزيمة في الدقائق 61 و76 و78، موجها ضربة قاسية للفريق الفرنسي المنهار والمتوقع أن تتسبب هذه الخسارة في زلزال بأرجاء سان جيرمان.
وهي المرة الثانية التي يطيح فيها ريال مدريد بباريس سان جيرمان من ثمن نهائي المسابقة، بعد الأولى موسم 2017 - 2018 حين فاز عليه 3 - 1 ذهاباً و2 - 1 إياباً وواصل مشواره حتى نال اللقب الثالث توالياً والـ13 في تاريخه بقيادة مدربه السابق الفرنسي زين الدين زيدان.
وبعد انضمام الأرجنتيني الأسطورة ليونيل ميسي وحارس المرمى الإيطالي جيانلويجي دوناروما بطل أوروبا إلى فريق متخم بالنجوم هذا الموسم كان سان جيرمان يحدوه الأمل أن يحقق لقبه الأول في دوري أبطال أوروبا.
وبلغ العملاق الفرنسي النهائي في 2020 وقبل النهائي في 2021 بعد سلسلة من الإخفاقات المبكرة ونجح في الإبقاء على نجمه كيليان مبابي بعد أن طلب المهاجم الفرنسي الرحيل إلى ريال مدريد.
وكشفت الهزيمة في ملعب ريال مدريد مرة أخرى عيوب سان جيرمان، وأثبتت إذا كانت هناك حاجة إلى دليل، أن تكديس المواهب لا يصنع فريقا وأن اللاعبين لا يمكن أن يكونوا أكبر من النادي.
وأنفق سان جيرمان أكثر من مليار يورو في سوق الانتقالات منذ استحواذ شركة الاستثمارات القطرية على النادي، وتعاقب عليه ستة مدربين منذ 2011.
وكان الإيطالي كارلو أنشيلوتي، الذي قاد ريال مدريد للفوز المثير، أحدهم لكنه أقيل بعد أقل من عام ونصف في 2013، كما تخلص سان جيرمان من مدربه الألماني توماس توخيل في ديسمبر (كانون الأول) 2020، لكن الأخير رد بعد أقل من خمسة أشهر أخرى بقيادته تشيلسي للفوز بلقبه الثاني في دوري أبطال أوروبا.
بنزيمة أثبت أنه الملك المتوج في الريال بثلاثية تاريخية (أ.ف.ب)
ومنذ وصول الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو خلفا لتوخيل أخفق المدير الفني في منح الفريق أسلوب اللعب المناسب، وبات مهددا أيضا بفقدان منصبه مثل نظرائه السابقين. وبينما تصنع المواهب الفردية الفارق في الدوري الفرنسي، حيث يحلق سان جيرمان في الصدارة بفارق 13 نقطة عن أقرب مطارديه هذا الموسم، فإنها لا تكفي على الساحة القارية، وقام ريال مدريد بتذكير منافسه بهذا الأمر مجددا، وعادت أشباح الانهيارات السابقة ضد برشلونة أو مانشستر يونايتد إلى الظهور بعدما توترت أعصاب لاعبي سان جيرمان بعد خطأ دوناروما الفادح الذي منح أصحاب الأرض الهدف الأول وقبلة الحياة.
وخاض حارس إيطاليا منافسة مع كيلور نافاس المخضرم وجاء قرار بوكيتينو باختياره في التشكيلة الأساسية بنتيجة عكسية. لكن المسؤولية الجماعية عن هذه الهزيمة كانت الشيء الأكثر صدمة، حيث انهار سان جيرمان بشكل سريع.
ورفض المدير الرياضي البرازيلي ليوناردو، الذي يعتقد أن دوناروما تعرض لمخالفة قبل هدف التعادل (1 - 1)، استخلاص النتائج من فشل آخر سيحبط باريس سان جيرمان عندما يقام نهائي دوري أبطال أوروبا في استاد فرنسا الدولي على مرمى حجر من معقل فريقه بارك دي برنس، وقال: «هذا ليس الوقت المناسب لاستخلاص كل الدروس. حتى نهاية الشوط الأول كنا متفوقين وكان الفريق يملك القدرة على الفوز بدوري الأبطال. نحتاج إلى وقت للتفكير والمضي قدما».
لكن حتى تحين هذه اللحظة يعتقد أن مبابي بالتأكيد سيغادر النادي كما أن مصير المدرب بوكيتينو بات في مهب الريح.
وكالعادة، يتحمل المدرب دائماً مسؤولية الإخفاقات الكبرى ما يجعل مصير بوكيتينو في خطر رغم تلميح ليوناردو بأن ليس هناك أي تغيير في الإدارة الفنية للفريق، أقله حتى نهاية الموسم.
الأنظار
ورغم تغريد باريس سان جيرمان في صدارة الدوري الفرنسي بفارق 13 نقطة عن أقرب ملاحقيه، فإن الخروج من دوري الأبطال لن يمر مرور الكرام، بل إن آثاره هذه المرة قد تكون كبيرة على مستقبل العديد من لاعبيه، وربما الإدارة الفنية والإدارية.
