المدن الفلسطينية كانت محط أنظار المطربين العرب.. وحيفا لقبت أم كلثوم بـ«كوكب الشرق»

محمد عبد المطلب انطلق من القدس.. ولور دكاش سجلت «آمنت بالله» في استوديوهات يافا

فيلمون وهبي يغني في القدس عام 1946  -  أسمهان في زيارة لإذاعة القدس
فيلمون وهبي يغني في القدس عام 1946 - أسمهان في زيارة لإذاعة القدس
TT

المدن الفلسطينية كانت محط أنظار المطربين العرب.. وحيفا لقبت أم كلثوم بـ«كوكب الشرق»

فيلمون وهبي يغني في القدس عام 1946  -  أسمهان في زيارة لإذاعة القدس
فيلمون وهبي يغني في القدس عام 1946 - أسمهان في زيارة لإذاعة القدس

قليلون في العالم عربي يعرفون أن المطرب المصري الشهير محمد عبد المطلب، انطلق من القدس، بعد أن كان أحد أعضاء «الكورال» في فرقة محمد عبد الوهاب، قبل أن يشتهر في القاهرة بعد ذلك، وهو ما أكد عليه في حديث إذاعي مسجل له، بقوله: «بدايتي الفنية كانت في فلسطين قبل أن أشتهر في القاهرة».
وقلة فقط ربما يعلمون حكاية الأغنية التي كانت وراء شهرة فريد الأطرش، وأعني «يا ريتني طير وأطير نحوك»، فهي من ألحان الفلسطيني يحيى اللبابيدي، وكان منحها لإيليا بيضا، ولكن عندما سمعها بصوت فريد الأطرش، منحه إياه، وكانت نقطة انطلاقه إلى النجومية على المستوى العربي.
أما اللبنانية لور دكاش، فسجلت أغنيتها الشهيرة «آمنت بالله» في استوديوهات بمدينة يافا، في حين كان لكل من المطربة منيرة المهدية، ومحمد عبد الوهاب، وكذلك أم كلثوم التي لقبت بـ«كوكب الشرق» في حيفا، زيارات متكررة إلى يافا والقدس وحيفا، ولهم تسجيلات كثيرة، خاصة في استوديوهات يافا والقدس، وكان ذلك قبل نكبة عام 1948.
هذا غيض من فيض المعلومات التي كشفها نادر جلال، مسيّر مؤسسة «نوى» للتنمية الثقافية، وتعنى بـ«النبش» عن التراث الموسيقي الفلسطيني والعربي في فلسطين، وبالتحديد في مرحلة ما قبل النكبة، وإعادة الحياة إليه، عبر إصداره في أسطوانات تقدمها الفرقة التي تحمل اسم المؤسسة، وتضم أكثر من ثلاثين عازفا وعازفة، ومطربا ومطربة، من مختلف أنحاء فلسطين، كما كان الحال عليه في أسطوانتي «روحي الخماش» و«محمد غازي»، وقدمتهما الفرقة في عروض حية أكثر من مرة في الكثير من المدن الفلسطينية.
وكان مسرح الحمراء في يافا، وفق جلال، يستضيف عروضا فنية عربية بارزة، كونه يتميز باتساع مساحته، وبنيته التحتية المهيأة للعروض الجماهيرية، إضافة إلى عروض أفلام كفيلم «نشيد الأمل» لأم كلثوم. فالعروض الموسيقية لكبار الفنانين العرب وخاصة المصريين، وكذلك الأفلام، كانت تنطلق في القاهرة، وتكون محطتها الثانية فلسطين (يافا، أو حيفا، أو القدس)، مستعرضا صورا تدلل على ما أدلى به.
وقال، في ندوة ضمن فعاليات أسبوع الاحتفال بيوم الكتاب العالمي في مدينة رام الله: شهدت فلسطين، ما قبل النكبة، نموا في أكثر من مجال على صعيد التنمية الفنية، كتأهيل الموسيقيين، حيث كانت إذاعتا «هنا القدس» و«الشرق الأدنى»، ترسلان العاملين في فرقهما المتنوعة للدراسة في معهد فؤاد الأول في القاهرة، ومنهم: روحي الخماش، وحليم الرومي، ورياض البندك، ويحيى السعودي، ويحيى اللبابيدي، ومحمد غازي، وغيرهم، لينهوا دراستهم هناك، ومن ثم يعودون للارتقاء بمستوى فرق الإذاعات. ففي القدس وحدها كانت هناك ثلاث فرق أوركسترالية، غير فرق الموسيقى العربية، والفرق التي تقدم الموسيقى الغربية بتنوعاتها.
وتشتت الموسيقيون الفلسطينيون والعرب العاملون في إذاعتي هنا القدس والشرق الأدنى، كما حال الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني، عقب الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 (النكبة) إلى الأقطار العربية المجاورة، وإلى أقطار في أوروبا وغيرها، وساهم الكثير منهم في نهضة المشروع الموسيقى لتلك الدول، لافتا إلى أن النكبة أتت لتطيح بهذا المشروع الموسيقي النهضوي في فلسطين.
وضرب جلال مثالا على ذلك، المنتج والمخرج الفلسطيني صبري الشريف، وكان مسؤولا عن القسم الموسيقي في إذاعة الشرق الأدنى بيافا مطلع أربعينات القرن الماضي، وخرج بأهمية الانطلاق من التراث الشعبي الفلسطيني وتراث المنطقة وإعادة توزيعه أوركستراليا، مستفيدا من التجربة الأوروبية، فاستقدم مدحت عاصم وعبد الحليم نويرة من مصر، وقدم عملان في هذا الإطار، واعتبرهما إلياس سحاب بداية المسرح الغنائي في فلسطين، الذي استكمل فيما بعد ببيروت، عبر تجربة الشريف مع الأخوين رحباني، وأخرج الكثير من أعمالهما بمشاركة فيروز، وفيلمون وهبي، وزكي ناصيف، وغيرهم، فخصص جزءا من موازنة إذاعة الشرق الأدنى للأخوين رحباني، لتقديم تجارب موسيقية تنسجم ورؤيته التي انطلق فيها بعملين من يافا، بل إنه كان وراء تأسيس مهرجانات بعلبك، وكان مدير الإنتاج لفرقة الرحابنة حتى نهاية سبعينات القرن الماضي.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.