وسيكون من الصعب جداً على بوكيتينو إخراج لاعبيه من إحباط الخروج من دوري الأبطال، المسابقة التي شغلت بالهم في الأسابيع القليلة الماضية ولعبت دوراً في خسارتهم اثنتين من مبارياتهم الثلاث الماضية في الدوري ضد نانت (1 - 3) ونيس (صفر - 1)، عندما يعود للمنافسات المحلية بمواجهة بوردو في المرحلة الثامنة والعشرين الأحد.
في المقابل رَد بنزيمة على المهللين لفكرة التعاقد مع مواطنه مبابي بأفضل طريقة، مؤكداً أنه ما زال «الملك» في ريال مدريد.
وبعدما بدا أمل فريق المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي بتجاوز عقبة سان جيرمان الفرنسي ضعيفاً جداً بالتأخر بهدفين، قلب بنزيمة الأمور وضرب بيد من حديد وسجل ثلاثية في غضون 18 دقيقة، بينها هدفان في دقيقة و46 ثانية، ليحمل الريال إلى ربع النهائي.
وقال أنشيلوتي: «أعتقد أن الهدف الأول غير من مجريات المباراة ومنحنا طاقة جديدة ولعبنا بأريحية، فيما عانى لاعبو سان جيرمان من ضغطنا فارتكبوا أخطاء سجلنا منها هدفي التأهل».
وقال بنزيمة (34 عاماً) الذي عاش طويلاً في ظل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قبل أن يترك الأخير الريال للانضمام إلى يوفنتوس الإيطالي في صيف 2018 بعد الأمسية الساحرة لفريقه: «قوة الجماهير حفزتنا والفوز أفضل هدية لهم. كانت مباراة صعبة جداً لكننا كنا نستحق التأهل».
ورفع بنزيمة رصيده من الأهداف في المسابقة هذا الموسم إلى ثمانية، وإلى 79 في المركز الرابع في تاريخها، وإلى 309 أهداف بألوان النادي الملكي ليتخطى الأسطورة الراحل ألفريدو دي ستيفانو في المركز الثالث على لائحة الهدافين التاريخيين وخلف رونالدو (450 هدفاً) وراؤول غونزاليس (323).
ووسط الحديث عن قدوم مبابي إلى ريال الصيف المقبل والتركيز على الهداف الواعد وحتى على طريقة نظره إلى ملعب «سانتياغو برنابيو» خلال التمارين والقول إنه يتمعن بـ«بيته» المستقبلي، قال بنزيمة كلمته الأربعاء وبات أول لاعب يسجل ثلاثية في مرمى سان جيرمان خلال دور إقصائي من المسابقة القارية الأم.
وتطرق بنزيمة إلى تجاوزه رقم دي ستيفانو على لائحة أفضل الهدافين في تاريخ ريال، قائلاً: «أنا فخور جداً بتجاوز رقم الأسطورة، سأواصل العمل. كانت مباراة صعبة، لكننا ضغطنا حتى النهاية».
ومستنداً إلى خبرته الواسعة جداً في هذه المسابقة التي أحرز لقبها أربع مرات مع ريال بين 2014 و2018، قال المهاجم الفرنسي: «مباريات دوري أبطال أوروبا دائماً ما تكون صعبة، ونعرف أن سان جيرمان يحب الاستحواذ على الكرة. بدأنا بشكل جيد، حصلنا على الفرص واستقبلت شباكنا هدفاً في الشوط الأول، لكن في الشوط الثاني وبفضل قوتنا الذهنية، قدمنا هذه المباراة الرائعة، آمنا بحظوظنا حتى الرمق الأخير وقمنا بريمونتادا رائعة أكدنا عبرها أن ريال مدريد لا يزال حيا».
ويسير بنزيمة بثبات نحو إحراز لقب هداف الدوري الإسباني للمرة الأولى منذ قدومه إلى «لا ليغا» عام 2009 من ليون، وذلك بتصدره الترتيب مع 20 هدفاً، إلا أنه لا يكتفي بالتهديف فقط بل إنه أفضل ممرر في الدوري مع 10 تمريرات حاسمة في 24 مباراة.
وتحدث أنشيلوتي عن أهمية بنزيمة قائلاً: «عانينا عندما غاب عنا للإصابة، إنه يثبت جدارته كأفضل هداف ويتحسن من يوم إلى آخر ».
وفي المباراة الثانية، حجز مانشستر سيتي وصيف بطل الموسم الماضي مقعده في ربع نهائي للمرة الخامسة توالياً والسادسة في آخر سبعة مواسم، بتعادله مع ضيفه سبورتينغ صفر - صفر. ورغم فشله في الوصول إلى الشباك للمرة الأولى منذ الخسارة في الدوري المحلي على أرضه أمام كريستال بالاس صفر - 2 في 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بلغ سيتي ربع النهائي بفضل فوزه الكاسح ذهاباً خارج الديار بخماسية نظيفة ما سمح لمدربه الإسباني جوسيب غوارديولا بإراحة بعض نجومه في لقاء الإياب.